عملية اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني *حدد الموقف المبدئي الوطني من عمل الحكومة والمنظومة الأمنية ومن المشاركة في الانتخابات القادمة باعتبار أن الذهاب الى الانتخابات المزمع اجراؤها يجب أن يكون في أجواء أمنية سليمة ولتأمين حماية المواطنين من الميليشيات المرتبطة والتي تنفذ أجندة خارجية من خلال الاغتيالات السياسية لأصحاب الكلمة الحرة من الإعلاميين والمثقفين وضد الناشطين في الانتفاضة.. الاغتيال السياسي جريمة تندرج تحت طائلة الجرائم التي ضد الإنسانية لما تحمله من عنصرية وفاشية وكراهية لمجرد الاختلاف بالفكر والعقيدة والأيدلوجية وهذه الظاهرة تبنتها الجبهة القومية العربية وفي مقدمتها حزب البعث العراقي الذي وسعها وتفنن في طرق تنفيذها حتى طالت كل الذين يختلفون في الرأي او يعارض سلمياً نهجه اللاوطني الذي تميز بالعداء للقوى الديمقراطية معللا نهجه المدمر بالوحدة العربية مع العلم أنه ظهر خلال مسيرته السياسية والاستيلاء على السلطة بالانقلابات العسكرية وأنه ليس بالضد منها فحسب، بل عمل بكل ما بوسعه للشقاق والتفرقة والوقوف ضد الوحدة ولم تشهد الفترة الملكية ظاهرة الاغتيال السياسي بهذه السعة و الشكل اللاأخلاقي والمرتبط بقوى خارجية تتآمر على أمن البلاد واستقرارها وخلق حالة من عدم الثقة والرعب والخوف، وظاهرة الاغتيالات السياسية كما اشرنا ولقد مارسها حزب البعث العراقي وحلفائه القوميين وكانت الموصل ساحة لتحركاتهم فاستشهد المئات من الشيوعيين والديمقراطيين وحتى المستقلين الذي وقفوا دفاعاً عن ثورة 14 تموز 1958 لا بل راح ضحيتها حتى الأبرياء من العرب والكرد والكلدواشوريين والتركمان وغيرهم ، وانتقلت الظاهرة الى العاصمة بغداد ولكن ليس بكثافة الموصل التي كانت الضحية الأولى للانتقام القومي المتطرف بالرجعية الداخلية والخارجية والتبعية الاستعمارية، هذه الظاهرة أصبحت كالقانون تحت رعاية الدولة البعثية بعد انقلاب 8 / شباط / 1963 فاغتيل كبداية للاغتيال في بيته قائد القوة الجوية جلال الأوقاتي برصاص البرابرة الجدد، واغتيل في مبنى الإذاعة وعرضه التلفزيون الرسمي ، الزعيم عبد الكريم قاسم ووصفي طاهر وعباس المهداوي وعبد الكريم الجدة، واغتيل عشرات الشيوعيين والديمقراطيين عن طريق نصب المشانق واطلاق الرصاص والتعذيب حتى الموت كمثل الشهداء سلام عادل وجمال الحيدري وعوينة والعبلي وعبد الجبار وهبي وحمزة سلمان وغيرهم من الضباط العسكرين ، وبقت سياسة الاغتيالات السياسية مستمرة حتى بعد استلام السلطة من قبل بعث العراق للمرة الثانية في 17 / تموز / 1968 وخلال حكمه 35 عاماً وهي حقبة مملوءة بالدم والعذاب ، بالقتل والاغتيال، بالسجن والاعدام، بالتعذيب واستخدام السم والكهرباء وتقطيع الأجزاء، وعندما سقط الطاغوت الملطخة يده وصحبة بدماء آلاف العراقيين لم تجر محاسبتهم إلا على جريمة الدجيل ونسيت باقي الاغتيالات والجرائم الكبرى كجرائم بحق الانسانية . إن تلك الحقائق التي عاشها وشهدها أو من قرأ عنها سجلها التاريخ كوصمة عار بجبين القتلة المجرمين وكان المفروض بعد سقوط حكمهم أن تجري بشكل عادل ومفصل للجرائم التي ارتكبت بحق الشعب وفي مقدمتها الجرائم ضد الشيوعيين والكرد والانفال والكلدواشورين والتركمان وجميع المكونات العراقية وما جرى من حروب داخلية وخارجية دفع العراقيون ثمناً من حياتهم وعائلاتهم لا يقدر بثمن، وبدلاً من إنصاف الضحايا والشهداء تصارعت القوى المتنفذة على المكاسب والمطامح في الوصول الى أكبر قدر من الغنائم عن طريق الاستيلاء على الممتلكات وقصور ما يسمى ” قصور صدام” وعلى الأموال العامة مما خلق مافيات الفساد التي سرقت ملايين الدولارات من قوت الشعب، وما حدث بعد ذلك يكون في مصاف اساطير سطرتها الحكومات المتعاقبة على الحكم بقيادة القوى الطامحة بمزيد من الدمار والخراب غير مكترثة بمئات الضحايا من الإرهاب والميليشيات الطائفية، وبشهداء الانتفاضة التشرينية وشهداء القوى الوطنية الديمقراطية، وبدلاً من ان تقوم الحكومات العراقية بعد مجلس الحكم بواجبها في حماية المواطنين فيما يخص الكشف عن المجرمين والجهات التي شاركت وما زالت تشارك في خلق الفوضى واستخدام الصواريخ وكاتم الصوت للاغتيالات لكن ذلك لم يحدث بشكل قانوني ووطني ولا تم تحقيق العدالة المنشودة في كشف الحقيقة وعادت جرائم الاغتيال جديدة وعلى المكشوف دون أي رادع قانوني او أمني هذا الحاصل كشفَ بما لا يقبل الشك ما تقوم به الميليشيات المسلحة المسيرة والمرتبطة بالخارج، جميع الحكومات السابقة تعرف هذه الحقيقة ولم تحرك ساكناً بل أغمضت عينيها عن أكثرية الجرائم التي ارتكبتها هذه الميليشيات المسلحة بسبب المحاصصة وتأثيرات القـوى الخــــارجية وتدخلاتها في الشؤون الداخلية.. في هذا الاتجاه نحنُ لا نهدف كيل الاتهامات جزافاً لرئيس الوزراء السيد مصطفى الكاظمي وحكومته لكن على ما ثبت أن موضوعة الاغتيالات لم تختلف لا مظهرا ولا جوهراً عن ما سبقها، وما اغتيال الناشطين المدنيين إلا دليل على ما تكلل في استشهاد الناشط المدني إيهاب الوزني بمحافظة كربلاء في سلسلة الاغتيالات واستكمالاً للمخطط حادثة استشهاد هشام الهاشمي وكامل شياع وشهيدات وشهداء الانتفاضة بالعشرات وذنبهم الوحيد المطالبة بحقوقهم المشروعة في العمل والاستقرار الأمني واجراء انتخابات عادلة وهذا ما أكدته بلاسخارت ممثل الأمين العام 11 / 5 / 2021 بالقول “الانتخابات مطلباً أساسياً للحركة الاحتجاجية، إلا أن العديد من أعضائها لا يزالون يتعرضون للاضطهاد في ظل تفشي الإفلات من العقاب. ويعتبر اغتيال الناشط البارز إيهاب جواد الوزني منذ يومين على يد مسلحين مجهولين أمام منزله في كربلاء مثالاً مأساوياً آخر على ذلك” هذا المثال دفع العديد من التنظيمات السياسية والبعض من الشخصيات الوطنية والحزب الشيوعي المطالبة بالكشف عن الجناة المجرمين وإلا لن يخوضوا الانتخابات القادمة ، وأكدت اللجنة المركزية للحزب بتاريخ 9 / 5 /2021 ” اكشفوا قتلة إيهاب الوزاني ومن يقف وراءهم وحاسبوهم فلا مشاركة في الانتخابات من دون ذلك” وهو موقف صريح وواضح يقف خلفه كل الشرفاء والوطنيين في داخل البلاد وخارجها، وعلل ذلك بعمليات الاغتيالات المستمرة هدفها تقويض الوضع الأمني وبداية لتزوير الانتخابات لصالح القوى المتنفذة والميليشيات التابعة لقوى خارجية، من جهة أخرى أدانت المفوضية لحقوق الانسان اغتيال الناشط المدني إيهاب الوزني في محافظة كربلاء وطالبت رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة بحماية الناشطين والعاملين في الاعلام وقالت المفوضية ” وجود ضعف بالمنظومة الأمنية في حماية الناشطين، مما أضطر العديد منهم لمغادرة العراق، والمتبقي منهم أصبحوا فريسة لهذه الحوادث المأساوية”.، هل الاشارة الى ضعف الأجهزة الأمنية صحيح؟ ام هناك خرق لهذه الأجهزة التي تقف بشكل سلبي من اعتقال الجناة من الميليشيات؟ وهم معروفين ليس في اغتيال إيهاب الوزني فحسب، بل أكثرية الاغتيالات وعمليات الخطف دون تقديم1% من الجناة للعدالة ويؤكد هذا تسجيل مصور ما قاله الشهيد إيهاب مخاطباً رجل أمن من شرطة كربلاء “أحملكم المسؤولية كاملة.. أنا رجل مهدد اليوم، أعطيت الأسماء في حال قتلي”. وأضاف في التسجيل على المسؤولية التي تقع على عاتق الأجهزة الأمنية مطالباً الحماية لجميع المتظاهرين وشدد بالقول ” إذا ما استطعتم حمايتهم تنحوا واتركوا المجال لكفاءات أخرى في البلد قادرة على حماية أمن كربلاء وأبنائها”. إذن الاسماء عند الأجهزة الأمنية وشرطة كربلاء وعسى ولعل أن تقوم هذه الأجهزة باعتقال المجرمين أم أنها ستقول ان أماكنهم غير معروفة، وفي الاعتقاد الرائج كما هو في السابق أن المجرمين أصبحوا عند الجارة إيران معززين مكرمين!!
في هذه الظروف المعقدة تقف العملية الانتخابية على مفترق الطرق اذا لم تباشر الحكومة بتطبيق القانون لقطع دابر الاغتيالات والكشف عن المجرمين ومن وراءهم فلن نشهد أي تغيير او إصلاح للأوضاع، أو غض النظر مما يجعل نتائج الانتخابات معروفة ولن يطرأ التغيير المنشود على سير العملية الديمقراطية وإنهاض البلاد على أسس وطنية واضحة ، الاغتيالات والميليشيات التي تقوم بها في كفة، والقانون والأمن والاستقرار ولجم قوى الإرهاب والميليشيات الطائفية المرتبطة بالخارج في كفة ثانية، فأي كفة ستكون منقذاً للوضع العام في البلاد؟
* قالت والدة إيهاب الوزني: أين الحكومة من الاغتيالات المتتالية ؟ أين الذين قتلوا هاشم الهاشمي؟” نضم اصواتنا وأقول اين الذين قتلوا كامل شياع والمئات من شهداء الانتفاضة وغيرهم؟