أثارت قضية مساعي تعديل قانون الأحوال الشخصية بما يخصّ تحويل الحضانة إلى الأب بدلاً من الأم جدلاً واسعاً في لدى الشارع العراقي في ما اعتبره البعض «إجحافاً» كبيراً بحق المرأة.
وأنهى مجلس النواب العراقي، الخميس الماضي، القراءة الأولى لمقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي قدمه عدد من الكتل السياسية ذات التوجّهات الدينية في البرلمان.
وينص القانون على حق الأب في حضانة الأطفال بعد الطلاق عند بلوغهم سن السابعة، حيث جاء في الأسباب الموجبة للمشروع بأن القصد من التعديل «الحفاظ على الأطفال من الضياع والتشتت».
رفض واستنكار
ويرى ناشطون في مجال حقوق الإنسان، أن جعل سن السابعة من العمر سببا لسلب حضانة الأم فيه «إجحاف» لحق المحضون قبل حق الحاضنة الأم، لأنه في هذا العمر، وهو بداية تكوين شخصية الطفل، يكون بحاجة شديدة لأمه أكثر من أي سن آخر، وعلى وجه الخصوص البنت، فإنها تبدأ فيها بواكير البلوغ الشرعي، ولابد لها من العودة إلى إمرأة تعينها على تجاوز تلك المرحلة الخطيرة من حياتها.
بدورها قالت الناشطة في حقوق المرأة إسراء الموسوي، إن «إقرار هذا القانون يعني سلب ما تبقى للمرأة من حقوقها وهي تعاني في الأصل من الاضطهاد والتهميش».
وأضافت الموسوي في تصريح لـ (باسنيوز) «لن نسكت على مثل هكذا استخفاف بحقوق المرأة، وحرمانها من أبسط حقوقها وهي الأمومة، كما يعتبر جريمة بحق الطفل»، مشيرة إلى أنه «سيتم تنظيم مظاهرات نسوية في حال أصر مجلس النواب العراقي على تمرير القانون».
وأشارت إلى أن «الأطفال في سن السابعة لايزالون صغاراً ولا يمكنهم الاعتماد على أنفسهم بتلبية احتياجاتهم دون وجود الأم».
وأطلق ناشطون عبر مواقع التواصل حملة لرفض التعديل المقترح من قبل البرلمان على القانون.
كما انتقدت الفنانة العراقية شذى حسون مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية الجديد في العراق، والذي يناقشه البرلمان تمهيدا للتصويت عليه خلال الأيام المقبلة.
وقالت الفنانة العراقية في منشور عبر حسابها على موقع ‹إنستغرام›، إن «القانون الجديد فيه إجحاف كبير للمرأة، لأنه يحرم الأم من حضانة ابنها الذي سهرت عليه الليالي»، متحملة كل التعب والألم.
وأضافت أن «الأب يأتي في سن الـ7 سنوات ويأخذ نجله، والأدهى أنه في حالة وفاة الأب تنتقل الحضانة إلى الجد والد الأب حتى لو كان عمره 90 سنة».
ووصفت حسون مقترح التعديلات الجديدة بأنه «تعدي على قيم الأمومة» متعجبة من أن «مشروع التعديل يسقط حضانة الطفل عن الأم التي تتزوج بعد طلاقها ويهبه للأب حتى لو كان متزوجاً».
بدوره قال الصحفي العراقي سيف الهيتي، إن «المادة الجديدة المقترحة لتعديل قانون الأحوال الشخصية متحيزة تماما، بشكل لا يصدق، وإلا كيف يمكن أن ينازع الجد الأم في تربيتها لابنها».
وتساءل «كيف يسمح للأب بالحضانة في حال زواجه، بينما تمنع الأم من هذا الحق؟» مشيراً إلى أن «هذا القانون يعيدنا إلى القرون الوسطى».
هل سيتم العمل بالقانون؟
ويرى مراقبون أن الرفض الواسع لهذا القانون يجب أن يؤخذ بنظر الاعتبار من قبل مجلس النواب في تشريعه خلال الدورة الحالية، خصوصاً أن البلاد مقبلة على انتخابات، حيث تعتبر هذه مجازفة من قبل أعضاء البرلمان في حال تم إقراره.
من جهته قال المحامي سيف الدين المالكي، إن «هذا الحراك نحو القانون ليس الأول من نوعه بل كان هنالك حراك منذ الدورة البرلمانية السابقة والحالية لإقرار التعديل».
وأضاف المالكي في تصريح لـ (باسنيوز)، أن «مجلس النواب يسعى لإعادة القانون إلى أصله وإجراء بعض التعديلات عليه، وحذف التعديلات التي تمت إضافتها من قبل مجلس قيادة الثورة خلال حكم البعث الذي أجراها كنوع من الانفتاح على الغرب».
وأضاف أن «قراءة مجلس النواب الأولى للقانون لايعني إقراره والعمل به، بل إن هنالك قراءة ثانية وثالثة ومن ثم رفعه إلى رئاسة الجمهورية لغرض المصادقة عليه ثم نشره في جريدة الوقائع العراقية حيث يكون ساري المفعول».
وتابع المالكي، أن «هنالك قوانين تمت قرائتها الأولى والثانية منذ أكثر من 5 سنوات ولازالت معلقة وغير معمول بها».
ومنذ أيام تتواصل حملات شعبية واسعة، ومنتديات في العاصمة بغداد، لرفض تمرير تلك المادة، بسبب «الضرر الذي يلحق بالطفل» جراءها.
قنبلة ذرية
القاضي المتقاعد رحيم العكيلي، علق كذلك قائلاً: «مشروع تعديل المادة ٥٧ أحوال شخصية، يجعل الحضانة للأم غير المتزوجة قبل السابعة، ليس لأنها الأفضل لكن لأنها أم، ويجعلها للأب أو الجد الصحيح بعد السابعة ليس لأنهما أفضل بل لأنه أب أو جد».
يضيف العكيلي على صفحته الشخصية في ‹فيس بوك› «في حين أن المعيار الدولي والممارسات الفضلى حول العالم تساوي بين الأبوين في حضانة الصغير، في ضوء مصلحة الصغير، فأما حضانة تناوبية بين الأبوين، فإذا تعذر ذلك لأي سبب؛ فتكون لأفضل الأبوين في ضوء مصلحة الأطفال، على أن يزور الأب الآخر الأطفال أو يصطحبهم في أيام العطل».
من جهتها، وصفت النائبة في البرلمان شبال حسن منح حضانة الطفل للأب بدلاً من الأم بـ «قنبلة ذرية».
وقالت رمضان في تصريح لها، إن «تعديل قانون الأحوال الشخصية وتغيير الفقرة بإعطاء حضانة الطفل للأب وسلبها من المرأة خطورتها أكثر من قنبلة ذرية تحطم المجتمع».
وتؤيد بعض الأحزاب الحالية في البرلمان تمرير القانون، غير أن منظمات المجتمع المدني والجمعيات الحقوقية، ترفض التصويت على هذا القانون.
ومنذ أيام يحتدم الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي بشأن القانون، وسط مطالبات بالعدول عن هذا التعديل.