تشكل الانتخابات أحد المكونات الجوهرية للعملية الديمقراطية بصورة محايدة ونزيهة، وتتعرض الانتخابات لخطر الاستغلال والتزوير.. و.. وذلك بحكم طبيعتها التنافسية والمؤدية إلى الانقسام السياسي، إن تزوير الانتخابات هو تدخل غير قانوني في عملية الانتخابات لسلب أصوات لمصلحة مرشح او كتلة او حزب ما .
إن عمليات الاحتيال للتأثير في تغيير نتائج الانتخابات لصالحهم بأساليب وأليات وطرق شتى مختلفة تبدأ ببداية تسجيل الناخبين والى يوم الانتخابات وتستمر الى فترة الطعون بنتائج المحطات او مراكز منطقة ما، للتغيير في حساب حسم نتيجة اخرى مغايرة للأولى لصالح الجهة التي قامت بالطعن او الشكوى، هكذا تستمر العملية التنافسية بين المرشحين والاحزاب والكتل مجتمعة من دون استثناء نحو صيد أكبر الاصوات بكل السبل والاساليب لجمع أكبر عدد من الاصوات, ولكن أن عمليات التزوير والغش الانتخابي يختلف من بلد إلى آخر.
وفي العراق قد حظرت الكثير من أنواع التزوير في القوانين والتشريعات الانتخابية كقانون الانتخابات نفسه الذي يعد نوعاً جديداً في استخدام البطاقة البايومترية حصراً، دون الرجوع الى البطاقة الالكترونية في التصويت لردع الخروقات الانتخابية والتلاعب بنتائج الانتخابات.
و تقيسم البلد إلى 83 دائرة بدلا من 18 دائرة كما كان في السابق، بحيث لن تكون هناك إمكانية الاستفادة من أصوات منطقة لخدمة منطقة أخرى تضاف الأصوات لصالح الاحزاب، وقضية المراقبة من الكيانات السياسية والاحزاب المشاركة في العملية الانتخابية والمرشحين ووكلائهم، والمراقبة الوطنية وشبكات المراقبة الوطنية، ناهيك عن المراقبة الدولية.
جميعها محددات يحصر امكانية التلاعب بالعملية الانتخابية بشكل كبير بالإضافة إلى الترشيح الفردي والدوائر المتعددة والفوز بالأكثرية ولمن يجلب اعلى الاصوات وضمان الكوتا النسائية ستكون هناك 83 امرأة على الاقل في البرلمان المقبل بموجب الدستور والقانون.
هنا لابد ان يكون الدور الحكومي قويا على مجريات سير العملية الانتخابية ، لاسيما في توفير البيئة الامنة التي من دونها لا يمكن أن تكون هناك انتخابات حرة، وستكون هناك كل انواع الابتزاز والهيمنة على بعض المراكز، وهذا موجود في واقع العراق وسبق وأن رأيناه في العمليات الانتخابية السابقة، إذ ستكون مسؤولية الحكومة في هذا المجال كبيرة جدا وأساسية.
وفي الجانب الاخر نجد هناك عوامل أخرى في انتهاك مستمر للقوانين العامة مثل تلك التي تحظر الاعتداء والمضايقة والتشهير والمساومة وتصفية المرشحين وغيرها من العمليات الغير المشروعة يمكن أن تقلل من ثقة الناخبين في العملية الديمقراطية، التي تؤدي إلى انهيار الديمقراطية، وإقامة ديكتاتورية او دكتاتوريات الكتل والاحزاب، مثل ما هو موجود في بلدان كثيرة ومنها دولة العراق.
يمكن للسلطات التحكم والتلاعب بالتركيبة الديموغرافية للناخبين في سبيل الوصول إلى نتيجة معينة معروفة مسبقًا باستخدام قانون الهجرة مثلاً، والتلاعب في نقل الأشخاص إلى من دائرة انتخابية اخرى للتصويت، فيما لو سمح باستخدام البطاقة الالكترونية، سيتم فيها ترجيح كفة الميزان لصالح أحزابهم، وهناك امثلة عديدة في الاتجاه حدثت في الانتخابات المحلية وكذلك في دول عديدة في العالم .
من الممكن أيضاً التلاعب بالتركيبة الديموغرافية للناخبين من خلال حرمان بعض الفئات من حقهم في التصويت، مما يجعلهم غير قادرين على الإدلاء بأصواتهم، كما هو الحال في المادة (140) الذي سيمنع أكثر من (60 ـ 100) الف من الناخبين الكٌورد على اقل تقدير في الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
وفي بلدان اخرى أقرت في بعض الحالات أحكاماً أثارت عدداً من العوائق العامة أمام تسجيل الناخبين، كوضع ضرائب على عملية الاقتراع أو وضع شرط على المشاركة بالاقتراع كمحو الأمية أو اجتياز اختبارات الإدراك، ومتطلبات حفظ السجلات، والتي طُبقت بشكل فعلي على جماعات من الأقليات، وخاصة في الولايات المتحدة الامريكية، ولكن إن هذه الامور العنصرية والتفرقة في نقصان وزوال مستمر كلما تقدم اساليب وقوانين جديدة في اجراء العمليات الانتخابية, وتقدم العلم والانسانية، وتطور التعليم والثقافة بكل جوانبها كفيل بمحو جميع تلك السلبيات .
إن عمليات التزوير حدثت في العديد من الانتخابات العالمية وخير مثال على ذلك ما حدث في انتخابات الرئاسة الامريكية، ويحدث في استطلاعات الرأي السياسية، وفي انتخابات النقابات العمالية والموظفين، وفي مجالس الطلاب، وفي الرياضة والحكم، وفي منح الجدارة على الكتب والأفلام والموسيقى وفي البرامج التلفزيونية، وحتى في اختيار الشخصيات العالمية، تدخل فيها السياسة والتزوير الانتخابي وهي لا تزال ظاهرة احتيالية تتطور بتطور وتقدم التكنولوجيا فيصعب دراستها، بسبب عدم سن عقوبات قاسية ضد مرتكبيها.
ان استخدام التكنولوجيا المتقدمة في تصميم انظمة الاقتراع والتسجيل والعد والفرز في الانتخابات العراقية، وافتراض الحيادية المطلقة في التكنولوجيا المستخدمة في الانتخابات لغرض تحقيق النزاهة يواجه بطبيعة التكنولوجيا نفسها، والتي توصف بانها امتداد للإنسان وارادته، فيمكن ان يسيطر عليها الانسان حسب امتداد ارادته و رغبته .
اذاً أن استخدام التكنولوجيا لا تمثل حلا جذرياً يمكن أن تحقق نزاهة الانتخابات، وانما البحث في سبل وطرق تعزيز النزاهة في العملية الانتخابية ليس من خلال استخدام التكنولوجيا في الانتخابات فقط ، وإنما اعتماد الاجراءات والقواعد الرصينة في كل مراحل العملية الانتخابية وايجاد التشريعات القانونية التي تتوافق مع المعايير الدولية .
قاسم مرزا الجندي
2/7/2021 الجمعة