الجمعة, نوفمبر 29, 2024
Homeمقالاتأم عراقية مقدامة ومنتفضون بواسل وشعب أبي : كاظم حبيب

أم عراقية مقدامة ومنتفضون بواسل وشعب أبي : كاظم حبيب

ليست السيدة المقدامة أم إيهاب هي المرأة العراقية الأولى التي تحمل رمزياً نعش ابنها على كتفيها وهي تطالب بدمه ودم كل شهداء انتفاضة تشرين الأول 2019 وعمليات اغتيال الناشطين من قبل حكام العراق وقتلته ومن الميليشيات الولائية القاتلة وغيرها، فقبل ذاك، وفي ثوة العشرين، حملن نساء الوسط والجنوب وعموم العراق أسماء شهداء ثورة العشرين في قلبوهن ونعوشهم على اكتافهن وهن يطالبن بدماء الشهداء من قتلتهم، من قوى الاحتلال البريطاني وكل المتعاونين معه من بعض شيوخ العشائر وبعض الأسر الحضرية المتحالفة مع بريطانيا، كما فعلن نسوة العراق وذكورهم في وثبة كانون الثاني 1848 وانتفاضة تشرين الثاني 1952 وانتفاضة 1956 في بغداد والحي، وكذلك مع شهداء انقلاب 1963، إضافة إلى شهداء انتفاضة تشرين الأول/أكتوبر 2019، هؤلاء الشهداء الذين خلدهم فنانون تشكيليون عراقيون مثل جواد سليم ومحمود صبري وكاظم حيدر وحميد العطار وفيصل لعيبي وعشرات أخرين على سبيل المثال لا الحصر وعشرات الشعراء والكتاب ابتداءٍ من الرصافي والزهاوي والجواهري والسياب والبياتي والسماوي وعمارة …الخ.

كانت انتفاضة تشرين1/أكتوبر 2019 ملحمة نضالية ثورية مجيدة حملت خصائص مميزة واستثنائية في فترة سيادة الجراد الصفر عل مقدرات شعب العراق، فترة ما زالت تعصف بالبلاد، عنف وجبروت وفوضى وهستيريا ميليشياوية شيعية متطرفة ومسلحة وقاتلة وتابعة لإيران وموالية لنظام خميني خامنئي الصفويين، وعصابات إرهابية داعشية مجرمة. ومن أبرز خصائص الانتفاضة:

** بعدها الوطني وعمقها العراقي الأصيل ونضالها الدؤوب من أجل انتزاع استقلال وسيادة العراق من قوى أجنبية استعمارية قديمة جديدة مهيمنة، لاسيما إيران وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

** التزامها الثابت بمصائر الوطن والشعب وإرادته الحرة ومصالحه اليومية وحاجات أبناءه وبناته للتنمية والعمل والخدمات ومكافحة البطالة والفقر والعوز وإقامة العدالة الاجتماعية.

** بعدها الاجتماعي الطبقي الذي تجسد في سعة المشاركين والمشاركات فيها من فئات المجتمع الفقيرة والمهمشة والعاملة والكادحة والمتعلمة والمثقفة أيضاً.

** المشاركة الواسعة للمرأة العراقية المناضلة والواعية لدورها ومصالحها وعمق استغلالها واستعبادها من قبل الدولة وقوانينها وعلاقاتها الاجتماعية والمجتمع الذكوري.

** انطلاقها من ذات الأوساط التي ادعت الأحزاب الشيعية الطائفية الفاسدة كذباً ووقاحة تمثيلها لسنوات طويلة بعد إسقاط الدكتاتورية البعثية الصدامية الغاشمة، من الأوساط الشيعية الشعبية الواعية والمتمردة على النظام الطائفي المحاصصي الفاسد ولصالح مبدأ المواطنة الحرة والمتساوية والمشتركة.

** إصرار قوى الانتفاضة، وفي المقدمة المرأة وأم إيهاب الوزني، هذه الأم المبادرة والمطالبة بدم الشهداء والناشطة بحيوية وحزن، هذه الأم الثائرة التي فقدت فلذة كبدها والمحركة لمزيد من الأمهات اللواتي يطالبن باعتقال ومحاسبة قتلة أبنائهن تحت شعار “من قتلني؟”.

من يتابع مجرى الانتفاضة يدرك أهمية هذه التجربة والدروس التي يمكن استخلاصها منها لصالح النضال الجاري ضد القوى التي اغتصبت إرادته وحقوقه وداست على كرامته ونهبت خيرات الوطن وموارده المالية وجوعته وسوّغت لنفسها  الادعاء بتمثيله بكل وقاحة، تلك القوى التي خانته وتخونه يومياً والتي هتفت أمام رئيس مجلس الوزراء العراقي وفي احتفال مخزٍ لقوى مُستعبدة وخانعة وذليلة تابعة لدولة عميقة تحكمها إيران أولاً وأخيراً، قوى الميليشيات المحتشدة في الحشد الشعبي، لا باسم العراق وشعبه، بل باسم الخميني وخامنئي وسليماني والمهندس كأسياد للعراق المهمش، وهم المستعمرين لبلاد ما بين النهرين وهم المستبدون بشعب العراق الأبي!

في هذه الانتفاضة الحيَّة، التي يغتال بسببها المجرمون القتلة شبيبة العراق، في هذه الأيام حيث تمارس الميليشيات الطائفية المسلحة والفاسدة ، ولائية كانت أم غير ولائية شكلياً، والأجهزة الأمنية شتى صنوف الإذلال والمهانة للدولة العراقية وسلطاتها الثلاث، والهجوم على الشعب المحتج والمطالب بالعمل والخدمات، لاسيما الكهرباء، وحيث يعجز الحاكم الأول، رئيس الوزراء، الحصول على قرار من القضاء العراقي الجبان يقضي باستمرار توقيف متهم بالقتل قاسم مصلح بدعوى عدم كفاية الأدلة، تحت التهديد بالقتل حتى لرئيس مجلس القضاء الأعلى، وحيث يتواصل الصراع وتمطر السماء بصواريخ وقذائف بين إيران وتوابعها في العراق والولايات المتحدة على الأرض العراقية وعلى رؤوس الناس الأبرياء، في هذه الانتفاضة المستمرة يرتفع صوت المرأة العراقية، يرتفع صوت الأم المرهقة والباسلة، التي أصيبت بكارثة اغتيال ابنها المناضل الباسل إيهاب جواد الوزني ورفاق له خلال الفترة الممتدة قبل وبعد انتفاضة تشرين 2019 حتى الوقت الحاضر، مطالبة باسم كل الأمهات العراقيات باعتقال ومحاسبة مرتكبي تلك الجرائم البشعة.

في مقابل أسناد احتجاج الأم العراقية واعتصامها أمام محكمة كربلاء من جانب الحكومة والأجهزة الأمنية، تقوم هذه الأجهزة الحكومية المنفذة لقرار رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة بتمزيق الخيمة والاعتداء على من فيها ورفض ممارستها الاحتجاج الذي هو حق كفله الدستور والقوانين العراقية ولائحة حقوق الإنسان، ضاربين عرض الحائط كل القيم والمعايير الإنسانية ورافضين الكشف عن عمد عن قتلة إيهاب ورفاقه، رغم معرفتهم الكاملة بالقتلة ومن يقف خلفهم داخل العراق والجوار الإيراني.

ستبقى هذه الأم المقدامة شوكة كبيرة متنامية في خاصرة الدولة العراقية الهامشية والمهمشة، ستبقى شوكة تؤرق كل القتلة وستتسع دائرة النساء العراقيات المطالبات بدم أبنائهن وباعتقال المتهمين وتقديمهم للمحاكمة ومنع وجود ميليشيات طائفية مسلحة تقتل الناس دون حسيب أو رقيب، ووجود مال فاسد سائب يغطي على القتلة ويهدد القضاة ويمنعهم من ممارسة دورهم في ملاحقة واعتقال ومحاسبة القتلة.

ستبقى المرأة العراقي مشعلاً يضيء درب الأحياء المناضلين ويذكرنا دوماً بمن استشهد في سبيل استقلال وسيادة الوطن ومن أجل تحقيق أرادة الشعب في التغيير المنشود والمطالبة المستمرة والدائبة بمعاقبة القتلة ومن حرضهم على الاختطاف والتغييب والقتل.

شهداؤنا يعيشون أحياء في ذاكرتنا ووجداننا، ونحن، نساؤنا قبل ذكورنا، نقف للقتلة ومن يقف وراءهم بالمرصاد، لتكن هبَّة أم إيهاب الوزني المقدامة وأمثالها مشاعل تنير لنا درب النضال وتحقيق التغيير المنشود؟

 

الملحق: نماذج من لوحات الشهيد لفنانين تشكيليين عراقيين

 

لوحة الشهيد للفنان الكبير محمود صبري

 

لوحة الشهيد لفنان الشعب فيصل لعيبي

 

 

وأخرى لفيصل لعيبي

,

 

لوحتان للفنان حميد العطار

 

RELATED ARTICLES

LEAVE A REPLY

Please enter your comment!
Please enter your name here

Most Popular