تونس الخضراء عروس بحر الأبيض المتوسط، دولة صغيرة في مساحتها الجغرافية، لكن كبيرة في عطائها وإنجازاتها ومواقفها المشرفة، لقد لعبت أدواراً هامة في تاريخها القديم والحديث، وهي التي سميت قارة إفريقيا على اسمها القديم. لكن للأسف الشديد خلال مسيرته السياسية الطويلة وقع رئيسها الراحل (الحبيب بورقيبة) في زلة تاريخية لا زالت شاخصة إلى الآن، ولا تمحى إلا بمحو تلك المسمى… من الوجود، إلا وهو اسم السفاح الطوراني المدعو مصطفى كمال أتاتورك، الذي أطلقه على إحدى شوارع تونس العاصمة!!!. كيف بدولة عريقة وشعب متحضر ناضل وقدم الغالي والنفيس من أجل انعتاقه من قيود الاحتلال والعبودية يطلق اسم إنسان دموي على إحدى شوارعها؟؟؟!!! إلا يعرف شعب تونس الأبي ورئيسه السابق والحالي أن المدعو مصطفى كمال أتاتورك قتل الآلاف من الشعب الكوردي المسلم بدم بارد!!، واحتل شمال وطنهم كوردستان بالحديد والنار، وهجر الآلاف منهم من شمال كوردستان الذي يتاخم جنوب ما تسمى بتركيا إلى غربها، ومات الكثير من الأطفال والنساء والشيوخ في الطريق إلى منفاهم التركي. كما يعلم كل داني وقاصي على كوكبنا الدوار، أن الاحتلال التركي الطوراني البغيض الذي قام به أتاتورك لشمال كوردستان لا زال جاثماً على صدر الشعب الكوردي المسلم والمسالم، الذي جعل الشخصية العالمية (نلسون مانديلا) يرفض جائزة مصطفى كمال أتاتورك عام 1992. لقد سأل أحد الصحفيين مانديلا: عن سبب رفضه لجائزة أتاتورك. رد عليه مانديلا: حاول أن تكون كردياً ساعة واحدة ثم أخبرني عن شعورك وستعلم لماذا رفضت جائزة أتاتورك. وقبل نلسون مانديلا بعقود كتب الزعيم الهندي (جواهر لال نهرو) أول رئيس وزراء للهند إلى كريمته (أنديرا غاندي): أستغرب كيف أن الأتراك يقمعون بوحشية الشعب الكردي الذي يناضل من أجل حريته؟. وفي هذه الأعوام القريبة رفض عدد من رؤساء الجمهورية الإسلامية في إيران كهاشمي رفسنجاني، وأحمدي نجاد، وحسن روحاني زيارة قبر مصطفى كمال أتاتورك مؤسس جمهورية تركيا الطورانية كما رسم حدودها معاهدة لوزان التآمرية، ومن هؤلاء الرؤساء من خالف البروتوكول ولم يزر العاصمة أنقرة حتى لا يزور قبر المطمور أتاتورك… . لكن للتاريخ أقول، أن هؤلاء رؤساء إيران هم أيضاً أجرموا بحق الكورد في شرقي كوردستان. عزيزي القارئ الكريم، عندما رأى رئيس الكيان التركي الحالي رجب طيب أردوغان أن أهم شخصيات العالم ورؤساء الدول والمفكرين يدينون ما قام به مصطفى كمال أتاتورك ضد الكورد وغيرهم قدم في 23 11 2011 اعتذاراً رسمياً نيابة عن الجمهورية التركية عن إحدى المذابح التي ارتكبتها تركيا الكمالية ضد الشعب الكوردي إلا وهي مجزرة درسيم في شمال كوردستان والتي ارتكبت في عهد أتاتورك وراح ضحيتها عشرات الآلاف من الأبرياء الكورد. لقد وصفها أردوغان بأنها واحدة من أكثر الأحداث المأساوية في تاريخ تركيا. إلا أن رجب طيب أردوغان هو نفسه أيضاً قام وما زال يقوم بجرائم عديدة ضد الكورد فاقت ببشاعتها جرائم أتاتورك، وتعداها إلى خارج حدود تركيا السياسية التي خطها معاهدة لوزان، أعني إلى غرب كوردستان (سوريا) وجنوب كوردستان (العراق). هذه هي تركيا الطورانية يا نساء ورجال تونس الحبيبة. كيف تقبلون لأنفسكم بتسمية إحدى شوارع عاصمتكم باسم شخص أنهى الخلافة الإسلامية عام 1924، وغير أبجدية تركيا من العربية إلى اللاتينية، وغير العطلة الأسبوعية من يوم الجمعة الإسلامية إلى يوم الأحد، ومنع الحجاب، وترجم الآذان من العربية إلى اللغة التركية، وبدل العمامة و الطربوش بالقبعة؟ ونادى بالعرق الطوراني القادم من آسيا الوسطى الخ الخ الخ هذا هو مصطفى كمال أتاتورك يا دكتور (راشد الغنوشي)، يا حركة النهضة الإسلامية. هذا هو أتاتورك يا السيدة المحترمة (عبير موسي) رئيسة الحزب الدستوري الحر، الحزب الذي للأسف الشديد رئيسه (الحبيب بورقيبه) في شطحة ما أطلق اسم السفاح مصطفى كمال أتاتورك على إحدى شوارع العاصمة تونس!!!. أحبائي التوانسة، ليس هذا فقط، بل حتى علم دولة تونس يستحسن بأصحاب القرار أن يغيروه إلى علم آخر يناسب تضحيات الشعب التونسي ذو الجذور الأمازيغية النبيلة، لأنه علماً اتخذ في غفلة من الزمن تيمناً بالعلم التركي الملطخ بدماء الشعب الكوردي الجريح. ينبغي أن يكون لدولة تونس وشعبها المتحضر علماً يرمز إلى دورها الحضاري والحيوي في التاريخ.
صفوة القول: أنا مواطن كوردستاني بسيط، أتوجه بما سطرته أعلاه إلى أصحاب القرار في دولة تونس العظيمة أن ينصفوا شعب كوردستان الجريح ويرفعوا اسم السفاح مصطفى كمال أتاتورك على الشارع المذكور. بلا أدنى شك أن السياسيين التوانسة الكرام يعرفون جيداً أن بقاء الاسم المذكور أعلاه على ذلك الشارع يلوث اسم دولتهم الكريمة وشعبها الكريم في صفحات التاريخ.
سأعيش رغم الداء والأعداء .. كالنسر فوق القمة الشماء
16 05 2021