على أثر إعلان نص المعاهدة التي وقعها [صالح جبر ] مع[ارنست بيفن ] وزير الخارجية البريطاني اجتاحت البلاد موجة عارمة من الغضب الشعبي العارم ،ونشرت الأحزاب الوطنية في 18 كانون الثاني البيانات المنددة بالحكومة والمعاهدة ، وطالبت البيانات باستقالة حكومة صالح جبر، ورفض المعاهدة التي جاءت أقسى من معاهدة 1930 وأشد وطأة.
سارع طلاب الكليات والمعاهد العالية إلى إعلان الإضراب العام، وتشكيل [لجنة التعاون الطلابي] التي ضمت مختلف الاتجاهات السياسية والحزبية، وقامت المظاهرات الصاخبة في بغداد، ثم ما لبثت أن امتدت إلى مختلف المدن العراقية في 18 كانون الثاني، وتصاعدت موجة المظاهرات في اليوم التالي عندما انضم إليها العمال والكادحين من سكان الصرائف المحيطة ببغداد، والكسبة والمدرسين والمحامين وسائر طلاب المدارس الثانوية والمتوسطة، واتجهت المظاهرات إلى بناية مجلس النواب، وكانت الجماهير تنظم إليها خلال مسيرتها والكل يهتفون بسقوط الحكومة، وحلّ المجلس النيابي، ورفض المعاهدة .
سارعت الحكومة إلى إصدار بيان أذيع من دار الإذاعة هددت فيه بقمع المظاهرات بكل الوسائل والسبل وقد شكل البيان استفزازاً كبيراً لجماهير الشعب دفعهم إلى تحدي السلطة، وأعلن طلاب المدارس كافة تضامنهم مع جماهير الشعب، وتحدي بيان الحكومة.
وفي 20 كانون الثاني انطلقت المظاهرات الواسعة يتقدمها طلاب كلية الشريعة، هاتفين بسقوط حكومة صالح جبر والمعاهدة، وجابهتهم قوات كبيرة من الشرطة مطلقة الرصاص على المتظاهرين، مما أوقع العديد من الشهداء والجرحى الذين نقلوا إلى المعهد الطبي، والمستشفى التعليمي بجوار كليتي الطب والصيدلة،وقد أدى ذلك الصدام إلى انتشار لهيب الوثبة في بغداد وسائر المدن الأخرى، وتصاعدت موجات المظاهرات التي اشتركت فيها جميع فئات الشعب من الطلاب، والعمال، والمثقفين، والكسبة، والكادحين من سكان الصرائف، واشتبكوا مع قوات الشرطة التي لم تستطع مجابهة المتظاهرين، وولت هاربة رغم السلاح الذي كانت تحمله بين أيديها، ولازلت أذكر تلك الأيام المجيدة من تاريخ كفاح الشعب العراقي بدقائقها، حيث كنت أحد الطلاب المشاركين فيها بالموصل وشاهدت شرطة النظام وهي تولي هاربة من غضب الجماهير الشعبية، وأسفرت تظاهرات يوم الثلاثاء 20 كانون الثاني في بغداد عن استشهاد أربعة من الطلاب والمواطنين، إضافة إلى أعداد كبيرة من الجرحى، لكن تلك التضحيات كانت حافزاً قوياً دفع جماهير الشعب على مواصلة الكفاح حتى تحقيق أهدافها في إسقاط الوزارة والمعاهدة معاً .
وفي يوم الأربعاء 21 كانون الثاني توجهت جماهير الشعب نحو المستشفى التعليمي لاستلام جثث الضحايا، لكن الشرطة فاجأتهم بوابل من الرصاص وحاولت الجماهير الاحتماء في بناية كليتي الطب والصيدلة، وبناية المستشفى ولاحقتهم الشرطة داخل البنايات المذكورة، وقتلت أثنين منهم، وكان أحدهم طالبا في كلية الصيدلة مما أشعل الموقف، ودفع عميدي كليتي الطب، والصيدلة وأساتذة الكليتين إلى الاستقالة احتجاجا على انتهاك حرمة الكليّتين، واحتجت الجمعية الطبية العراقية ببيان شديد اللهجة على تصرف الحكومة.
وتدهور الوضع في بغداد والمدن الأخرى بسرعة أرعبت الحكومة والوصي على العرش [عبد الإله] الذي سارع لدعوة أعضاء الحكومة وعدد من رؤساء الوزارات السابقين، وممثلي الأحزاب السياسية الوطنية إلى عقد اجتماع في قصر الرحاب في 21 كانون الثاني لتدارس الوضع والخروج من المأزق الذي وضعت الحكومة نفسها فيه، وكان من بين الحاضرين الشيخ [ محمد الصدر ] و[جميل المدفعي ] و [حكمت سليمان] و[ حمدي الباجه جي ] و[ارشد العمري] و[نصرت الفارسي] و[ جعفر حمندي ] و [محمد رضا الشبيبي] و[ ومحمد مهدي كبه] زعيم حزب الاستقلال و[ كامل الجادرجي ] زعيم الحزب الوطني الديمقراطي و[ وعلي ممتاز الدفتري ] ممثلا لحزب الأحرار، و[عبد العزيز القصاب] و[ صادق البصام ] ونقيب المحامين [ نجيب الراوي]، وجرت في الاجتماع نقاشات حامية حول تطور الأوضاع بين الموالين للسلطة والمعارضين لها، وقد اتهم الوزير[ عبد المهدي ] المتظاهرين بأنهم عناصر شيوعية هدامة ورد عليه السيد كامل الجادرجي بقوله:
[ إن المتظاهرين هم عناصر وطنية وقومية عربية صرفه ] (16)
شعر الوصي عبد الإله بخطورة الموقف، وعدم استطاعة الحكومة مجابه الشعب وبعد مداولات دامت أكثر من خمس ساعات أصدر الوصي بياناً إلى الشعب يعلن فيه تراجع الحكومة عن المعاهدة، ومما جاء في بيانه قوله : { إذا كان الشعب لا يريد هذه المعاهدة فنحن لا نريدها أيضاً }.
لقد أراد الوصي أن يمتص ببيانه هذا الغضب الجماهيري العارم الذي بات يهدد النظام، وهو في حقيقة الأمر كان مرغماً على تلك الخطوة، وهذا ما أكده وكيل رئيس الوزراء [ جمال بابان ] نفسه للسيد عبد الرزاق الحسني بعد قيام ثورة 14 تموز 1958 من أن الوصي عبد الإله أصّر في بادئ الأمر على استخدام الشدة والعنف مع المتظاهرين، وحصدهم حصداً!، وبرر سكوته عن ذلك طيلة تلك المدة إرضاءً للوصي، وتستراً على موقفه من قصة رفض الشعب للمعاهدة التي عقدت بمعرفته وبتوجيهاته. (17)
أدى بيان الوصي عبد الإله إلى حدوث انشقاق في صفوف الأحزاب الوطنية، فقد انشق حزب الاستقلال القو مي داعياً جماهير حزبه إلى التوقف عن التظاهر بعد بيان الوصي، فيما أصرت بقية القوى الوطنية على مواصلة الكفاح حتى سقوط حكومة صالح جير، وقيام حكومة حيادية تأخذ على عاتقها إجراء انتخابات حرة ونزيهة، وتطلق سراح كافة المعتقلين السياسيين، وفي الوقت الذي كان الوصي يسعى بكل جهده لتهدئة الوضع طلع علينا صالح جبر ـ رئيس الوزراء- بتصريح في لندن، في 22 كانون الثاني، يتهم المتظاهرين بأنهم عناصر هدامة من الشيوعيين والنازيين الذين اعتقلهم عام 1941
بعد إسقاط حكومة الكيلاني على يد جيش الاحتلال البريطاني.
وقد توعد جبر في تصريحه بالعودة إلى بغداد لسحق رؤوس العناصر الفوضوية!، وكان صالح جبر بتصريحه هذا قد صب الزيت على النار، فانطلقت مظاهرات عارمة ضد الحكومة.
وفي 25 منه أعدت الحكومة البريطانية طائرة خاصة لنقل صالح جبر وبقية أعضاء الوفد إلى بغداد لمعالجة الوضع، وكبح جماح المعارضة الوطنية، لكن الطائرة لم تستطع الهبوط في مطار بغداد لذي طوقته الجماهير، واضطرت إلى الهبوط في القاعدة الجوية البريطانية في الحبانية، وتم نقله والوفد المرافق له بواسطة المصفحات والمدرعات، إلى قصر الرحاب خفية، حيث التقى بالوصي بحضور نوري السعيد، وتوفيق السويدي، وقد اتهم صالح جبر وكيله جمال بابان بالتهاون في قمع المظاهرات، وطلب من الوصي منحه الصلاحيات اللازمة للقضاء على الثورة الشعبية خلال 24 ساعة.(18)
لكن جمال بابان أكد استحالة إنهاء المظاهرات دون استقالة الحكومة، وأيده في موقفه جميل عبد الوهاب، وزير الشؤون الاجتماعية، فيما وقف نوري السعيد إلى جانب صالح جبر داعياً إلى استخدام أقسى أساليب العنف ضد المتظاهرين، فما كان من جمال بابان إلا أن قدم استقالته من الحكومة احتجاجاً على انتقادات صالح جبر.
وفي ليلة 26 / 27 كانون الثاني أصدر صالح جير بياناً يحذر فيه أبناء الشعب من التظاهر، ويتوعدهم بإنزال العقاب الصارم بهم، وخول متصرفي الألوية [المحافظين] وأمين العاصمة، ومدراء الشرطة صلاحية استخدام السلاح لتفريق المظاهرات، وإنزال قوات كبيرة من الشرطة لتحتل المراكز الحساسة في العاصمة ،وبقية المدن الأخرى .
وتحدت الجماهير الشعبية صالح جبر ونوري السعيد، واجتاحت شوارع بغداد وسائر المدن الأخرى مظاهرات هادرة، منددة بالحكومة ومطالبة بسقوطها وسقوط المعاهدة، وبات الوضع خطيراً جداً في تلك الليلة، حيث كانت الاستعدادات تجري على قدم وساق من قبل الشعب من جهة، والحكومة وقواها القمعية من جهة أخرى، انتظاراً لصباح اليوم التالي 27 كانون الثاني.
فلما حلّ ذلك الصباح تحولت شوارع بغداد والمدن الأخرى إلى ساحات حرب حقيقية، فقد نشرت الحكومة قوات كبيرة من الشرطة المزودة بالمصفحات في الشوارع الرئيسية، فيما نصبت الرشاشات الثقيلة فوق أسطح العمارات العالية ومنارات الجوامع، استعداداً للمعركة الفاصلة.
وفي الساعة التاسعة صباحاً بدأت الجماهير الشعبية في الأعظمية، والكاظمية، وفي جانبي الكرخ، والرصافة تتجمع في الساحات العامة، ثم انطلقت في مسيرتها للالتقاء ببعضها، وقابلتها قوات الشرطة بوابل من رشقات الرصاص استشهد على أثرها أربعة من المتظاهرين، ووقع العديد من الجرحى، مما زاد في اندفاع الجموع الهادرة واندفاعها وإصرارها على التصدي لقوات القمع، وتقدمت مظاهراتان من جهة الأعظمية، ومن جوار وزارة الدفاع لتطويق قوات الشرطة التي حاولت الانسحاب إلى شارع [غازي] سابقا، والكفاح حالياً، ولاحقتها جموع المتظاهرين مشعلة النيران بسياراتها ومصفحاتها، واستولت الجماهير على مركز شرطة [العباخانة]، وتوجهت إلى ساحة الأمين [الرصافي حالياً] في طريقها للالتحام بجماهير الكرخ عبر جسر المأمون [ الشهداء حالياً ] .
كانت قوات الشرطة قد استعدت عند مدخل الجسر، حيث نصبت رشاشاتها فوق أسطح العمارات، ومنارات الجوامع عند طرفي الجسر في جانبي الكرخ، والرصافة لمنع مرور المتظاهرين عبر الجسر، ومعهم أمر بإطلاق النار على المتظاهرين المندفعين نحو الجسر، واستطاعت قوات الشرطة إيقاف زحف الجماهير نحو الجسر من جانب الرصافة في بادئ الأمر، مما دفع بجماهير الكرخ إلى الاندفاع نحو الجسر بغية عبوره، والالتحام بجماهير الرصافة المتواجدة في ساحة الأمين.
وعند منتصف الجسر جابهتهم قوات الشرطة بنيران رشاشاتها المنصوبة فوق منارة جامعي [ الوزير] و[الآصفية] في جانب الرصافة، ومنارة جامع [ حنان ] في جانب الكرخ، ومن المدرعات الواقفة في مدخل الجسر، وقد استشهد ما يزيد على 40 مواطنا، وجرح اكثر من 130 آخرين، وتناثرت جثث الضحايا فوق الجسر.
اشتد ضغط الجماهير في ساحة الأمين على قوات القمع، مما أجبرها على الانسحاب نحو الجسر، وتقدم المتظاهرون عبر الجسر، ومرة أخري أنهمر عليهم الرصاص واستشهد عدد آخر وجرح الكثيرون، لكن الجموع ازدادت بأساً واندفاعاً أوقع الهلع في صفوف قوات القمع التي خافت أن تقع في أيدي الجماهير الغاضبة فولت هاربة تاركة ساحة المعركة تملأ جثث الشهداء والجرحى .
حاول عبد الإله استخدام الجيش ضد الشعب، وأجرى اتصالا تلفونياً مع رئيس أركان الجيش الفريق [صالح صائب الجبوري] في 27 كانون الثاني، حوالي الساعة الثالثة والنصف عصراً، طالباً منه إدخال عدد من قطعات الجيش إلى شوارع بغداد، لكن الجبوري حذر الوصي من مغبة إدخال الجيش في شوارع بغداد، ولاسيما وانه لا يزال يعاني من مرارة الاحتلال البريطاني عام 1941، وأكد الجبوري للوصي عدم ضمان وقوف الجيش ضد الشعب، وبرغم أن الوصي كان متحمساً لقمع الانتفاضة لكنه اضطر للأخذ برأي الجبوري طالباً منه البقاء على اتصال دائم بالقصر حتى ينجلي الوقف.(19)
وفي الوقت الذي كانت الأزمة تتصاعد، قدم 20 نائبا في البرلمان استقالتهم، احتجاجا على الأساليب القمعية للحكومة ضد أبناء الشعب، بالإضافة إلى استقالة وزير المالية [ يوسف غنيمة] ووزير الشؤون الاجتماعية [ جميل عبد الوهاب]، وفي الوقت نفسه كان عبد الإله مجتمعا في قصر الرحاب مع الشيخ [محمد الصدر]و[ نوري السعيد ] لبحث الموقف وسبل الخروج من الأزمة، و كان نوري السعيد يلح على الوصي بقمع الحركة الشعبية، وطالبه بإعلان الأحكام العرفية ومنع التجول لاحتواء المظاهرات.
لكن الشيخ محمد الصدر نصح الوصي بإقالة الوزارة لتهدئة الأوضاع، ولاسيما وأن المظاهرات قد امتدت إلى جميع المدن العراقية، وفقدت الشرطة سيطرتها على الموقف، وأشعل المتظاهرون النار في مكاتب الإرشاد البريطانية، في السليمانية، وكركوك، والموصل.
وهكذا أخذ الوصي برأي الشيخ الصدر على مضض، رغم كونه كان في الواقع يسعى لقمع الحركة الشعبية، وأوعز إلى رئيس الديوان الملكي [أحمد مختار بابان ] للاتصال بصالح جبر، والطلب منه تقديم استقالة حكومته في 27 كانون الثاني 1948، اليوم الذي شهد أشد المعارك بين الشعب وقوات الحكومة، وقدم صالح جبر استقالته التي تم قبولها فوراً، وتوجه الوصي بخطاب إلى الشعب من دار الإذاعة أعلن فيه استقالة الحكومة، وداعيا الشعب للإخلاد إلى الهدوء !.
حقق الشعب في وثبته هدفان ، فقد اسقط المعاهدة، واسقط الحكومة، لكن الوثبة لم تستطع حسم الصراع مع السلطة الموالية للمحتلين البريطانيين، على الرغم من هروب نوري السعيد وصالح جبر إلى خارج العراق ريثما تهدأ الأوضاع، فقد كانت حياتهم مهددة بخطر حقيقي لو تسنى للجماهير الوصول إليهما.
الشيخ محمد الصدر يؤلف الوزارة الجديدة :
حاول الوصي عبد الإله تكليف الشيخ محمد الصدر بتأليف الوزارة الجديدة، نظراُ لتمتعه بمركز ديني كبير، إضافة إلى كونه من الطائفة الشيعية، حيث وجد أن الشيخ الصدر هو خير من يستطيع تهدئة الأوضاع .
لكن الصدر اعتذر عن المهمة رغم إلحاح الوصي، مما اضطره إلى تكليف أرشد العمري، وقد حاول العمري بالفعل القيام بهذه المهمة لكنه جوبه بمعارضة شديدة من قبل الأحزاب الوطنية التي لازالت تذكر الأعمال التي قام بها عند تشكيل وزارته السابقة، فهو بالنسبة للأحزاب الوطنية والشعب غير مرغوب فيه، وهكذا فشل العمري في مهمته.
وفي الوقت نفسه أصدرت الأحزاب الوطنية [ الوطني الديمقراطي، والاستقلال، والأحرار ] بيانا إلى الشعب عن تلك الأحداث التي عصفت بالحكومة، وتضمن البيان ستة مطالب من الحكومة القادمة وهي:
1 ـ الإعلان الرسمي عن بطلان معاهدة بورتسموث .
2 ـ إجراء تحقيق دقيق عن مسؤولية إطلاق النار على أبناء الشعب.
3 ـ حل المجلس النيابي، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة.
4 ـ احترام الحريات الدستورية.
5 ـ إفساح المجال للنشاط الحزبي.
6 ـ حل مشكلة الغلاء بشكل يوفر للشعب قوته.(20)
كما قام زعماء الأحزاب الثلاثة بالاتصال بالشيخ الصدر طالبين منه الرجوع عن موقفه، والقبول بتأليف الوزارة، ونزولاً عند رغبتهم قبل الصدر المهمة رسمياً في 29 كانون الثاني 1948، وتشكلت الوزارة على الوجه التالي :
1ـ محمد الصدر ـ رئيساً للوزراء .
2 ـ جميل المدفعي ـ وزيراً للداخلية .
3 ـ حمدي الباجه جي ـ وزيراً للخارجية .
4 ـ ارشد العمري ـ وزيراً للدفاع .
5 ـ عمر نظمي ـ وزيراً للعدلية .
6 ـ مصطفى العمري ـ وزيراً للاقتصاد .
7 ـ محمد رضا الشبيبي ـ وزيراً للمعارف .
8 ـ نجيب الراوي ـ وزيراً للشؤون الاجتماعية .
9 ـ صادق البصام ـ وزيراً للمالية .
10 ـ محمد مهدي كبه ـ وزيراً للتموين .
11 ـ جلال بابان ـ وزيراً للأشغال والمواصلات .
12 ـ نصرت الفارسي ـ وزيراً بلا وزارة
13 ـ داود الحيدري ـ وزيراً بلا وزارة .
14 ـ محمد الحبيب ـ وزيراً بلا وزارة .
وهكذا جاءت وزارة الصدر من نفس الفئة الحاكمة، باستثناء محمد مهدي كبه، ومن العناصر المعروفة بولائها للمحتلين البريطانيين، ممن لا يرتاح إليهم الشعب ولاشك أن للسفارة البريطانية دوراً في اختيار الوزراء، وكانت وزارة الصدر مجرد وزارة تهدئة بعد تلك الوثبة الجبارة التي أوشكت أن تطيح بالنظام واستطاعت إسقاط حكومة صالح جبر، وإسقاط المعاهدة، ومن أجل تهدئة الأوضاع أقدم الصدر على تنفيذ الإجراءات التالية :
1 ـ أتخذ مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في 31 كانون الثاني قراراً بإلغاء معاهدة بورتسموث، وإبلاغ الحكومة البريطانية برغبة العراق بعقد معاهدة جديدة تحقق طموحات الشعب العراقي في الحرية والاستقلال الناجزين، وقد عارض القرار الوزير عمر نظمي، المعروف بولائه التام للإنكليز، وقدم استقالته من الحكومة احتجاجا على القرار!!.
2ـ قررت الحكومة في 2 شباط تأجيل جلسات مجلس النواب لمدة 50 يوماً، لامتصاص غضب الجماهير، لكن الحملة اشتدت على المجلس من قبل الأحزاب الوطنية والصحافة والاحتجاجات الشعبية طالبين حلّ المجلس وأجراء انتخابات حرة ونزيهة، ولم ترَ الوزارة بداً من النزول عند الضغط الشعبي وضغط الأحزاب الوطنية والصحافة، واضطرت إلى اتخاذ قرار بالطلب من الوصي بإصدار الإرادة الملكية بحل المجلس النيابي في 22 شباط، تمهيداً لإجراء انتخابات جديدة.
3 ـ كانت حكومة صالح جير قد اتخذت العديد من الإجراءات ضد الصحف، أحالت العديد من محرريها ومدراها المسؤولين إلى المحاكم، وأصدرت الأحكام الجائرة بحقهم، بسبب مواقفهم المناهضة لمعاهدة بورتسموث، وقد اتخذ مجلس الوزراء قراراً بعودة الصحف المعطلة للصدور من جديد، وإطلاق سراح الصحفيين المعتقلين، والذين صدرت بحقهم الأحكام بالسجن، كما جرى إطلاق سراح معظم الطلاب الذين اعتقلوا خلال أحداث الوثبة، وأعادتهم إلى مدارسهم وكلياتهم .
4 ـ قرر مجلس الوزراء فسح المجال للنشاط الحزبي، بعد أن كانت الحكومة السابقة قد ضيقت عليها بكل الوسائل والسبل، ومنعتها من ممارسة نشاطها بحرية بسبب مناهضتها لمعاهدة بورتسموث.
5 ـ طلبت الحكومة سحب البعثة العسكرية البريطانية من الجيش العراقي في 22 آذار 1948، والتي كانت المهيمن الحقيقي على الجيش، وتم لها ذلك.
6 ـ سعت الحكومة إلى الاتصال بمجلس الطعام الدولي لغرض الحصول على 30 ألف طن من الحنطة بشكل عاجل لمعالجة أزمة الخبز التي سببتها حكومة أرشد العمري.
7ـ وافقت وزارة الداخلية على جمع مبلغ 50 ألف دينار لغرض توزيعها على عائلات الشهداء والجرحى الذين سقطوا خلال الوثبة الوطنية.
ورغم كل هذه الإجراءات استمرت المظاهرات تجوب شوارع بغداد احتجاجاً على عدم إطلاق سراح المعتقلين والسجناء الشيوعيين، وعلى رأسهم مؤسس الحزب[يوسف سلمان] فهد، ورفيقيه[ زكي بسيم] و[حسين محمد الشبيبي] أعضاء المكتب السياسي، وكذلك المطالبة بفسح المجال لحزب الشعب، وحزب التحرر الوطني، الذين ألغت حكومة العمري إجازتيهما، للعمل الحزبي من جديد، ومطالبة الحكومة باتخاذ سياسة أكثر حزماً تجاه الهيمنة البريطانية على العراق، وتجاه القضية الفلسطينية التي كان يعتبرها العرب آنذاك قضيتهم الأساسية، والوقوف ضد المخطط الإمبريالي الأنكلوـ أمريكي الهادف إلى تقسيم فلسطين، وإقامة كيان سياسي لليهود فيها، وتشريد أبناء الشعب الفلسطيني في مختلف بقاع العالم في ظروف حياتية غاية في الصعوبة .