من جهة اخرى، يرى متخصصون بأن الإحتلال الأميركي للبلاد جاء و اعلن عن خطط لبناء (شرق اوسط جديد)، قبل ثمانية عشر عاماً . . في ظروف دولية لم يتحقق فيها من يقرر من القوى العظمى، التصديق او رفض الخطوات ذات التأثير العالمي كخطوة احتلال العراق الثري كما مرّ، العراق المؤثر في المنطقة و في المناخ العالمي و المصالح الكبرى لدول العالم . .
بعد انهيار القطبية الثنائية الدولية لمرحلة الحرب الباردة، اثر الإنهيار المؤسف للاتحاد السوفيتي و بالتالي سعي اكثر من دولة كبرى لتكون هي المقررة عالمياً، و في مقدمته سعي الولايات المتحدة التي رغم بقائها قطباً، الاّ انها فقدت اجزاءً كبيرة من قرارات سطوتها السابقة على حلفائها و على المتعاملين معها، كما يجري مع تركيا و المملكة السعودية اقليمياً اضافة الى دول الاتحاد الاوربي، و بشكل اوضح مع الصين و روسيا المنافسين الاكثر ضراوة لها . .
كما ادىّ الفراغ النسبي الحاصل بسبب ضعف سطوة الولايات المتحدة في المنطقة عن السابق، الى تكالب دول المنطقة على ثروات العراق و على اراضيه و استعدادها هي و دول عظمى مقابل ارباح هائلة، لدعم ذلك التكالب على الكعكة العراقية الغنية التي فقدت جيشها و حكومتها الدكتاتورية المخيفة بحروبها، وسط تسرّب في الظلام و مجئ بدائل اسلاموية للدكتاتورية، متعطشة للمال و السلاح و للسلطة باي ثمن، بشعارات الطائفة و المقدس . .
و قد اتفق مجئ البدائل الاسلاموية مع وجهة دوائر ايرانية خططت لذلك، في مسعاها الى الحاق كيان العراق لها و لنشاطها بأي اسم كان، كي لاتقوم دولة عراقية حقيقية تواجه او ترفض قراراتها، و عبّرت عن ذلك باجراءات جرت خفية ثم بضراوة و بقوة جماعات مسلحة و ميليشيات، اضرّت بالعراق و بشعبه، بخطابات تدعو زيفاً الى (الدفاع عن المظلومية) و الى (الاخوة الاسلامية) و لكن من وجهة نظرها هي و بقيادتها هي . . لتثبيت سياستها التوسعية و لتحقيق المزيد من الموارد لها وفق بياناتها و تصريحات قادتها المعلنة . .
حتى صار العراق ضحية لاحول لها امام دول كبرى و شركات عالمية و انواع العصابات الإجرامية مهما كانت راياتها . . و وكلاء داخليين منظّمين في احزاب و كتل حاكمة لاتبالي بما يجري للشعب العراقي بشبابه و مكوناته و احواله التي تزداد بؤساً و الماً، قدر اهتمامها بارباحها هي و ضمانها لعقود (منّاهم بها رب العالمين) على حد تصريحاتهم، عقود بعيدة عن تلاعب معادين و مخرّبين مهما كانت مزيفة و سوداء او شفاهية . .
و حتى وصل حال البلاد، حال سقوط كنز هائل غاب حرّاسه و صار بايدي مجرمين متوحشين محترفين بوجوه و غايات متنوعة، المهم لهم فيها حصولهم على اعلى الارباح، بعد تدمير وحدة القوات المسلحة و قرارها المركزي، بالغاء الجيش و بتشكيل انواع مختلفة من القوات المسلحة تقود كلاً منها كتلة حاكمة او متوافقة مع مثيلة لها مهما اختلفت القرارات و الاهداف، كحال الوزارات . . المهم فيها ان تبقى و اهدافها بعيدة عن، او لحرف جوهر صراع الشعب بمكوناته مع النظام الحاكم من اجل حقوقه في الخبز و الحرية، وفق ما يعملون و يخططون (حفاظاً على مظلومية الطائفة) التي تلاعبوا باسمها و اساءوا لها.
بل و ان الكتل (الشيعية) المتعاضدة المتساندة استغلت الدستور، و لعبت عليه بلعبة المحاصصة لتكون احزابها هي الحاكمة الوحيدة باعتبارها تمثّل غالبية عرب الشعب العراقي حتى ضاع اسم العرب وسط صراع و اعلام يتصارع بين التسنن و التشيّع، الذي غطّت اطراف منه حتى على اسم الكرد على اساس انهم سنّة، في وقت لم يدعو فيه الدستور الى محاصصة، بل اكّد على مشاركة المكوّنات في الحكم على اساس التوافق لضمان عدم تحوّل الحكم الى حكم استبدادي لجهة واحدة تكرر مأساة دكتاتورية صدام . (يتبع)
22 /6 / 2021 ، مهند البراك