الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Homeمقالات ASHTANOVعشتانوف والعشق الإلهي:عبد الرضا المادح

 ASHTANOVعشتانوف والعشق الإلهي:عبد الرضا المادح

 

مجموعة شعرية تحت عنوان (عشتانوف) للأستاذ الشاعر المتألق علي مهدي المادح، صدرت عن دار ريادة للنشر والتوزيع سنة 2021 في مدينة جدة – المملكة العربية السعودية مع ترجمتها للغة الأنكليزية.

 الشاعر مواليد 21 ايار 1978 من مدينة القطيف في المملكة العربية السعودية، خريج جامعة الملك فيصل، كلية التربية قسم اللغة العربية، ويعمل مدرس للغة العربية.

جالَسَ علي المادح الشعراء منذ صباه، فنهل منهم اصول كتابة الشعر، كما تأثر بكبار الشعراء العرب القدماء والمعاصرين، وذكر منهم ” طرفة بن العبد، عنترة العبسي، الفرزدق، المتنبي، عمر الخيام، جلال الدين الرومي، الجواهري، نزار قباني، سيد مصطفى جمال الدين، بدر شاكر السياب، السيد حيدر الحلي، ….” وغيرهم.

صدر له ديوانين، الأول بعنوان (ومن الحب ما أحيا) عام 2007 متنوع بين العمودي والتفعيلة، والديوان الثاني         (عشتانوف)، كما لديه دواوين تحت الطباعة، الديوان الأول : مديح ورثاء في النبي محمد بن عبد الله (ص)، والديوان  الثاني : (نون والوجع) نثر ومترجم للغة الفرنسية، والديوان الثالث : (مدينة العشق) قصائد مطولة تبحر في احاسيس العشاق وعذابات الحب. دواوينه أثارت الأهتمام، فتُرجمت طوعاً الى الفرنسية والأنكليزية.

 ديوان (عشتانوف) مجموعة قصائد كتبت على شكل رباعيات مقفات بلغ مجموعها 275 توزعت على 287 صفحة مع مقدمة وخاتمة، الرباعيات تذوب عشقاً بآلهة الجمال عشتار، التي نهضت من عالمها السفلي، لتتجسد بصورة (نوف) ذات الخمار الأسودِ، الحبيبة خاطفة القلوب ببريق عينيها، فتكبل قلب الشاعر الولهان بشباكها، ثم تختفي كالسراب وتتركه بين الشك واليقين، 1 –   تأكَّدْتُ أنَّكِ حُبٌ وطَار  ….  فَمَنْ كانَ هذا الذي في الخِمَارْ   (الأرقام تشير للرباعيات).

سأختصر بعرض بعض النماذج من الرباعيات، حيث من الصعب تناول كل المجموعة في مقال واحد، فهي تحتاج لدراسة بكتاب نقدي من قبل النقاد المختصين. 

الرباعيات، زاخرة بتساؤلات العاشق الحيران المطرزة على جدران القوافي، كما تعكس شكوكه حول كينونة الوجود وأسراره، وكل رباعية تحضى بأستقلاليتها، ولكنها بمجموعها مترابطة فيما بينها كالنجوم في صفحة السماء الصافية.

الرباعيات تحتاج لتفكيكها الى مفرداتها وتحليلها لأستكشاف المعاني والتساؤلات الفلسفية الكامنة فيها، ففي رباعيته الخامسة يصل به الشك الى وجود ذاته،

5 –   إنْ لم أكنْ أناْ من بهِ أتكلمُ         إنْ لمْ تكنْ شَفَتِي التي تَتَبسَّمُ 

       فَمنِ الذي يجري بداخلهِ الدَّمُ      أتُرى أنَا أمْ أنني أَتَوَهَمُ

وفي رباعيته (16) يصف كمال خلق جسد حبيبته ( قَوامٌ صاغهُ …. وقال خلقتهُ في خيرِ تكوينِ ) وفي خاتمتها، يأتي تساؤلُه الذي يعكس الحيرة والتناقض، بين كمال الخلق وحاجة الأنسان الى الدين ( وكيف يكونُ محتاجاً إلى الدِّينِ ) ؟!

سؤال آخر يحير الشاعر فبعد الموت يتحلل دماغ الأنسان، فكيف له بعد الرجوع (إفتراضاً موجود) أن يتذكر دينه، أم أن الإله سيذكّر عشرات المليارات بأديانهم ؟!   37 –   حينما أرجعُ منْ بعدِ مماتي    لستُ أدري أيَّ دينٍ قد سَلكتُ   !؟

وتتوالى التساؤلات المحيرة، 

21 –   إنْ كنتِ أنتِ على الجَمَال إلهةً    فمن الذي لجَمَالِ روحكِ يخلق

41 –   وحَّدُوا اللهَ بقولٍ وهمُ ما وحَّدُوهُ     حينما قد عدَّدوا الحُبَّ جهاراً عدَّدوهُ     

         أترى أوجَدَهمْ أم إنَّهم قد أوجَدُوهُ   عجبي من يصنعون الربَّ حتى يعبدوهُ

أما هذه الرباعية، فقد خصصها لذكر الأم الحنون، حيث يجسد صورتها البهية بهالة من الضياء،

29 –   أمي ضياءٌ خالصٌ في وصفها     تاهَ الخيالُ وكل أفكاري خَلَتْ

معظم الرباعيات تدور في فلك عشق الحبيبة، ومحاولة لملمة رمال سرابها،

11 –   قل للحبيبةِ وهي تلبسُ ثوبها      باللهِ قولي كيفَ ثوبكِ يَشْعُرُ

        هل ينْتَشِ طَرَباً ويَضْحكُ حينما      يلتفُّ حولكِ أم تُرَاهُ سيسكرُ

13 –   ليسَ قيسٌ هَمَجيَّاً فبهِ نفسٌ حَميَّه   إنَّا يحملُ روحاً بهواها عَفَويَّه

14 –   يتقابلُ الإبداعُ عندَ خدودها           ولحُسْنِها تتوقفُ الأَعْمَارُ

        أمَّا الزُّهور بِكُلِّ روضٍ باذخٍ         هو وصفها تَحْكِي بهِ السُّمّاَرُ  

قد يتوهم القاريء، أن الشاعر مثلهُ كمثل أبو نؤاس صاحب كأس، وهذا بعيد عن الواقع، فهو من مجتمع يُحرّم الخمر، ولكنه يَصفُ بذلك حالة العذاب التي يعيشها، بأرتشافه من كاس الحب حتى الثمالة الأبدية، ويُذكّر بالليالي الملاح وحكايات شهرزاد في الف ليلة وليلة،  24 –  اشربْ لذيذَ الهوى من كأسِ ولهانِ    ولاعب الحِسَّ من كأسٍ إلى ثاني  

ويحاول أن يُطفي ضمأه ولوعته بكأس الراح، ويجعل المتلقي المتذوق يسرح في ليالي هارون الرشيد الباذخة،        26 –   اشربْ فإنَّ فؤادي بالهوى انْكَسَرا      واترك شظايا غرامي تجمعُ الوَتَرا  

         فكم تكسَّر كأسي وهو ممتلئٌ           لا يُصْلِحُ القلبَ إلا مَن بهِ كُسِرا

سلب العشق عقله فتاه في صحراء عطشهِ،   49 –  ….. أنا قيسُ الهوى وليلى جنوني

52 –   فإذا التقينا ناوليني خَمرتي    واستوقفي الدنيا بطولِ عناقي   ، هنا يرشفُ العاشقُ الشاعر الخمرةَ من شفتيها ‘ فيسكرُ وتتوقف الحياة مع دوام العناق، وأنا أيضا اتوقف عن استعراض المجموعة لأسمح للمتلقي أن يسرحُ في خياله ويتذوق كأس الشعر حتى الثمالة.

 

عبد الرضا المادح

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular