الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeاخبار عامة"ألف مليار دولار ذهبت مع الريح".. كيف علق عراقيون على مشروع صالح؟

“ألف مليار دولار ذهبت مع الريح”.. كيف علق عراقيون على مشروع صالح؟

خاص- ارفع صوتك

يشكك العراقيون بإمكانية استعادة الأموال المنهوبة والمهربة إلى خارج البلاد، ويعدّون إطلاق أي مشاريع أو تشكيل لجان بهذا الخصوص هو للحصول على مكاسب سياسية انتخابية، بغية الحفاظ على شكل النظام السياسي الحالي.

وفي 23 مايو الماضي، قدم رئيس الجمهورية برهم صالح “مشروع قانون استرداد عائدات الفساد” إلى رئاسة مجلس النواب، ويتضمن “إجراءات عملية استباقية رادعة وخطوات لاحقة لاستعادة أموال الفساد”.

“أين ذهبت؟”

وخلال كلمة متلفزة له، أعلن صالح عن تقديمه المشروع، قائلاً إن “إحصائيات وبيانات حكومية ودولية تخمن أن مجموع إيرادات العراق المالية المتأتية من النفط منذ عام 2003 يقارب ألف مليار دولار”.

ويصف الباحث في الشأن الاقتصادي بسام زيد، الرقم بأنه “فلكي”.

ويتساءل في حديثه لـ”ارفع صوتك”: “أين ذهبت تلك الأموال؟” في مفارقة مع حال البلاد التي تملأها “شوارع مدمرة، وأبنية مدرسية متهالكة، ومستشفيات حكومية غير صالحة للاستخدام البشري يغزوها الفساد بلا أجهزة متطورة أو أنظمة تكييف أو أدوية مناسبة”.

ويقول زيد “هذا الحال ينسحب على كل شيء حرفياً بالعراق، بدءاً من المؤسسات الأمنية وصولاً إلى الأماكن الترفيهية والسياحية والتعليم”.

وعن إمكانية استعادة تلك الأموال، يرى زيد الأمر “مستحيلاً”.

ويوضح “تبخرت تلك الأموال وتحولت إلى عقارات وشركات وفنادق ملأت بها الأحزاب الفاسدة بلدان العالم، لكن يمكن للعراق التحرك حالياً لسحب الأرصدة البنكية المسجلة باسم أشخاص معروفين وعليهم شبهات فساد، عن طريق الاستعانة بالخبرات الدولية، والحصول على موافقات من حكومات تلك البلدان”.

300 مليار دولار هُربت خارج العراق

بخلاف ما أعلنه رئيس الجمهورية، عن وجود 150 مليار دولار من أموال العراق مُهربة إلى الخارج، تؤكد لجنة النزاهة البرلمانية، أن هناك 300 مليار دولار أميركي، تم تهريبها إلى خارج العراق منذ عام 2003.

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (واع)، عن اللجنة قولها إن “لجنة مكافحة الفساد، التي شكلتها الحكومة تراجعت خطوة إلى الوراء بعد اتخاذها اجراءات فاعلة لملاحقة الفساد، بسبب الضغوط السياسية وهذا ما يمنع تنفيذ أي قانون لاستعادة تلك المليارات المهربة إلى خارج العراق”.

وحول أبرز الأرقام التي تمتلكها فيما يخص وضع الفساد المالي في العراق، بينت اللجنة أن “الأموال التي صرفت بعد عام 2003 تقدر بألف تريليون دينار، وهي تشمل موازنات الوزارات التشغيلية والاستثمارية، حيث هُدرت أموال طائلة في قضايا التعاقد”.

وتابعت “لم نلمس أي مشروع واضح تم استكماله في بغداد أو المحافظات، وأغلب المشاريع أحيلت لشركات غير رصينة، وتم التعامل عليها على أسوأ العمولات؛ لذلك لم تنجز الأعمال، وبقيت الأموال على مشاريع بسيطة، لكن لم نشاهد مشاريع إستراتيجية كطرق رئيسية وجسور سريعة”.

وبما يخص عمليات تهريب الأموال، أوضحت اللجنة “خلال الأعوام الماضية، تم تهريب حوالي (300 مليار دولار)، خارج العراق، جميعها تم بإيصالات وهمية”.

من جهته، يقول النائب آراس حبيب كريم، أن “عملية استرداد أموال العراق المنهوبة تحتاج إلى إرادة سياسية وتعاون وثيق مع دول ومنظمات”.

ويضيف حبيب “على صعيد العمل لاسترداد أموال العراق المنهوبة، التي تقدر بمئات مليارات الدولارات فإننا نحتاج إلى إرادة سياسية وتعاون وثيق مع دول وجهات ومنظمات من أجل تحديد سياقات التنفيذ”.

ويتابع “الفساد وما يمثله من مورد مهم للإرهاب، يعيقان الاستقرار الأمني الذي يوفر البيئة السليمة للاستثمار والتنمية”.

“دعايات انتخابية”

ومثل اللجان السابقة، والهيئات التي شكلت منذ أول حكومة عراقية، بعد عام 2003 وإلى يومنا هذا، ينظر العراقيون إلى أي تحرك سياسي لضرب الفساد باعتباره “محاولة للكسب السياسي أو دعايات انتخابية”.

يقول مسؤول بارز، بوزارة المالية لـ”ارفع صوتك”: “منذ أول حكومة شكلت بعد 2003 وصولاً إلى حكومة رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، تصلنا عشرات الطلبات حول معلومات تخص وزارات وتخصيصات مسؤولين وهيئات ومؤسسات، وما علينا سوى الاستجابة والعمل على توفير تلك المعلومات”.

“لكن في الأخير، يعتلي الغبار الملفات الخاصة بالمسؤولين ولا أحد يعرف مصيرها. ومن خلال التجربة، اتضح أن أي عملية ملاحقة لمسؤولين أو سياسيين تأتي بضغط من الأحزاب، لغرض المكاسب السياسية، خصوصاً مع قرب الانتخابات”.

ويؤكد المسؤول الذي رفض ذكر اسمه “في هيئة النزاهة مئات الملفات التي تخص وزراء ومسؤولين ورؤساء حكومة وزعامات سياسية، مثبت فيها بالأرقام تفاصيل شبهات الفساد التي تحوم حولهم، وحجم ما سرقوه من أموال العراق، وحجم ما تم تهريبه، لكن الأمر يبقى قيد التوافقات السياسية، ومن يسيطر على الهيئة يستغل كل تلك الملفات للحصول على حصص جديدة في الوزارات والحكومات المتعاقبة”.

وفي استطلاع رأي لـ”ارفع صوتك”، لعدد من المواطنين، يقول حازم جابر  “حتى لو تمت استعادة الأموال المهربة، أو استعادة الـ1000 مليار التي تحدث عنها برهم صالح، لن يعود هذا الأمر بالنفع للعراقيين، سيعاد تدويرها مرة أخرى وسيتم تقاسمها، ولو أنني أشك جداً بإمكانية استعادة دولار واحد مما تم تهريبه خارج العراق”.

ويضيف حازم (31 عاماً)، الذي يعمل موظفاً في مصرف حكومي “تعودنا على هذا الأمر، كل مرة نسمع عن لجنة لمكافحة الفساد أو محاولة لكبح جماحه، لكن ما هو واضح أن الفساد في تصاعد مستمر، ولا أحد يستطيع إيقافه، وما قدمه رئيس الجمهورية من قانون لا يتعدى بنظر العراقيين دعاية انتخابية جديدة، هدفها الحصول على مكاسب سياسية جديدة مع قرب الانتخابات”.

من جهته، يقول المواطن علي غانم (25 عاماً): “حتى لو كان رئيس الجمهورية صادقاً في نواياه، فهو بذاته يدرك أن حجم الفساد في العراق لا يوقفه قانون يمر عبر مجلس النواب الذي تتحكم فيه الأحزاب ذاتها المتهمة بتهريب مليارات الدولارات إلى خارج العراق”.

ويتابع: “تحكم الأحزاب الفاسدة بالبرلمان سيمكنهم من تأخير مشروع قانون استرداد عائدات الفساد، أو سيعرضونه للتشويه، وسيعيدون صياغته وفق مصالحهم، وربما سيخضعون هذا المشروع للتفاهمات السياسية، وحوارات الغرف المظلمة، مثلما يحدث مع أي قانون داخل مجلس النواب”.

“ألف مليار دولار منذ 18 عاماً ذهبت مع الريح، ولن تعود، ولن يتغير شيء في ظل هيمنة دول مجاورة للعراق على قراراته ومصيره ومصير أبنائه”، يختم علي حديثه بنبرة يائسة.

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular