استحضار الأزمات من عمق التاريخ …
ظهرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تطالب فيها جماعات بإزالة تمثال الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور من وسط العاصمة العراقية بغداد، ونشروا وسم: (#يسقط_صنم_المنصور)، بينما نشر المعارضون لهدم التمثال وسم (#المنصور_مؤسس_بغداد).
وخلقت المطالبات بين مؤيد ورافض، موجة جديدة من الخلافات انشغل بها مدونون وناشطون عبر مواقع التواصل.
حيث غرّد الباحث في تاريخ الأديان عباس شمس الدين في تويتر، عبر الوسم الداعي إلى تدمير تمثال المنصور، قائلاً، إن «بني العباس سجنوا وعذبوا كلاً من الإمام أبي حنيفة النعمان حتى مات، الإمام مالك بن أنس، الإمام الشافعي ثلاث مرات، الإمام أحمد بن حنبل».
كما جوبهت دعوات تدمير وهدم تمثال أبو جعفر المنصور بردود فعل غاضبة من قبل أطراف أخرى، طالبت السلطات بالتصدي لهذه الدعوات وحماية تراث بغداد، مشيرين إلى أن المنصور بنى بغداد، بينما لم يستطع الآخرون تقديم شيء لها سوى الدمار وهدم شواخصها.
أبو جعفر المنصور «ليس مقدساً»
ويرى الدكتور والباحث والمؤرخ والموسوعي العراقي علي النشمي، أن «موضوع إزالة تمثال أبوجعفر المنصور مفتعل وله أبعاد سياسية وطائفية وليس أبعاد تاريخية».
مشيراً في حديث لـ (باسنيوز)، إلى أن «الرافضين والمؤيدين لبقاء التمثال من عدمه غير موضوعيين، وإن الهدف من وراء هذه المطالبات هوالتأجيج الطائفي، وخصوصاً مع قرب الانتخابات النيابية المزمع إجراءها في تشرين الأول القادم».
وأضاف النشمي، أن «تمثال أبو جعفر المنصور شأنه شأن تمثال كهرمانة وشهرزاد وغيرهما من النصب في بغداد»، متسائلا عن السبب الذي دفع هذه الجماعات لتأجيج الخلاف، مرجحاً أن يكون خلف الحدث طرف أو جهة محددة.
وأكد أن «أبو جعفر المنصور ليس شخصية مقدسة، ولذلك فإن التمسك بوجود التمثال له أبعاد طائفية مرتبطة بقناعات تاريخية معينة»، وأن «بغداد هي مدينة الحضارة الإسلامية، وشارك في بنائها العديد من القادة والملوك، ووجود بغداد ليس له علاقة بالمنصور، بالرغم من أن المنصور وضع حجر الأساس لبناء العاصمة ولكنه لا يعتبر رمزاً لها لأن بغداد أكبرمن أن يرتبط اسمها بشخصية واحدة».
وتم نصب التمثال نهاية سبعينيات القرن الماضي في منطقة المنصور التي سميت على اسم الخليفة العباسي، وصنعه النحات خالد الرحال.
فيما يرى البعض، أن المؤيدين لإزالة التمثال يحملون «صبغة طائفية ماضيوية ثأرية» عالقة في التاريخ، تتمثل بالفترة العباسية التي شهدت مقتل الإمام جعفر الصادق، وهو أحد الأئمة الـ12 لدى الشيعة.
وكتب الصحفي ضيف يزن على حسابه في تويتر قائلاً: «1246 سنة على وفاة باني بغداد أبو جعفر المنصور. ومنذ سبعينيات القرن الماضي وضع نصب رأسي في بغداد تخليداً لذكراه. تعاقبت حكومات والنصب شاخص ، واليوم هناك من يدعو لهدمه. فهل أضحى مجرد نصب يرعبهم؟».
جهات تستحضر الأزمات من عمق التاريخ
وقال الكاتب والباحث السياسي علي البيدر لـ (باسنيوز)، إن «هناك جهات سياسية، وخصوصاً الدينية منها تحاول استحضار أزمات من عمق التاريخ ونبش بعض المشاكل والصراعات التي حدثت في الماضي وتسويقها من أجل استمالة جمهوره وشحنه طائفياً»، مشيراً إلى أن «هذه الجهات تستخدم أدوات مذهبية في زيادة هذا الشحن وتوفير الوقود له، وبالتالي الاستفادة من هذا الجمهور في الصراع الانتخابي، في حين أن الجمهور يحتاج إلى الأمن والخدمات وتصليح واقعه وتوفير فرص عمل، كما يتطلع هذا الجمهور إلى تطوير واقعه ومستقبله، وليس ترميم الماضي الذي لم يكن له دور في إيجاده أو خلقه».
واستدرك البيدر قائلاً: «إن الوعي العراقي، وخصوصاً الجيل الواعد أكبر من تلك المحاولات، وإن مفتعلي هذه الأزمات يستشعرون خطر إزالتهم ولذلك يلجؤون إلى هذه الأساليب التي أصبحت مكشوفة للجميع».
وتعتبر هذه المرة الثانية التي يثير فيها تمثال المنصور جدلاً في العراق، ففي عام 2005 نسف مسلحون التمثال بعبوات ناسفة ، قبل أن يعاد نصبه من جديد.
أبو جعفر المنصور لم يبنِ بغداد إلاّ للتخلص من حلم أحفاد الساسان في إستعادة حكمهم, وقد تأكد من ذلك من تشبث أبو مسلم الخراساني بإيوان جده الأعلى كسرى , الفخ الذي تمكن بواسطته من إستدراج أبو مسلم (بهزاد هرمز) إلى المدائن والقضاء عليه غيلة , هذا الذي كان قد أعد جيشاً من 60 ألف مقاتل للزحف على أبي جعفر وقتله دون مقدمات لكن الداهية غلبه بذكائه وخدعاته , بعده مباشرة أمر بالتخلص من اثار جميع المدائن وبناء مدينة جديدة إلى الشمال منها في موقع كان يسمى بغداد سلفاً وبمواد بنائها , وهذا هو مبعث العداء له وليس مقتل الأئمة