“الآن بدأت مرحلة إنفاق الأحزاب والقوى السياسية وبعض المرشحين للمال على جموع الناخبين لشراء أصواتهم في الانتخابات البرلمانية”، يقول الناشط الحقوقي تيسير راغب لـ ” ارفع صوتك”.
ويرى أن المال “ينجح عادة في شراء الأصوات الناخبة؛ لأن الأحزاب وبعض المرشحين يغتنمون بدورهم فرصة الظروف المعيشية الصعبة التي تعاني منها الفئات المهمشة والفقيرة”.
ويضيف راغب أن “الناس لديها مبدأ اكتشف بعد أعوام طويلة من خوض تجربة التصويت في الانتخابات البرلمانية، وهو أن المرشحين يفوزون بالانتخابات البرلمانية سواء قاموا بمنح أصواتهم لهم أو لا، لذا تجد الكثير منهم يسعى للحصول على شيء من المال الذي تنفقه هذه الأحزاب والكيانات السياسية”.
ويشير راغب إلى أنه يسمع بعض المواطنين يقولون “أموال البلاد باتت كلها من حصة السياسيين بسبب عمليات الفساد، فلا ضير ونحن في عوز أن نحصل على جزء بسيط منها”.
“أحياناً لا ألوم من اختار التنازل عن حقه والتصويت لهم مقابل المال، أنا أتفهمه، فهو يشعر بضياع حقه سواء منحهم صوته أو لم يمنحه”، يتابع راغب.
قوائم التحالفات السياسية
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، كشفت عن أعداد المرشحين وتحالفاتهم السياسية.
وقالت المتحدثة باسم مفوضية الانتخابات، جمانة غلاي، إن عدد المرشحين المسجلين رسمياً لدى المفوضية وصل إلى 1640 مرشحاً منضوين داخل 38 تحالفاً و256 حزباً”.
وأوضحت غلاي في تصريحها أن “11 تحالفاً من التحالفات الـ 38 المسجلة هي تحالفات سبق وأن شاركت في الانتخابات البرلمانية السابقة، وإن الأحزاب أيضاً شملت 124 حزباً شاركوا أيضاً في ما سبق من سنوات بالانتخابات”.
في حين نشرت مفوضية الانتخابات، قوائم بالتحالفات السياسية المسجلة لديها تظهر تسجيل 18 تحالفاً سياسياً تضم أحزاب وكتل وتيارات عدة، لكنها خلت من التيار الصدري وتحالف الفتح والأحزاب الكردية.
وكان من المفترض انتهاء الدورة البرلمانية الحالية عام 2022، إلا أن الأحزاب السياسية قررت إجراء انتخابات مبكرة بعدما أطاحت احتجاجات شعبية واسعة -أطلق عليها انتفاضة تشرين- بالحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي أواخر 2019.
استغلال النفوذ
في نفس السياق، يرى الخبير القانوني حسين حميد، أن نسب مشاركة المصوتين في الانتخابات البرلمانية إذا ما قورنت بسابقتها، متدنية دورة بعد أخرى، وهذا “يشير بوضوح إلى أن الناس لا تريد الأحزاب والكيانات السياسية المرشحة” حسب تعبيره.
ويقول لـ “ارفع صوتك”، إن “الأحزاب والكيانات السياسية المرشحة تدرك ذلك وجربت الكثير من الأساليب والدعايات كالطائفية والنعرات الدينية والقومية وغيرها، في سبيل اصطفاف الناس حولها ومنحها أصواتهم، لكنها فشلت تدريجياً، فكان شراء الأصوات بالمال طريقتها الوحيدة”.
ويضيف “المال وحده قادر على ذلك، خاصة أن هذه الأحزاب تتمتع بأرصدة وامتيازات هائلة جراء الاستيلاء على ممتلكات البلاد وسيطرتها على ثرواتها”.
“وعادة ما يلجأ السياسي المرشح للانتخابات، إلى الكثير من وسائل إنفاق المال لتجميع الأصوات، من بينها دعم الحملات وتوزيع الأموال على الفقراء ومساعدتهم، وكذلك الاتفاق مع المنظمات غير الحكومية للترويج له عبر إقامة مشاريعهم ونشاطاتهم، وزيارة مرضى أقسام الأمراض المستعصية في المستشفيات وتقديم الدعم المالي لهم، حتى أن بعضهم يتدخل في كل قضية رأي عام ليُظهر نفسه بأنه شخصية تخدم الناس وتسعى لجلب حقوقهم المنهوبة”، يتابع حميد.
ويبيّن حميد “بسبب الفساد المالي والإداري المستشري في مؤسسات الدولة ودوائرها، تغيب محاسبة الأحزاب والكيانات السياسية التي تعمل علانية في تمويل صحف ومجلات وقنوات فضائية غير حكومية، بل وحتى تصل لمرحلة استغلال نفوذها في المؤسسات الحكومية للدعاية الإعلامية مقابل الحصول على الأصوات الناخبة” .