.
ولد معن نادر في مجمع يعرف بمجمع الفلسطينيين في منطقة بغداد الجديدة في العاصمة العراقية بغداد عام 1987، وطوال حياته لم يعرف سوى هذه المنطقة.
أصول معن الفلسطينية كانت سببا لاستهدافه من فصائل عراقية مسلحة في سنوات سابقة.
ويقول معن لموقع “الحرة” إنه هجر من المجمع السكني الذي كان يعيش فيه في عام 2011، بعد أن سيطرت عليه مجاميع عراقية مسلحة أفرغته من سكانه.
“كنا ندفع إيجارات رمزية” يقول معن، مضيفا “الآن نحن نعاني من الإيجار، كما أن الحكومة العراقية تهدد أحيانا بعدم تجديد إقاماتنا، ولا يمكننا الحصول على الجنسية العراقية بأي شكل”.
معن يتحدث عن حملة لتهجير الفلسطينيين والسوريين من منازل منحها النظام السابق لهم بدون مقابل، أو بأجور رمزية، لكنه لم يقم بتمليكها لهم.
أما علي حبش، وهو فلسطيني آخر مولود في العراق، يقول إنه ترك منزله أيضا في نفس المنطقة بعد استلامه “تهديدات طائفية بالقتل”.
ويضيف علي لموقع “الحرة” إن “التهديدات ذكر فيها إن “على الفلسطينيين الخروج من العراق وتحرير أرضهم”، كما ذكر فيها عبارات “طائفية وعنصرية”.
يعيش علي الآن في منطقة أخرى، ويقول إن “الفصائل التي أخرجته من منزله تظاهرت أمس في ساحة التحرير ببغداد” مستدركا “هذا غريب، غريب جدا”.
وينتقد عراقيون مواقف فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران، حيث تستخدم القضية الفلسطينية غطاء لتجاوزات ترتكبها بحق البلاد وأمنها.
وشهدت ساحة التحرير العراقية تظاهر الآلاف من مؤيدي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وعناصر في الميليشيات العراقية ومؤيديها، وآخرين مستقلين نددوا جميعا بالضربات الإسرائيلية على قطاع غزة.
مع هذا، يقول الصحفي العراقي، صالح الحمداني، إن التظاهر ليس غريبا، مضيفا لموقع “الحرة” إن التظاهرة تهدف إلى “حشد جماهيرهم، وللتغطية على سلاحهم الخارج عن سيطرة القائد العام للقوات المسلحة، ولإبراز العضلات، ولطرح أنفسهم كمقاومة إسلامية غاياتها القضايا العربية والاسلامية الكبرى وليس المنافذ الحدودية وميناء الفاو ومشاريع الدولة وابتزاز الشركات والاستيلاء على الأراضي والحقول النفطية”.
وخرجت التظاهرة تلبية لدعوة الصدر، وأحرقت فيها أعلام إسرائيلية ورفعت شعارات تتوعد إسرائيل بالقتال.
ويقول الصحفي الحمداني إن “من المستحيل أن تقاتل هذه الفصائل إسرائيل فعلا”، مضيفا أن “الفصائل العراقية صنعت من أجل إضعاف السلطة في العراق وليس لمحاربة إسرائيل”.
ويقول الخبير السياسي العراقي، مرتضى زهير، إن “الفصائل العراقية قائمة على فكرة إنها فصائل مقاومة، وهي تبحث عن أي فرصة للتذكير بهذا العنوان، والقضية الفلسطينية كانت دائما مناسبة للجميع لإثبات شيء ما”.
ويضيف زهير لموقع “الحرة” إن “المكاسب السياسية محدودة في العراق، لكن هم يكسبون بإظهار ولائهم لإيران، التي تجعل وكلائها يخوضون حروبا بالنيابة عنها من العراق إلى اليمن، بل والمغرب أيضا”.
ومع أن الفصائل والصدريين استطاعوا حشد الآلاف في تظاهرتهم إلا أن مستقلين شاركوا في التظاهرة يقولون إن وجود الميليشيات “أضعف التضامن مع القضية الفلسطينية”.
ويقول مصطفى السلامي، وهو أحد من تظاهر السبت في التحرير إن “المستقلين كانوا موجودين أيضا”، رغم أنه يعترف أن “التردد بانضمامهم إلى التظاهرة كان بسبب انضمام الجماعات المسلحة إليها”.
ويضيف السلامي لموقع “الحرة” أن “الشعارات التي رفعت وطريقة الاحتجاج تضعف موقف الفلسطينيين، بالتالي لا أحد يصدق أن الفصائل العراقية ستشترك فعلا في القتال، كل ما فعلوه كان شعارات تمجد قادتهم وبيانات معدة مسبقا”.
مع هذا، يقول السلامي “أردت أن أسجل موقفا، العراقيون يمتلكون موقفا متعاطفا مع فلسطين بالمجمل، وهذا أمر أساس لكل عراقي”.
ويقول الصحفي ليث ناطق إن “القضية الفلسطينية، خصوصا بعد 1976 تحولت إلى مجرد شعار ويافطة للأنظمة الديكتاتورية والحركات السياسية – المسلحة”.
ويضيف ليث لموقع “الحرة” أن “القضية تحولت إلى غطاء جيد لاستخدام هذا السلاح وممارسة الطغيان، كما يفعل حرس الثورة الايراني ممثلا بأذرعه المسلحة في العراق والمنطقة”.
ويعتقد ليث أن “القضية الفلسطينية قضية عدل وحق، وهاتان الصفتان لا تتناسبان مع الفصائل الاستعراضية العراقية”، مضيفا أن “طريق القدس لا يمر بساحة التحرير يا سيدي، ومن الممكن استعمال طرق التهريب التي تحرسها وترعاها الفصائل العراقية بين العراق وسوريا للعبور نحو القدس”.
وتقاتل عدد من الفصائل العراقية في سوريا، التي تمتلك حدودا مع إسرائيل، وتعرضت مقار بعضها ومقار ميليشيات أخرى مرتبطة بإيران، إلى قصف متكرر في سوريا -أحيانا من طائرات إسرائيلية.
وازدادت وتيرة التصعيد العسكري بين الفلسطينيين والإسرائيلين، والذي أودى بحياة العشرات من المدنيين، وتسبب في تدمير الممتلكات والبنية التحتية في غزة ومدن إسرائيلية.
والأحد،أكدت ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أن “للإسرائيليين والفلسطينيين الحق في العيش بأمان”.
وفي تغريدة لها، الأحد، قالت غرينفيلد إن “العنف الحالي حرم كلاهما من هذا الحق الأساسي”.