بعد أن کان إستمرار التفاوض لبحث قضية مهمة يبعث على التفاٶل بإيجاد ثمة حل لها، لکن لايبدو إن هذا السياق يمکن أن ينطبق على مفاوضات فيينا في ضوئ دخولها المرحلة السادسة، ذلك إن المشکلة تتعلق اساسا بالنظام الايراني الذي لايبدو إنه وفي ضوء الاحداث والتطورات الجارية طوال العقدين المنصرمين سيتخلى عن طموحاته من أجل حيازة السلاح النووي، هذا الى جانب إن الصدمة التي أصابت المجتمع الدولي هو إن هذا النظام وبعد الاتفاق النووي الذي تم إبرامه معه في عام 2015، قد صار أکثر عزما على التمسك بطموحاته النووية والمضي قدما من أجل تحقيق حلم بإنتاج القنبلة النووية.
الملفت للنظر، إنه النظام الايراني وفي الوقت الذي يقوم وفده في فيينا بالمشارکة في المفاوضات الجارية من أجل التوصل الى إتفاق، فإنه وبدلا من إظهار حسن نواياه وجعل الآخرين يطمئنون ويرکنون إليه، فإنه يعمل على العکس من ذلك، إذ وبحسب ماکانت قد أعلنت عنه الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإن النظام الايراني يواصل خرق الكثير من القيود المنصوص عليها ضمن الاتفاق النووي، الذي تم التوصل إليه في عام 2015 بين طهران والسداسية الدولية، وأضافت بأن النظام لم يقدم توضيحا بشأن المواد المشعة المكتشفة في 3 مواقع، ونشرت الوكالة تقريرا منفصلا حول آثار اليورانيوم المكتشفة في مواقع إيرانية، ولم تتمكن من التحقق من مصدرها بعد. والمصيبة إن کل ذلك يجري في ظل وعلى هامش مفاوضات فيينا، والانکى من ذلك إن النظام ماض للمزيد من التشدد في مواقفه وإن الوفد المفاوض کما يبدو يخضع لتوجيهات وإرشادات من جانب المرشد الاعلى للنظام بحد ذاته.
أغلب التوقعات تشير الى إن الجولة السادسة لمفاوضات فيينا لن تتمکن من حسم المسائل والقضايا العالقة والتي لو دققنا فيها لوجدنا إن جميعها تتعلق بالنظام الايراني نفسه وبإصراره على التمسك ليس ببرنامجه النووي فقط بل وبمساعيه ومحاولاته السرية بعيدا عن الانظار في الجانب العسکري منه، ومن نافلة القول إنه ستکون هناك جولات وجولات أخرى والذي يجب أن يٶخذ هنا بعين الاعتبار هو إن الطرفين، أي المجتمع الدولي والنظام الايراني، قد خرجا من تجربة الاتفاق النووي الذي تم إبرامه في عام 2015، وکل منهما يسير بعکس إتجاه الطرف الآخر، حيث إن المجتمع الدولي صار يتخوف أکثر من أي وقت آخر من النوايا المبيتة للنظام الايراني ومن إنه ليس جديا بما فيه الکفاية من أجل التوصل الى إتفاق حاسم، في حين إن النظام الايراني يعلم جيدا بأنه وفي ضوء أوضاعه الحالية والمرحلة بالغة الحساسية التي يمر بها، فإن الاستسلام والخضوع للمطالب الدولية ستنعکس سلبا ليس على أوضاعه الداخلية وتحدث مفاجئات صادمة له قد تنتهي بإنتفاضة کاسحة، بل وحتى على أذرعه في بلدان المنطقة وتتسبب في تغيير جوهري سلبي في دوره ونفوذه في بلدان المنطقة.