يقدم الشاعر ( هشام القيسي ) هذا الكتاب الوثائقي الشامل , عن سيرة حياة الراحل الكبير الدكتور حسين سرمك . من خلال الاطراء الشعري للشاعر في قصائد تبجل حياة ايقونة النقد والادب . وتستعرض مناقبه المرموقة في الادب والفكر والعلم . بما يملك الفقيد الكبير من موسوعة أدبية وفكرية , في غزارة انتاجه المتنوع في الدراسات والابحاث في مجال الادب والنقد , وفي مجال الابحاث الفكرية , ومن خلال عطائه المرموق في علم النفس والطب . وكان الفقيد الكبير خلية ابداعية قل نظيرها في غزارة الابداع وأنتاجه , أو انه بحق ظاهر لن ولم تتكرر في مجالات الابداع بأصنافه المتنوعة , فكان شعلة من الابداع لايعرف الملل والتعب والارهاق , في سبيل تنوير العقل بالادب والعلم والفكر المتنور , فكان مثال الانسان الكبير الراسخ في الخبرة المعجمية في شلالها المتدفق , في اغناء الثقافة والفكر بالتنوير الحر , والانفتاح على الثقافات الانسانية في قلمه الاصيل , كان يمثل رمزاً عراقياً اصيلاً في قلمه الغزير . وكما قال عنه الشاعر السماوي الكبير ( لن اكون مجانباً الحقيقة , في القول أن حسين سرمك كان عراقياً يمشي على القدمين ) فارس الابداع في أشكاله المتنوعة , يضع بصماته بالمعاني البليغة والعميقة , في طقوس الكتابة , كان يتوسم الوعي العميق والثقافة الانسانية الرشيدة . فقد كان شجرة عالية من ثمار الإبداع . شجرة للخير والعطاء للوطن , شجرة في رحابها الواسع بالقيم الانسانية والابداع الاصيل فقد كان أنموذجاً رائعاً بأسلوبيته المتفردة والمميزة , التي تتوسم القمم العالية فقد كان ( د. حسين سرمك سارد ناقد , كاتب لم يضمر الحقائق ولا الوقائع عبر نسيج موضوعي في سيره ومساره معطر بنقاء , أضاء كل متناول وماهو على قيد التناول ولم يأبه للاسوار , وهو وحده من تألق بهمة اكثر , حتى صار انموذجاً مائزاً يتسم بالندرة , مثل هذا الانموذج لا يعرف الانطفاء . وهو وحده جدير بالبقاء ) ص12 . حقاً كان وحده مؤسسة موسوعية قائمة بذاتها بالثقافة والفكر بجهده الغزير والدؤوب . فكان ابن الديوانية ( ولد عام 1956 ) وأكمل دراساته الجامعية , البكالوريوس في الطب والجراحة عام 1980 . فكان مدهشاً في التحليل والتشخيص بشكل لم تفوته شاردة وواردة في التحليل العميق , كان يتوسم البحث والنقد الموضوعي بالعلمية الموضوعية في التشخيص , كما كان غزير الانتاج بالادب والنقد والفكر , فكان بنفس المستوى من التالق في الكتب الطبية وفي علم النفس . فكان حسين سرمك كبيرأ في العطاء والتنوير , لا ينقصه شيئاً في اضاءة المعارف الادبية والعلمية والفكرية . ولكن المصاب الكبير , فاجعة موته المفاجئ كان مؤلماً جداً . وكتاب الاديب والشاعر هشام القيسي ( المسلة ) يتضمن حقول وابواب مرتبة على الشكل الاتي :
1 – تبدأ بقصائد للشاعر( هشام القيسي ) التي تبجل المقام الكبير للفقيد , في عطاءه الفذ واكتساب مكانة مرموقة واصبح رمزا كبيراً في الساحة الثقافية والادبية وناشطاً متألقاً في جهوده المضنية في الابحاث والدراسات في مجالات متنوعة . لناخذ بعض المقاطع من قصائد الشاعر .
مقطع من قصيدة ( يا صاحب الصباح ) :
لا شيء ينقصك غير دار يفتح النوافذ كل يوم
ولا شيء يحزنك غير موت يضحك كل يوم
ها هي الذئاب تنصت طيلة الوقت
والبكاء لا يجفف ينابيع العيون
وأنت كما أنت
لم تبكِ
ولكن تلتمس لهذه الدار
الغفران
وتغرد من زاوية قلبك
أعن مدينة تبايع عشاقها وترنو
أم هي طعم حسرات لا تميل الى صمت ؟ ( ص23 ) .
قصائد بعنوان ( المخاطبات ) وهي موجهة في الاهداء الى حسين سرمك حسن . وهي عشر خطابات شعرية ونختار منها المخاطبة السابعة :
عارية أيامك
على سلالم الدموع
ترهات طويلة
طالتها رسائل غير منهكة
وأينما نظرت
تصهل الامكنة
بلا تعب
عصية دائماً
تمضي بأسترجاع الاشياء
دون ان تقطف
دهشاتك العاشقة
أيام في مواعيد الحب
وذاكرة لم يصلها اليباس بعد
هكذا تحمل عشقاً
يقدح من جهة واحدة
على طول الهواء . ( ص41 )
× مقطع من قصيدة بعنوان ( اخي حسين ) :
يا حسين بن سرمك
حيثما يطلع الصبح
تغنيه الارض
في كل مكان
ومن أشراقة الدفاق
يكون النهار الدليل
ويكون في كل زمان
فهناك الخليل
وهناك الماء
وهناك الروح
ترفرف صبح مساء
ما أجمل اللقاء
وما أجمل الوجهة الآمنة
لم يبق لي شيء
سوى أغنية حالمة
الى ربي . ( ص50 )
× مقطع من قصيدة ( مرآة ) :
يدل على الدرب
وما يزيد ,
تبقى النهار
أكثر جدارة من الكلام
لم تغفُ
يا حسين سرمك سلاماً
في كل الاعوام
تنحني لك الايام . ( ص55 )
× مقطع من قصيدة ( البقاء ) :
أنت مرفوع الى السماء
وأنت مودع في الافق تراهن بصماتك فيه بحروف وكلام
وصدى
أبا علي
الحكيم الحليم
الاديب الحبيب
الناقد السارد
الكاتب كل وقته
بادلتنا وقود الحياة
لا أرثيك
ولكن أقول
حتى الدمع فتح أبوابه
وهو يحدق في فجيعة
أومأت اليه
وحتى الصدمة
باتت لا تكشف مداها
في سفر الرحيل
ولا تعرف كيف تنادي . ( ص77 )
2 – الحكيم الاديب حسين سرمك حسن : تحت عنوان : رحيل مبهم أم أجابة معلقة ؟
برحيل الكبير تتوارد الاسئلة الخطيرة عن رحيله المفاجئ , الذي شكل صدمة في الوسط الثقافي والادبي, لان رحيله يشكل خسارة فادحة لا تعوض . اضافة الى تعرضه لوباء كورونا البشع , الذي خطفه وهو في قمة عطائه المرموق , فكان نبراساً مضيئاً في الثقافة والفكر وفي مجال العلم في الطب النفسي , اضافة انه كان يمثل نبل الاخلاق وسجيتها المتواضعة.في قلبه الكبير , فكان يتصدى لكل شاردة وواردة للدور الامبريالي الامريكي المشبوه والمريب والقذر في الكتابات الفكرية والكتابات المترجمة ,يفند ويفضح الدور الامريكي الوحشي المعادي للشعوب وتطلعاتها . وكذلك دور منظماتتها الدولية في المخططات التآمرية , ومنها وكالة المخابرات المركزية الامريكية , وبنك النقد الدولي. وكان الفقيد يتصدى للدور الامبريالي الوحشي , عبر سلسلة حلقات ابحاثية متواصلة , يكشف زيفهم ونفاقهم , تحت عنوان : لا تثقوا بالولايات الامريكية المتحدة . لذلك الكاتب يطرح مسألة خطيرة , ربما هناك اصبع اجرامي خفي بموت الفقيد , ربما دفع ثمن فاتورة كتاباته وابحاثه الفكرية التي وقف فيها , بالمرصاد لهذا الدور الامريكي في التدخل في شؤون الشعوب وحرمانها من نعمة التطور والتنمية . ان رحيله يفجر الاسئلة الغامضة , ربما هناك اصبع خبيث ومريب .
3 – وبهذا الصدد يطرح الكتاب ( المسلة ) شهادة الشاعر والكاتب العراقي سعد جاسم : يتساءل بصرخة مدوية : منْ قتل حسين سرمك ؟
فمن خلال علاقته الوثيقة مع الفقيد , وتبادل المراسلات . فأن رحيله يثير الشك والريبة ( الموت شبه المفاجئ للراحل الحبيب ……. لأني كنت متواصلاً معه بشكل يكاد أن يكون يومياً خلال محنته المرضية المفاجئة والخفية والسريعة بشكل يدعو للقلق والشك والاسئلة الخفية والمعلنة ) ص148 , ويضف ( بأن فقيدنا ، قد ، وأوكد واضع مليون خط أحمر تحت مفردة ، قد ، وأنا أعتقد وأظن واهجس أن الدكتور ( حسين سرمك ) قد أغتيل بجريمة قتل ، بايولوجية : سرية وخفيفة جداً جداً ) ص149 .
4 – المرسلات وتبادل الرسائل بين الشاعر ( هشام القيسي ) والفقيد الكبير . في قضايا متعددة في تبادل الرأي والاستشارة والمشورة , وحتى منها تفاعل في الرأي العراقي في مساندة أنتفاضة تشرين , وهذا ما يتطلبه من الضمير الحي والوطني . ونقتطف بعض الفقرات من تبادل الاراء من اقول الفقيد الراحل ( شكراً لك اخي المبدع العراقي الاصيل الاستاذ هشام القيسي على لطفك ومشاعرك الاخوية النبيلة , بك وبأبداعك وباخوتنا الشرفاء , وابداعهم سيعود وجه وطننا العراق العظيم مشرقاً وضاءً يهدي الشعوب الى طريق التحرر والانعتاق ) ص158 .
( ماذا أقول أخي الرائع المبدع الاستاذ هشام
استاذ أولاً بعراقيتك وغيرتك على وطنك ……. بوفاءك لاخوتك الفقراء الى الله والعراق ) ص161 .
هذه محتويات كتاب ( المسلة ) بالامتنان والتقدير والوفاء الى فقيد الثقافة والادب والفكر . أنه ظاهرة لا يمكن ان تتكرر. وصاحب الختم لمقالاته : بغداد المحروسة .
نسأل الله تعالى ان يرحمه برحمته الواسعة ويسكنه جنة الخلد , وسيظل تراثه العظيم خالداً للاجيال .