الأميركيون أجبروا الصينيين على ركوب السفن والرحيل عن مدينة سياتل
خلال النصف الثاني من القرن 19، شهدت الولايات المتحدة الأميركية المئات من أحداث العنف العرقية التي طالت المهاجرين الصينيين بالبلاد.
فخلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1849 و1906، أحصت ولاية كاليفورنيا وحدها ما يزيد عن 200 عملية عنف ممنهجة ضد المهاجرين الصينيين المقيمين بالمنطقة. وقد أسفرت هذه الأحداث خلال فترة وجيزة عن تهجير ما يزيد عن 20 ألف صيني أجبروا على ترك منازلهم للعيش بولايات أخرى أميركية أكثر أمانا.
وأملا في القضاء على مثل هذه الأحداث مستقبلا، اتجهت السلطات الأميركية لسن قوانين للحد ممن نسبة المهاجرين. وتدريجيا، توسعت هذه القوانين لتمنع على مدار عقود هجرة الآسيويين، خاصة الصينيين، للولايات المتحدة الأميركية.
خوف من المهاجرين الصينيين
وسنة 1822، أقرت حكومة الرئيس الأميركي تشستر آرثر (Chester A. Arthur) قانون استبعاد الصيني الذي أمر بوقف هجرة الصينيين للبلاد لمدة 10 سنوات وحرم الصينيين المقيمين على الأراضي الأميركية من حق الحصول على الجنسية. وبناء على تقارير تلك الفترة، جاء هذا القانون لمجاملة السكان البيض وتهدئتهم عقب تزايد أعمال العنف العرقية بالبلاد. فضلا عن ذلك، تخوّف الأميركيون من تأثير هذا القرار على تجارتهم ومعاهداتهم مع الصين. ولهذا السبب، قدّم الجانب الأميركي ضمانات للصين وحددوا مدة قانون عام 1882 بعشر سنوات فقط.
إلى ذلك، تخوّف عدد كبير من الأميركيين من إمكانية فشل هذا القانون في وقف تدفق الصينيين على البلاد. فضلا عن ذلك، عبّر آخرون عن سخطهم من سرعة تكاثر الصينيين وأكدوا على قلقهم من إمكانية تحوّلهم لأغلبية بالمدن. ولهذا السبب، لجأ البيض الأميركيون للعنف لإرهاب الصينيين وطردهم من المدن. وبالعديد من المرات، عمد الفلاحون الأميركيون لمهاجمة عمال المناجم الصينيين. فبمنطقة وادي سكاك (Sqak Valley) بأراضي واشنطن، ولاية واشنطن المستقبلية، بالشمال الغربي للبلاد، تسلح الأهالي يوم 7 سبتمبر 1885 بالبنادق واستهدفوا الخيم التي تواجد بها عمال المناجم الصينيون متسببين في مقتل وإصابة العشرات.
طرد من المدن وقانون جديد
وطيلة الفترة التالية، تواصلت أعمال العنف ضد الصينيين بأراضي واشنطن. فيوم 28 سبتمبر 1885، اجتمع أعضاء منظمة فرسان العمل بواشنطن لمناقشة المسألة الصينية. وبقيادة العمدة جاكوب ويسباخ (Jacob Weisbach)، منح المجتمعون الصينيين المقيمين ما بين مناطق مدينتي تاكوما (Tacoma) وسياتل (Seattle) مهلة لحدود مطلع شهر نوفمبر 1885 للرحيل عن المنطقة.
ويوم 3 نوفمبر من نفس السنة، تسلّح المئات من البيض الأميركيين بالعصي والبنادق واتجهوا، بقيادة العمدة جاكوب ويسباخ، نحو مدينة تاكوما لطرد 300 صيني رفضوا الرحيل.
بالتزامن مع وصولهم، منح المسلحون الأميركيون الصينيين بضع ساعات لجمع ما تبقى من أغراضهم قبل اقتيادهم لمناطق كانت تبعد نحو 9 أميال عن المدينة. وهنالك، أجبر الصينيون على مواصلة طريقهم، سيرا على الأقدام، نحو مدينة بورتلاند. لاحقا، اتجه المسلحون لإحراق الأحياء الصينية بتاكوما وأنهوا وجود الصينيين بها نهائيا.
وخلال شهر فبراير 1886، امتدت أعمال نحو مدينة سياتل. فعلى الرغم من رحيل 150 منهم بالفترة الماضية، تعرض نحو 400 صيني لهجوم قاده الأميركيون البيض. وقد نقل الصينيون حينها بالقوة نحو الميناء أين احتجزوا لأيام قبل أن يجبروا تحت وطأة التهديدات على ركوب سفن قادتهم نحو مناطق أخرى بالجنوب الغربي للولايات المتحدة الأميركية.
أملا في الحفاظ على العلاقات التجارية مع الصين، وافق الكونغرس الأميركي على تقديم تعويض قدرت قيمته بنحو 250 ألف دولار للصين لم يحصل المهجرون الصينيون على أي دولار منه. ولإرضاء الأميركيين البيض ووقف أعمال العنف، مرر الكونغرس قانون سكوت (Scott Act) عام 1888 الذي جاء لينضاف لقانون عام 1882 ويحد من دخول الصينيين للبلاد.