بعد تجربة إجراء الانتخابات البرلمانية منذ أعوام ( 2005 و2010 و 2014 و 2018 ) والنتائج السلبية العديدة التي تمخضت عنها ومنها قانون الانتخابات، وسياسة المفوضية العليا للانتخابات المعتمدة التي تمت إدارتها من قبل القوى المتنفذة، نقول من المؤسف جداً أن تصل الأمور الانتخابية الى مضمار مغلق تقريباً يتسيد فيه منهاج التزوير والتجاوز على الحقوق واستغلال كلما أمكن استغلاله للحصول على نسب عالية بالخداع والتمويه وعلى عدد من المقاعد البرلمانية بدون وجهة حق للاستيلاء على أصوات الناخبين …الخ، التجارب الانتخابية السابقة أغنت القوى الوطنية والديمقراطية والمستقلة الشريفة وملايين المواطنين في مسألة مهمة تشير “أن لا جدوى من انتخابات مفبركة تدار حسب مصالح القوى المتنفذة ومصالح البعض من الدول الخارجية” فمنذ 2005 والى انتخابات عام 2018 شهدت العملية الانتخابية عمليات التزوير والتزييف وعدم النزاهة والتجاوز على حقوق القوى الوطنية والانحياز الطائفي ومع شديد الأسف كانت المرجعية خير سند للبعض من القوى إلا انها سحبت يدها من انتخابات 2018 ، واستُعملت جميع الوسائل للهيمنة ومنها توزيع المواد العينية والأراضي والأموال تصاحبها لغة التهديد والوعيد والاغتيالات وشراء الذمم فحدث فلا حرج ، وافتقدت جميع الانتخابات الرقابة القضائية والشعبية إلا النزر القليل منها ثم كانت لغة السلاح والميليشيات في الصدارة التي استطاعت الحصول على مقاعد في البرلمان وبدعم خارجي معروف، وما يميز العملية الانتخابية أن أكثرية الأحزاب وميليشياتها والقوى المتنفذة في السلطة لا تهمهم مصالح البلاد التي تسير نحو الهاوية الاقتصادية والاجتماعية وتضرب عرض الحائط ما اتفقت عليه في الدستور ومن بينها الاستئثار بالسلطة وعدم احترام مبدأ تداول السلطة التي نصت عليها المادة رقم ( 6) إضافة إلى الاضطراب الأمني وفقدان الحرية الشخصية والتدخل في اتخاذ القرار المستقل بشتى الوسائل الغير قانونية واللاشرعية مما خلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني وهي أهداف عملت من أجلها قوى داخلية وقوى خارجية.
أن اتخاذ قرار المقاطعة في أي عمل سياسي أو اقتصادي اجتماعي وثقافي … الخ يجب أن تكون له مبررات وبراهين علمية تثبت عدم أهمية المشاركة وتعني بشكل واضح “غسل اليد من الفايروسات والجراثيم والبكتريا” كي تجري المحافظة على الجسم وهي عملية معقدة ليست بالسهلة وهو أسفٌ مرده يتضاد مع التمنيات في وجود امل للنجاح والوصول إلى انجاز عملية الإصلاح والتغيير اللذان يخدمان مصالح البلاد والعملية الانتخابية لأننا نؤمن بالعمل الديمقراطي الوطني وبالنزاهة والعدالة الحقة، “المثل أعلاه حول غسل اليد توضيحي وقد يكون مغالٍ فيه بعض الشيء” لكنها الحقيقة أن الغالب في الأوضاع السياسية الراهنة والمخطط لها والتوجه للانتخابات القادمة وفق المعايير السابقة يحمل هذه الصفات بنسبة 95%!
منذ أن تحقق للشعب العراقي النظام البرلماني أستبشر الملايين منهم بأهميته الانتخابات البرلمانية ” التشريعية” لأنها ستكون البديل عن النظام الرئاسي الدكتاتوري والفرد المطلق المتحكم حسب المزاج والوهم بالألوهية الذي عانى منها الشعب والتحول نحو تبادل السلطة على أسس سلمية دستورية تضمن الحريات وعدم التدخل من قبل السلطة ومؤسساتها الأمنية وبخاصة أن العراق لا يملك تجربة برلمانية حقيقية واضحة بل هناك البعض من التجارب التي فشلت منها إثناء الحكم الملكي الذي كان يُنصب أعضاء البرلمان بموافقة القصر الملكي ، أما التجربة البرلمانية في عهد الدكتاتورية وكيف كانت عملية قيام البرلمان واعضائه من الحزبيين والتابعين؟، في هذه المناسبة جميع تلك التجارب ما عدا تجرية 1954 التي تم فيها حل البرلمان بسبب فوز البعض من الوطنيين وظهر التدخل في تعيين النواب من قبل القصر ونوري السعيد، وتجربة البرلمان في نظام صدام حسين معروفة بنتائجها وشخوصها الصنميين
في الوقت الراهن ومثلما قلنا حول التجربة معهم نرى القوى المتسلطة وأتباعها ضاربين عرض الحائط ما يسمى بحقوق المواطن في استقلالية قرار التصويت وخرقاً لمبادئ الديمقراطية التي أصبحت شماعة تضع القوى المتنفذة معاطفها التصويرية عليها، فها هي الاستعراضات العسكرية المسلحة للحشد الشعبي وكأنه جيش يوازي الجيش العراقي، واستعراضات لبعض التنظيمات والميليشيات المسلحة التي هدفها التهديد العلني والإعلان عن النسب التي ستحصل عليها القوى المتنفذة في الانتخابات القادمة وعمليات خداع الوعي الجماهيري بقضايا طائفية تستغل فيها ( الائمة وظهور السيد المهدي…الخ ) إضافة إلى التداعيات التي تستخدم ومنها أساليب رخيصة همها الخداع بواسطة الوعود الوهمية بالرفاهية والعيش الرغيد!! بينما المواطنين ينفقون بسبب انقطاع الكهرباء في درجات حرارة تفوق 50 درجة، وشحة مياه الشرب والغلاء الفاحش للمواد المعيشية وغلاء الأسعار المنفلت أمام الفساد والسرقات بمليارات الدولارات التي تم تهريبها خارج البلاد ثم الاستفادة من المقعد البرلماني للمساومات والحصص والدخول في مشاريع تدر ملايين الدولارات لصالح صاحب المقعد البرلماني، ومن الملاحظ أن استمرار هذا النهج وهذا التوجه وهذا الأسلوب نفسه يجعل من المشاركة رهان على وهم فائدة التغيير والإصلاح ( وهل يصلح العطار ما افسده الدهر؟ ) مثل يفضح عدم الثقة بما يجري حول الانتخابات القادمة لأنها لن توفر أبسط الشروط التي أعلنت عنها القوى الوطنية ومنها تعديل القانون الانتخابي وتحجيم دور الميليشيات المسلحة وفضح القوى التي ساهمت في الاغتيالات والاختطاف للناشطين قبل واثناء الانتفاضة التشرينية وقضايا مهمة تطالب بها القوى الوطنية .
لقد كانت نتائج انتخابات 12 / 5 / 2018 خير برهان إلى تردي العملية الانتخابية وصعود نسب عدم الثقة بالعملية التي تمسرحها القوى المتنفذة تحت خداع الديمقراطية وعدم التدخل في العملية وثبت لكل المتابعين والمهتمين بالانتخابات العراقية إنها ديمقراطية إعلانية بالاسم لا أكثر ولا أقل ولقد نشرت منظمات رقابية نسب المشاركة في الانتخابات فأعلنت إن النسب ( 19,17% ) من مجموع العدد الانتخابي البالغ حوالي 24 مليون ناخب يحق لهم التصويت، ومن خلال هذه النسبة المتدنية نرى حالة الانحسار الهائل عن المشاركة وهذا في عام 2018 فكيف عام 2021 وماذا ستكون النتائج لننتظر ونرى!. لأن المواطنين مروا ببلاء أشد فتكاً وهو صعود الفساد والانحطاط الى أعلى قمة والتبعية لإيران وغير إيران لم يسبقه له مثيل، أما التجاوزات التي حصلت فهي كارثة لا يمكن تجاوزها بالكلمات والخطابات وخداع المواطنين وحدوث عمليات التزوير المختلفة والمتنوعة التي تزداد يوماً بعد يوم وسوف تبقى تتصاعد إذا لم يجر توجه حقيقي للإصلاح أو التغيير فإن الحديث عن انتخابات قادمة نزيهة وعادلة هباء ونفخ في قربة مثقوبة، والقوى المتنفذة المتسلطة المحركة هي نفسها لا بل زادها تدخل السلاح والميليشيات العلني والمباشر بعدما كان يختفي بهذا الشكل أو ذاك في الانتخابات السابقة، إذن الحديث عن الحكومة القادمة بانها ستمثل الجماهير حديث باطل وسابق لأوانه لأن السنين الأربعة القادمة ستكون أكثر تراجعاً للحريات واكثر اتساعاً وتدخلاً للسلاح المنفلت من أجل الحفاظ على الفساد وأدواته والسرقات وأصحابها، ولا نبالغ سيكون هذا السلاح والتنظيمات والميليشيات الحاكم الفعلي للبلاد وسيرتهن استقلال العراق والتدخل في شؤونه الداخلية إذا بقت الأمور في تدهور وعدم فرض القانون والنظام.
نحن على ثقة أن المواطنين الذين أصبحوا في حالة يرثى لها ستختار المقاطعة إذا ظلت الأمور على حالها ولن تلام من قبل أحد، وإذا وصلت نسبة المشاركات السابقة لمستويات غير جيدة فذلك مرده النهج الطائفي والمحاصصة وللسياسة المفرطة بالتبعية والاستحواذ وتجويع الملايين وان مواقف القوى الوطنية والديمقراطية سوف تكون بالتأكيد الى جانب الجماهير الكادحة ورفضها لنظام المحاصصة والتجويع وإن لناظره قريب!