تتجلى الأهمية الكبرى للغة في كونها الخزان الذي يجتمع فيه ثقافة جماعات بشرية معينة خلال مراحل عديدة تمتد لآلاف السنين من عمرها التاريخي والحضاري. كما تكمن أهمية اللغة في ارتباطها الوثيق بالعقل، فهي تَعْبير عن معاناة ذهنية ترتبط بمرحلة تطور الذهن، وكذلك فهي القناة التي تُتَرْجم من خلالها المشاعر الفردية تجاه العالمين المادي والميتافيزيقي/الماورائي المحيط به. لأهمية اللغة العظمى، رأينا من الضروري الالتجاء اليها، علّها تفتح لنا بعض الدروب وتلقي الضوء على جزء من تاريخنا المغيب والمشوه، سواء عمداً أو من دون قصد، وتساعدنا في انتشال بعض رواسب موروثنا الفكري والثقافي المنثور كالطحين بين أكوام من القش!.
تطبيقاً لهذ المنهج، قمنا للفترة من 2 حزيران/2020 إلى 8 تموز/2020 بكتابة ونشر خمس حلقات تحت عنوان: “جذور بعض الكلمات القديمة” المتداولة بين الايزيديين بشكل خاص، وكان من جملة الكلمات التي تمت تناولها هي (زمزم- كوركوركي-كا/الثور-هورو/هورى-آدو-آودي-عزيز-مادو-شنكال-قوال-سيتو/سينو- خرتو- محراب-هيكل- رشو- جندي-هكار- دا/دايك- باب- آمين-مجيور- سَمَا – شمو).
في هذه الحلقة أتوقف أكثر عند كلمة (شمو) المستخدم عند الايزيدية لوقتنا الحالي كاسم للذكور و (شمى) للنساء. لقد عُبد إله الشمس (شمو) عند الشعب العيلامي (ايلامي) القديم الذي سكن في جنوب شرق آسيا، بمنطقة الأهوار في جنوب بلاد الرافدين، وكذلك في القسم الجنوب الشرقي من إيران الحالية، إلى جانب عبادة الإله (شو) و (شي). وفي الطرف الآخر من قارة أفريقيا‘ كان المصريون القدماء (الفراعنة) يحتفلون بعيد رأس السنة المسماة عندهم (شمو) أو كانوا يطلقون عليه (شم النسيم)، وهو نفسه عيد رأس السنة (زاكموك) السومري و(أكيتو) البابلي، و (نوروز) الهندو-ايراني و(سَرسال) الايزيدي. كما هو معروف يلعب الإله السومري (دوموزي) والبابلي (تموز) والايزيدي (تاووس ملك) مع (انانا) السومرية و (آشتار) البابلية الدور الأساسي في هذه المسرحية الكونية المرتبطة بالطبيعة والتغيرات المناخية المرتبطة بالشمس والقمر، وتعاقب الزمن وفصول السنة ارتباطاً مع العملية الزراعية (حبة القمح) التي تمثل في جانبها الطبيعي عملية الحياة والموت.
• ماشو- Mashu Masho:
مازال هذا الاسم يستخدم بشكل ملحوظ بين النساء الايزيديات. ولا يستبعد أن يكون الاسم (مرشو Marsho- Mersho- Mershu) المستخدم للذكور من نفس جذر كلمة (ماشو).
يأتي ذكر (ماشو) كاسم جبل اسطوري في اللوح التاسع من ملحمة جلجامش. (ماشو) هو مدخل ومخرج (إله الشمس) نهاراً وليلاً، ذلك الجبل الذي يحرسه أناس لهم شكل العقارب. يصل جلجامش هذا الجبل بعد أن يقطع البوادي والقفار باحثاً عن سرّ الحياة لدى (اوتنابشتم) الانسان الخالد الوحيد الذي استطاع أن ينجو من الطوفان/الموت. (د. اذزارد، م.هـ. بوب، ف. رولينغ، قاموس الآلهة والاساطير في بلاد الرافدين “السومرية والبابلية” وفي الحضارة السورية “الاوغاريتية والفينيقية” ص91)
• مَمْمو Mammo-Memmu
يستخدم اسم (ممو) (بفتح الميم الأولى وتشديد الثانية- مَمّو)) للذكور لدى الايزيدية لوقتنا الحاضر، ويعتبر (مَمّو) رسول أو وزير الإله الموغل في القدم (أبزو) ويعني “نظام الكون العاقل” حيث كان حينذاك لكل الآلهة الكبيرة رسلاً أو وزراء يقفون إلى جانبها ويشدون أزرها، وينفذون أوامرها ويؤدون المهام المكلفين بها، وكان سفراء الآلهة الذكور ذكوراً وسفراء الآلهة الإناث إناثاً. كما أن (مَمّو) هو من ألقاب الإله (إيا-إنكي) بمعنى “الإله الخالق” . كما أن (موممو) صفة من صفات الإله مردوخ عندما يقوم بعملية الخلق. (د. اذزارد، م.هـ. بوب، ف. رولينغ، قاموس الآلهة والاساطير في بلاد الرافدين، نفس المصدر السابق، ص 100 و130)
الحلقات القادمة سوف تتناول جذور الأسماء التالية: رفو- شامو- نَمو- نينى- حانى- آدو- فتاح- اوسو- خالدي- شيخو- سيتو)
من بەھوارا شەم ژ ڕۆژا شەمبوێ ھاتیا ناڤێت ئێزیدیا گەلەک .ژ ناڤێت دارا و کەسکیی ھاتینا