ذكر تحقيق أجراه خبراء دوليون تابعون للأمم المتحدة أن تنظيم داعش الإرهابي كان قد جرب أسلحة كيماوية على سجناء عراقيين لمعرفة مدى فعاليتها، وذلك وفقا لما ذكرت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية.
وكانت تقارير بشأن استخدام داعش للأسلحة الكيماوية قد ظهرت في وقت مبكر من عام 2015، وعبر مسؤولو المخابرات الأميركية والعراقية في حينه عن قلقهم البالغ من أن تنظيم داعش يسعى بنشاط لتطوير هذا النوع من الأسلحة.
وأكد المسؤولون في حينه أن التنظيم يحاول الحصول على مساعدة من علماء من العراق وسوريا وأماكن أخرى في المنطقة لفتح مركز لبحوث وتجارب الأسلحة الكيماوية والبيولوجية.
وبحلول أواخر عام 2016، نفذ تنظيم داعش هجمات احتوت على مواد كيماوية، بما في ذلك الخردل والكلور والكبريت، 52 مرة على الأقل في سوريا والعراق، وفقا لتحقيق نشره مرصد الصراع التابع لمركز أبحاث (آي إتش أس) ومقره لندن.
وأشارت نتائج التحقيق الجديد إلى التجارب التي أجراها تنظيم داعش على رهائن ومعتقلين عراقيين بعد سيطرته على مدينة الموصل في العام 2014 لم تكن معروفة سابقة.
وبدأت تلك الأبحاث عندما بدأ التنظيم المتطرف باستخدام جامعة الموصل مركزا لأبحاث وتجريب أنوا ع جديدة من الأسلحة، بحسب التقرير الصادر عن لجنة عينها مجلس الأمن الدولي، والذي أشار إلى بعض السجناء العراقيين قد لقوا حتفهم جراء تلك التجارب.
من الثاليوم إلى النيكوتين
وفحص المحققون تقارير عن تعرض السجناء للثاليوم، وهي مادة كيميائية شديدة السمية تُستخدم تاريخياً كسم للجرذان، وكذلك مادة النيكوتين الذي يعتبر مميتاً إذا جرى استخدامها بجرعات عالية.
كما أشار التقارير إلى الجهود التي بذلها داعش لتصنيع غاز الكلور وخردل الكبريت (غاز الخردل) الذي استخدم في الحرب العالمية الأولى لقتل وتشويه آلاف الجنود.
وظهرت الأدلة الجديدة على استخدام الجماعة الإرهابية الأسلحة الكيماوية على مدنيين من خلال فحص أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة لعناصر تنظيم داعش الذين جرى قتلهم أو اعتقالهم.
وقال التقرير: “الأدلة التي تم الحصول عليها بالفعل تشير إلى أن داعش اختبر مواد بيولوجية وكيميائية وأجرى تجارب على السجناء مما تسبب في مقتل عدد منهم”.
ولا يعرف الكثير عن الأبحاث التي أجراها داعش لصناعة أسلحة كيماوية وبيولوجية لاستخدامها في عمليات وهجمات إرهابية في مناطق مختلفة من العالم.
بعد سيطرته على مناطق شاسعة شمالي العراق في عام 2014، استولى مسلحو داعش على كميات كبيرة من الكلور من محطات تنقية المياه قبل أن يستخدمو الكلور في هجمات بالغاز السام ضد المقاتلين الأكراد والجيش العراقي والمدنيين.
“إرث صدام”
في وقت لاحق، جند داعش عدد من العلماء والمهندسين الذين كانوا يعملون في مصانع أنشأها نظام صدام حسين، لمساعدة التنظيم على إنتاج غاز الخردل باستخدام مختبرات جامعة الموصل كمركز أبحاث.
وأكد المحققون الدوليون أن داعش نجح نجاحا جزئيًا في تصنيع نوعية سيئة من غاز الخردل ليستخدمه عبر قذائف المدافع التي كانت بحوزته.
ويعتقد بعض الخبراء أن جودة غاز الخردل التي صنعه داعش ربما تكون تحسنت مع مرور الوقت بفضل كبار علماء برنامجه الكيماوي الذين قضوا أو ألقي القبض عليهم في عامي 2015 و 2016، عقب غارات شنها التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة في العراق.
وفي تعقيبه على نتائج التحقيق الدولي، قال ريتشارد بيلش، مدير برنامج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار في مونتيري بكاليفورنيا: “أشار التقرير إلى زيادة طفيفة في قدرات داعش، وحال ثبتت صحة تلك المعلومات فإن ذلك يتطلب تغييرات في إجراءات حماية القوات الأميركية المنتشرة في المنطقة”.
تجدر الإشارة إلى أن نتائج التقرير الأممي بشأن أسلحة داعش الكيماوية هو جزء من تحقيق أشمل شمل الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها التنظيم الإرهابي، بما في ذلك جرائم اغتصاب وقتل وبحق الأقلية الإيزيدية وإعدام آلاف الجنود العراقيين والطلاب العسكريين وضباط الشرطة الذين جرى أسرهم عقب اجتياح التنظيم لشمالي العراق في عام 2014. .
وقال رئيس التحقيق، كريم أسد أحمد خان ، لأعضاء مجلس الأمن إن لجنته وجدت “أدلة واضحة ومقنعة” على جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها تنظيم الدولة، وخاصة ضد الأقلية الإيزيدية في العراق”.
ولفت إلى أن قائمة الجرائم الموثقة تضمنت “القتل والتعذيب والمعاملة القاسية والاعتداء على الكرامة الشخصية”.