الأسرى الألمان بمنسك أجبروا على السير بشوارع موسكو لإذلالهم وإبراز حجم الخسائر الألمانية
مع انطلاق عملية غزو الاتحاد السوفيتي (سابق)، المعروفة أيضا بعملية بربروسا (Barbarossa)، يوم 22 حزيران/يونيو 1941، خاض الجيش الأحمر السوفيتي معارك ضارية ضمن ملحمة بياليستوك – مينسك (Białystok–Minsk) التي استمرت لحدود يوم 9 تموز/يوليو من نفس العام. وفي خضم هذه المعركة، تقهقر السوفيت أمام التقدم الألماني وتكبدوا خسائر جسيمة. فبناء على تقارير تلك الفترة، تجاوزت الخسائر السوفيتية 400 ألف عسكري بين قتيل وجريح وأسير ودمرت الآلاف من دباباتهم وطائراتهم.
في الأثناء، استغرقت عملية استعادة المنطقة وطرد الألمان من العاصمة البيلاروسية منسك نحو 3 سنوات. فعقب هزيمة الجيش السادس الألماني بستالينغراد وانهيار الألمان بمعركة كورسك، تمكن السوفيت من توجيه ضربة قاضية لجيش الوسط الألماني بمنسك.
خطة سوفيتية لحصار منسك
إلى ذلك، مثّل الهجوم على منسك جانبا من عملية باغراتيون (Bagration) التي أعادت الألمان لحدودهم قبل اندلاع الحرب. وفي خضم المعركة، اتجه السوفيت لمحاصرة القوات الألمانية المتمركزة بالعاصمة البيلاروسية أملا في أسر أكبر عدد ممكن منهم قبل مواصلة طريقهم نحو الغرب. في الأثناء، اعتبر المسؤولون العسكريون السوفيت منسك هدفا أساسيا لطرد الألمان حيث مثلت المدينة طريق امداد رئيسي لجيش الوسط الألماني الذي قاده المارشال فالتر مودل (Walter Model).
وأملا في إنجاح عمليتهم العسكرية، وضع السوفيت خطة تضمنت قطع الخطوط الدفاعية الألمانية عند نهر بيريزينا (Berezina) والتقدم لإجبار الجيش الرابع الألماني على التراجع قبل محاصرته بشكل كامل عقب تدمير جميع دفاعاته بمنسك.
حصار الألمان في منسك
أمام التقدم السوفيتي، فضّل المارشال الألماني مودل التراجع نحو منسك مطلع شهر تموز/يوليو 1944. وأثناء انسحابهم، لم يتردد الألمان في تدمير الجسور وتخريب الطرقات وخطوط السكك الحديدية لعرقلة التقدم السوفيتي. وعلى الرغم من نجاحهم في تأخير زحف الجيش الأحمر، فشل الألمان في منع وقوع عدد كبير من قواتهم في فخ الكماشة بمنسك.
إلى ذلك، حاول الجيش الرابع الألماني مرات عدة مغادرة منسك دون أن يفلح في كسر الحصار المفروض عليه من قبل السوفيت. وفي البداية، حضي الجيش الرابع بتنسيق كبير بين مختلف مكوناته، لكن مع تواصل التقدم السوفيتي، انهار هذا التنسيق حيث فقدت أغلب مكونات الجيش الرابع الاتصال فيما بينها لتجد نفسها في وضعية حرجة تزامنا مع تواصل الحصار ونقص العتاد العسكري.
ومنذ توليه لمهام قيادة جيش الوسط أواخر شهر حزيران/يونيو 1944، كان المارشال مودل على دراية مطلقة باستحالة حفاظ الألمان على العاصمة البيلاروسية منسك. ولهذا السبب، لجأ هذا المارشال الألماني، حال تلقيه للأوامر، لسحب العديد من جنوده لتجنب وقوعهم أسرى في قبضة الجيش السوفيتي الذي حاصر المدينة بشكل تام ما بين يومي 3 و4 تموز/يوليو 1944.
استعراض مذل بموسكو
وعقب هجوم منسك الذي تفاءل القائد السوفيتي جوزيف ستالين بنجاحه، تمكن الجيش الأحمر من قتل ما يزيد عن 40 ألف جندي ألماني وأسر 100 ألف آخرين.
وأملا في رفع معنويات سكان موسكو وإبراز حجم الخسائر الألمانية على الجبهة، نقل السوفيت، خلال شهر تموز/يوليو 1944، الأسرى الألمان عبر القطارات نحو العاصمة السوفيتية أين أجبروا على السير بشوارع المدينة، تحت حراسة مشددة، أمام أنظار الأهالي ضمن استعراض كبير لإهانتهم علنا.