زواج أونلاين وأموال محولة.. باب داعشيات الهول للفرار
15 ألف دولار لعملية التهريب الواحدة وبعض الزيجات لا تتعدى عن كونها “افتراضية”
لا يزال مخيم الهول القابع في شمال شرق سوريا قضية تشغل الأوساط الدولية بأسرها، ففلول تنظيم داعش تصول وتجول هناك وسط مخاوف من مآرب إرهابية قد تكون متربصة بين أسوار تلك المنطقة، خصوصاً بعد تقارير كثيرة كانت أفادت بأن الدواعش يعدّون العدة لإعادة ترتيب صفوفهم.
فبعدما أفادت المعلومات الشهر الماضي، بأن مخيم اللاجئين الذي تم إنشاؤه لإيواء النساء والأطفال عقب هزيمة التنظيم، قد تحوّل من مهمته الأساسية إلى “خلافة صغيرة لداعش”، حيث ترعى القيادات النسائية أيديولوجية التنظيم العنيفة وتدير مخططات جني الأموال التي تساعد في الحفاظ على أفكار التنظيم ومعتقداته، نقلت معلومات أخرى أن بعض النساء المرتبطات بالتنظيم قد تواصلن مع أزواجهن عبر الإنترنت، وتم تهريبهن خارج المخيم بعد دفعهن رشاوى.
ووفق التقارير، فإن نساء مقيمات في مخيم الهول بتن يلتقين بأزواجهن عبر الإنترنت باستخدام وسائل التواصل، وذلك عبر حسابات حاولن فيها إظهار تغيير في سلوكهن، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية.
15 ألف دولار للهروب
كما أشارت المعلومات إلى أن تلك النسوة طلبن تبرعات من الرجال عبر الإنترنت، إما لتمويل محاولات هروبهن أو تحسين نوعية حياتهن في المخيم، فيما لا تزال أخريات يسلكن طرقاً ثانية للهروب إلا أنها لم تعرف حتى اليوم، وسط أنباء عن أن تكلفة الخروج من المخيم تصل إلى 15 ألف دولار في بعض الحالات.
فيما أوضح التقرير أن بعض الزيجات لا تتعدى كونها “افتراضية”، أما غاية بعض الرجال من هذه الصفقة، على ما يبدو، فهي التباهي بزوجة داعشية في “المواقع المتطرفة”.
وكشف أيضاً عن أن بعض تلك “الزيجات” تتم عبر الهاتف، ولا يكون من الضروري عادة أن تكون المرأة جزءا من المكالمة، كما لا تتضح أماكن تواجد النساء المهرَّبات.
“تفاصيل عقد الغريب”
وشرح التقرير أن مكالمة تجمع بين العريس وشيخ وسيط، ينصب فيها الأول كولي على العروس التي تتلقى مبلغا من المال أو هاتفا جديدا كمهر لها.
يشار إلى أنه وفي وقت تسعى فيه الحكومة العراقية منذ أشهر إلى إيجاد صيغة ملائمة لإنهاء الخطر القادم من مخيم الهول الآوي لعائلات تنظيم داعش والقابع شمال شرقي سوريا، وسط رفض كبير من أطراف مختلفة لحل الأزمة بداعي مخاوف من عودة المتطرفين، جدّ جديد في “القنبلة الموقوتة” كما يطلق على المخيم، يشير مجدداً إلى الخطر القادم من هناك.
فقد كشف موظف استخباراتي أميركي الشهر الماضي، ومعه عنصر من عناصر قوات الإدارة الذاتية الكردية المسؤولة عن المخيم، وهو مسؤول يعمل عنصراً أمنياً هناك، عن أنه تم نقل زوجات كبار من كانوا قادة في تنظيم داعش الإرهابي إلى إدلب القابعة شمال سوريا، والتي تسيطر عليها فصائل موالية لتركيا.
التنظيم يبني قدراته
كما أوضح أن الهاربين باتوا يلعبون الآن دوراً رئيسياً في إعادة بناء قدرة التنظيم مجدداً، وذلك وفقاً لتقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية.
وأضاف المصدر أن جميع الهاربين يقولون إنهم يريدون العودة إلى ديارهم، إلا أن الحقيقة غير ذلك، وهي أنهم يريدون الذهاب إلى إدلب لأن داعش يعيد بناء تنظيمه هناك.
بيد أن النزوح الجماعي لعائلات التنظيم وأنصاره قد أثار قلق خبراء مكافحة الإرهاب، الذين أكدوا أنه وبمجرد انتقال النساء والأطفال من المخيم فإنه يصعب على الحكومات تتبعهم حتى لو عرف مكان إقامتهم الجديدة، وذلك وفقاً لفيرا ميرونوفا، الأكاديمية بجامعة هارفارد التي تتحدث بانتظام إلى سكان مخيم الهول كجزء من أبحاثها.
تحذير أممي
كما أشارت إلى أن الأمم المتحدة كانت حذّرت العام الماضي من أن تنظيم داعش يحاول استخدام هاربين من مخيم الهول لتطوير خلايا له في أوروبا.
وفي حين أن العديد من النساء الهاربات يأسفن للانضمام إلى داعش ويرغبن في العودة إلى ديارهن، إلا أن مسؤولين غربيين في مكافحة الإرهاب يقولون إن بعض الأطفال تم تهريبهم من الهول وأرسلوا إلى مناطق أخرى في سوريا والعراق لتنفيذ هجمات.
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية المسؤولة عن حماية مخيم الهول، دائماً ما تشتكي من أنها تفتقر إلى الموارد اللازمة لتأمين المكان بشكل صحيح، والذي تحول بحسب مراقبين إلى مدينة صغيرة يزيد عدد سكانها عن 62 ألف نسمة، معظمهم من النساء والأطفال، وكثير منهم كانوا قد نزحوا بسبب الحرب في سوريا والمعارك ضد “داعش”، وتشير تقديرات إلى أن هؤلاء ينحدرون من حوالي 60 دولة، لكن غالبيتهم من العراقيين.
فيما رفضت معظم الدول الغربية إعادة المواطنين الذين انتقلوا إلى سوريا أثناء صعود تنظيم داعش، وهو ما يجعل التنظيم يستفيد من الجمود الدولي، وفقاً للتقرير.
وعلى الرغم من تشديد الإجراءات الأمنية حول المخيم لمنع الهروب، حيث تعمل السلطات هناك على إعادة بناء السياج، ومعاقبة مئات من النساء والأطفال الأجانب الذين تم القبض عليهم وهم يحاولون الفرار، إلا أن التقرير يشير إلى أن التنظيم لا يزال ينفذ عملياته وزادت سيطرته على المكان رغم كل الحواجز.