قدرات القفز الطبيعية والاستثنائية للإنسان محددة أي إن هناك مستوى محدد لها لايمکن تجاوزها، ومن حاول ذلك فإنه أمام إحتمالين لاثالث لهما وهو؛ إما الفشل في تحقيق أية نتيجة أو أن يتم دفع ثمن ذلك من خلال أضرار تلحق بجسد الذي حاول ذلك. وبالتعابير المجازية في مجال السياسة فإن القفز على الحقائق ممکن مع حجم ومستوى تلك الحقيقة، لکن لامجال للقفز على حقائق دامغة صارت کأمر واقع وثابتة للعيان، فذلك النوع من القفز يعتبر عملية خداع للنفس قبل خداع الآخرين، وکذبة تثير السخرية لأن أمرها مکشوف!
مع إقتراب العد التنازلي لتنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات الامريکية، والتي کما هو واضح الاقوى والاکبر تأثيرا على طهران بموجبه آراء وتوقعات معظم المراقبين خصوصا وإن آثار الحزمة الاولى قد صارت واضحة للعالم کله على الاوضاع في إيران داخليا وخارجيا، فقد قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف، إن العقوبات الأميركية ستؤثر على بلاده اقتصاديا، لكنها لن تغير من سياسات طهران، محذرا واشنطن من عدم جدوى تلك العقوبات!
هناك الکثير من التصريحات المتباينة التي تم إطلاقها من جانب قادة ومسٶولين إيرانيين بعد سريان الحزمة الاولى من العقوبات الامريکية وقبل تنفيذ الحزمة الثانية تحذر جميعها من الآثار والتداعيات والنتائج السلبية المحتملة لهذه العقوبات کليا ولاسيما للحزمة الثانية والتأکيد من إن إيران غير مستعدة لتحملها وإنها سرعان ما ستصيب النظام بحالة من الکساح والشلل لکن التأثير الاخطر وبحسب هذه التصريحات هو على الاوضاع الداخلية وإحتمال إندلاع إنتفاضة کبرى لايمکن السيطرة عليها هذه المرة خصوصا وإن الشعب قد صار أشبه مايکون بالمعبأ ضد النظام والمهيأ للإنقضاض عليه في اللحظة المواتية والظرف“المناسب” الذي يمکن تسميته بدرجة الاتقاد.
ظريف عندما يقول بأن” العقوبات الأميركية ستؤثر على بلاده اقتصاديا، لكنها لن تغير من سياسات طهران، محذرا واشنطن من عدم جدوى تلك العقوبات“، فإنه يعلم جيدا بأن المشکلة الاکبر التي يعاني منها النظام الايراني هي المشکلة الاقتصادية التي تعصف بالداخل مع عدم وجود أي مجال لإيجاد حلول مناسبة لها حتى وإن کانت جزئية، وإن عدم تغيير السياسات التي يتحدث عنها سيصبح مجرد تعبير إنشائي وکلام للإستهلاك عندما تحين الساعة خصوصا مع التحذير“السمج“الاخير الذي أدلى ذلك إن الذي ليس فيه أي جدوى وأهمية هي المحاولات التي تقوم بها طهران للتخلص من کابوس العقوبات التي هي محرقة للنظام إذا لم يتم تدارك الامر وإعلان الاستسلام والرقص على الإيقاع الامريکي!