.
كان حازم رشوقا بالنسبة إلى ابنته البالغة من العمر 3 سنوات، مجرد صورة، أما جارتها في مخيم اللاجئين شمال العراق كان لديها أب رأته شخصيا، لكن ذلك كان من خلال محادثات الفيديو مرتين إلى ثلاث مرات في الأسبوع. وفي كانون الثاني الماضي انهارت وهي تبكي: لماذا والدي مجرد صورة؟
تقرير لصحيفة “جورنال ستار” الأمريكية، الذي ذكر أن “حازم رأى ابنته شخصيا عندما كان عمرها ستة أشهر، لكنه لم يسافر بانتظام لرؤية أسرته خوفا من ان سياسات الهجرة واللاجئين التي انتهجها الرئيس السابق دونالد ترامب قد تبقيه بعيدا عن العراق”.
ووفقا للصحيفة، “عاد حازم إلى العراق في وقت سابق من هذا العام عندما تولى الرئيس جو بايدن منصبه، معتقدا أنه سيكون آمنا مرة أخرى للسفر لزيارة عائلته”.
الهجرة
وأوضحت الصحيفة، أن “حازم هاجر الى الولايات المتحدة في اكتوبر/تشرين الاول العام 2016 بتأشيرة هجرة خاصة، مقدمة للأفراد الذين خدموا في الجيش الأمريكي وأفراد أسرهم”.
وقُتل أحد أشقائه، فيصل رشوقا، بتفجير انتحاري عام 2008، أثناء خدمته في الجيش، كما خدم شقيقه الآخر، فلاح في الجيش الأمريكي، وتم منح حازم وفلاح وأخواتهما الثلاث وأمهما التأشيرات المعروفة باسم (SIVs)”.
لكن أخا آخر وعائلته وزوجة حازم وابنته، لم يتلقوا اذنا بالمجيء الى الولايات المتحدة قبل حظر ترامب، ثم أجلت السلطات الأميركية عملية منح التأشيرة للأشخاص القادمين من دول إسلامية”، بحسب جورنال ستار.
قرارات ترامب وبايدن
وأشارت الصحيفة، إلى أن “بايدن كان قد وعد بزيادة سبعة اضعاف عدد اللاجئين المسموح لهم بدخول البلاد خلال العام الاخير من رئاسة ترامب، وفي أبريل/نيسان، قال بايدن انه سيبقي على الحد الأقصى لعدد اللاجئين الذي حدده ترامب وهو 15 ألف شخص بسبب جائحة كورونا، لكن العدد ارتفع إلى 62500 بعد أن تعرض لانتقادات”.
ولا يزال المئات من عائلات اللاجئين أو العائلات الممنوحة تاشيرات (SIV) في مدينة لينكولن في نيبراسكا، التي تعد موطنا لأكبر مجتمع للايزيديين في البلاد، ينتظرون وصول أفراد الأسرة الآخرين إلى الولايات المتحدة”، وفقا للصحيفة.
وقد واجهت الجماعة الدينية قرونا من الاضطهاد، وفي العام 2014، ارتكب تنظيم داعش ابادة جماعية بحق الايزيديين، مما دفع الآلاف منهم إلى اللجوء للولايات المتحدة.
مسار عصيب
لكن مسار الهجرة الى الولايات المتحدة يتطلب وقتا طويلا، ولا تتم الموافقة دائما على طلبات اللجوء، واذا تم منحها، فان المنظمات المحلية، مثل الخدمات الاجتماعية الكاثوليكية، والخدمات العائلية اللوثرية، وYazada وهي منظمة ايزيدية عالمية لها مكتب في لينكولن، تساعد هؤلاء الاشخاص في العثور على مكان للعيش وتعلم اللغة الانكليزية والتكيف مع ثقافة جديدة.
وقالت مديرة إعادة توطين اللاجئين في الخدمات الاجتماعية الكاثوليكية ميغان ميغر، بحسب الصحيفة الأمريكية، إنها “لا تفهم تماما كيف تختار الولايات المتحدة الموافقة على طلبات معينة من بين ملفات عديدة”.
وبغض النظر عمن يتم اختياره، فقد أدى اختيار أعداد محدودة من اللاجئين الى تشتت العائلات في جميع انحاء مدينة لينكولن”، وفقا للصحيفة، التي لفتت إلى أن “العقبة الرئيسية سببها عملية التدقيق المتزايدة والمطولة المطلوبة للبلدان ذات الاغلبية المسلمة.
وخلال السنة المالية 2016 ، وافقت الولايات المتحدة على 9880 لاجئا عراقيا لا يشمل معايير الهجرة الامنة، وفقا لمركز معالجة اللاجئين، وبحلول العام 2020 ، انخفض هذا الرقم الى 537.
الى جانب ذلك، تراجع عدد اللاجئين الايزيديين المقبولين من 434 في السنة المالية 2017 إلى 20 فقط في 2019، بحسب تقرير الصحيفة الأمريكية.
ونقلت الصحيفة أيضا، عن هادي بير، وهو نائب الرئيس والمؤسس المشارك لـ Yazada ، قوله إنه “على الرغم من ان سياسات ترامب قيدت عدد اللاجئين الذين يدخلون البلاد، إلا أن “الولايات المتحدة عملت مع الاقليات في العراق وانفقت أكثر من 400 مليون دولار لاعادة بناء المجتمع”.
وبحسب أمر تنفيذي لبايدن في مايو/ايار الماضي، فيأمل في استقبال 125 ألف لاجئ خلال كل عام من رئاسته بعد 2021.
في العراق
كانت ابنة حازم متشككة بعض الشيء منه عندما وصل الى العراق في اواخر كانون الثاني/يناير، ولم تكن تفهم تماما كيف كان جزءا من العائلة، بحسب الصحيفة الاميركية.
كما أن مخيم اللاجئين ليس المكان المثالي للم شمل افراد العائلات، فهناك عائلات تعيش في خيام جنبا الى جنب، ولكل 500 شخص، توجد مضخة مياه واحدة فقط، ولا يستخدمون سوى كمية صغيرة من المياه للاستحمام، تقول الصحيفة.
وتسبب الوباء بتعقيد قدرة المنظمات المدنية التي تزود مخيمات اللاجئين عادة بالاغذية ومنتجات النظافة، على القيام بذلك. وقال حازم “هناك اشياء كثيرة يتحتم (القلق) بشأنها اكثر من كورونا”.
وبحسب التقرير، “الأسرة اجتمعت، وأثناء الزيارة، تمكن حازم من الاحتفال بعيد ميلاد زوجته التي تعمل ممرضة، للمرة الأولى منذ سنوات، وقاموا بصبغ البيض معا للاحتفال بالعام الايزيدي الجديد”.
وربما كانت اولى كلمات ابنته له “ابتعد عني”، لكنه تمكن اخيرا من رؤيتها شخصيا، وفقال “جورنال ستار” الأمريكية.
وأمضت العائلة المكونة من ثلاثة افراد وقتا في التجول في جميع انحاء المنطقة المجاورة وبدأ حازم في تعزيز علاقة مع ابنته. في الاسبوع الثالث تقريبا، ركضت ابنته الى سريره. سألت اذا كان سيتركهم مرة أخرى لكنه قال لا لانها كانت الايام الاولى من زيارته التي استغرقت 90 يوما.
في أمريكا
والآن مع عودته مرة أخرى إلى مدينة لينكولن، فإن الذكرى تصبح حلوة ومرة، ففي هذه المدينة الامريكية، تصطف لوحات الطاووس على الجدران في يازادا ونموذج ثلاثي الابعاد لمعبد لالش، انها بمثابة تذكير بالدين والثقافة الايزيدية، كما تعلق على الحائط صورة مرسومة لاطفال المعبد لاحياء ذكرى 3 أغسطس/آب 2014 ، يوم الابادة الجماعية للايزيديين، ويظهر ملصق صممته لاجئة لعائلتها المفقودة منذ الابادة الجماعية، وفقا للصحيفة.
وخلصت الصحيفة الأميركية، في تقريرها للإشارة إلى أن “الشقيقين فلاح وحازم يبنيان حياتهما في الولايات المتحدة على الرغم من انفصالهما عن بعض أفراد عائلاتهما المقربين”.
وكان حازم طبيبا عندما كان يعيش في العراق، والآن على وشك أن يصبح طبيبا في الولايات المتحدة، وفلاح طالب في جامعة نبراسكا لينكولن، هو الآخر كان قد نشر بعض الأبحاث حول بكيفية تكيف المجتمع مع الوباء.
وخلال العام 2019 ، قدمت(Yazada) 794 خدمة، بما في ذلك مساعدة الناس على دفع الفواتير او التقدم للوظائف، وبحلول نهاية العام 2020، تضاعف هذا العدد الى 1917.