:
تناول تقرير لمجلة “إيكونوميست” البريطانية التحديات التي تواجه بناء الدولة في العراق، وما إذا كان من شأن الانتخابات المقبلة إفراز حكومة قادرة على مواجهة الميليشيات المسلحة المرتبطة بإيران، مع الإشارة في الوقت ذاته إلى وجود لمحة من التحسن على مستوى الاقتصاد تلوح في الأفق.
ذكّر التقرير بحادثة اعتقال القيادي في الحشد الشعبي قاسم مصلح الشهر الماضي بتهم مرتبطة بالمادة الرابعة من قانون مكافحة الإرهاب، وما تبعها من محاصرة عناصر من الميليشيات الموالية لإيران لمقرات الحكومة في المنطقة الخضراء.
تم إطلاق مصلح في التاسع من هذا الشهر بعد نحو أسبوعين من اعتقاله، وذلك “لعدم كفاية الأدلة”، كما قال بيان لمجلس القضاء الأعلى، لكن إطلاق سراحه كان بالنسبة لعديد من العراقيين تذكيرا محزنا بمدى ضعف دولتهم، وفقا لتقرير “إيكونوميست”.
تحدث التقرير بإسهاب عن مستوى النفوذ الذي باتت تتمتع به الفصائل الموالية لإيران، المنضوية تحت مظلة الحشد الشعبي، وكيف تجاهر بتبعيتها للمرشد الإيراني.
تنقل المجلة عمن قالت إنه زعيم روحي لأحد الفصائل الموالية لإيران والمنضوية في الحشد الشعبي، قوله: “نحن نتبع أوامر رئيس الوزراء دائما”، لكنها أشارت إلى أن الصور الموجودة على حائطه هي لقائد فيلق القدس قاسم سليماني والمرشد الأعلى لإيران علي خامنئي.
ويقول رجل آخر كان يجلس في المكان ذاته، بحسب المجلة، “في الأمور الدينية، نتبع آية الله خامنئي وعلى الأرض نتبع رئيس الوزراء العراقي”. وماذا لو كانت تعليماتهم تتعارض؟ يقول الرجل: “إيماننا فوق رئيس الوزراء”.
ويضيف لمجلة “إيكونوميست” أنه يود أن يصبح الحشد الشعبي مثل الحرس الثوري الإيراني، الذي يخضع للمرشد الإيراني وليس لرئيس البلاد، ويدير إمبراطورية تجارية واسعة وفاسدة.
تقول المجلة إن هذا الأمر بالنسبة للعديد من العراقيين بمثابة “احتمال مرعب”.
وفقا للتقرير، يسيطر الحشد بالفعل على بعض الوزارات، ويحصل على عائدات مالية من عمليات الابتزاز والتهريب.
تتسبب هذه الأفعال في زيادة الاستياء من إيران ووكلائها، وفق المجلة التي تستذكر كيف أضرم محتجون النار في قنصلية طهران في كربلاء الشهر الماضي، وأحرق آخرون مكتبا للحشد في الناصرية العام الماضي.
يستعد العراق لإجراء انتخابات عامة مبكرة في أكتوبر المقبل، ومع ذلك، يتساءل العراقيون عن مدى فاعلية السلطة التي ستتمتع بها الحكومة التي سينتخبونها، وفقا للتقرير.
ويضيف أن الكثير من العراقيين يخشون أنه بغض النظر عمن سيفوز، فإن الميليشيات والفصائل الفاسدة والقوى الأجنبية هي التي ستمتلك الكلمة الفصل في النهاية.
يخطط عراقيون كثيرون لمقاطعة الانتخابات، ويلخص خمسة شبان في مطعم في مدينة البصرة جنوبي البلاد التقتهم بهم المجلة، الحالة المزاجية للشارع. جميعهم دعموا الاحتجاجات المناهضة للمؤسسة، والتي هزت البلاد في عام 2019.
يقول أحدهم، واسمه نبيل، وهو موظف حكومي تعرض للضرب على أيدي عناصر الميليشيات خلال الاحتجاجات، إنه لا يخطط للمشاركة في التصويت، ويضيف “نريد وطنا”، في تذكير بالشعار الشهير الذي رفعه المحتجون خلال التظاهرات.
ومثل العديد من العراقيين، يشعر نبيل بالقلق من أن بلده يتعرض للدمار من قبل قوى خارجة عن سيطرة الحكومة.
وإضافة لتنامي نفوذ الميليشيات، تحدث التقرير عن مشاكل جمة تواجه العراق على الصعيد الاقتصادي، وخاصة توفير رواتب الموظفين، الذين يرهقون موازنة الدولة على الرغم من إنتاجيتهم القليلة جدا.
ويشير، أيضا، إلى مشاكل تتعلق بتوفير الطاقة والخدمات، وسيطرة الأحزاب على ملف التوظيف الحكومي والتعامل مع ملف استيراد الغاز الإيراني لتوفير الوقود لمحطات الطاقة، فيما يتم حرق كميات مماثلة من الغاز العراقي لعدم توفر إمكانيات استثماره وتحويله لوقود.
ومع ذلك أشر التقرير بعض الإيجابيات، ومنها أن العراق بدأ بالانفتاح على العالم من خلال تسهيل إجراءات منح التأشيرات، فيما تشير التوقعات إلى أن النمو الاقتصادي في البلاد أخذ بالتحسن مع زيادة أسعار النفط وانخفاض مستوى العجز في الموازنة.
وعلى الرغم من مستويات الفساد العالية جدا في العراق، يقول التقرير إن هناك حسنة واحدة في هذا الملف، حيث يشير المتفائلون إلى أن الكثير من الأموال المسروقة يتم استثمارها الآن محليا، بدلا من استثمارها في الخارج.