في كل تحركات وزيارات اردوغان الداخلية والخارجية يفصح بالفم الملآن بأن هدفه الدائم والاستراتيجي هو عدم تشكيل اي كيان كوردي في روزآفا كوردستان ويعرب في نفس الوقت عن ندمه بسبب عدم تعاون دولته مع امريكا اثناء الحرب على المشنوق صدام حسين الذي ادى في النهاية الى تشكيل فيدرالية جنوب كوردستان مع العراق، وهو يحاول دائما وبكل السبل اعادة عجلة تاريخ جنوب كوردستان الى الوراء ليرجع الكورد هناك الى المربع الاول.
أردوغان لم يزور آمد بقرار شخصي بل بأمر من الدولة العميقة ومن دولة تركيا، وليس اردوغان لوحده يقوم بذلك الآن بل كل اركان دولة تركيا يقومون بذلك وسيتكرر تلك الزيارات كلما اقتربنا من موعد نهاية اتفاقية لوزان التي ستنتهي مفعولها في عام 2023 م ، وبعدها ينبغي توقيع اتفاقية جديدة بدلا عنها او يتم تمديدها وتغيير بنودها بحسب لعبة شد الحبل السياسي بين المجتمع الدولي وتركيا وللأسف الكورد بشكل عام لا زالوا بعيدين او ممنوعين من الاشتراك في تلك اللعبة.
لقد اصبحت ومنذ اكثر من عدة سنين دولة تركيا حبلى بقضية اتفاقية لوزان وعليها ان تكون جاهزة على استقبال المولود الجديد عند نهاية الاتفاقية المذكورة ولا أدري هل سيتم ذلك بعملية قيصرية ام بولادة طبيعية ام بوفاة الجنين وسط تلاطم الامواج السياسية وظلمات البحر الابيض المتوسط والبحر الاسود التي اشعل اردوغان النار في تلك الاماكن منذ اكثر من خمسة سنين وبالتحديد وبشكل خاص منذ توقفه عن المفاوضات مع ح ع ك في عام 2015 م.
بكلمة اخرى سيمر على اتفاقية لوزان بعد سنتين مائة عام واعتقد بأن تلك الاتفاقية لا تزال تحمل في طياتها بنود سرية خاصة بالكورد وهذه الاتفاقية كانت وصمة عار على جبين الانسانية وعلى جبين المجتمع الدولي وكانت مجحفة بحق الكورد والارمن وباقي الشعوب واتت عقب الغاء اتفاقية سيفر التي كانت تعترف في بعض بنودها بحق تقرير المصير للكورد على الاقل.
اردوغان وتركيا تسابق الزمن والريح للقيام بما لم يكمله قبل نهاية صلاحية الاتفاقية المذكورة، وهذا ليس سرا بل ويعلن عنها في كل المناسبات وخاصة داخل تركيا قائلا بأننا لم ننهي بعد مراحل الواجب القيام بها بشأن ما سمي بالميثاق المللي.
ما قامت به تركيا وتقوم بها حاليا هو محاولة اعادة حدود الامبراطورية العثمانية وهو يبدأ بذلك من الاماكن التي ينجح فيها مع محاولات الصيد ايضا في ليبيا وتونس والسودان واليمن وغيرها من الدول والاماكن، لقد بدأ بذلك في كوردستان الغربية والجنوبية منذ اندلاع ما سمي بالربيع العربي منذ اكثر من عشرة سنين، ويحاول جاهدا القضاء على اهداف الكورد بل وحتى ابادتهم وتهجيرهم عن طريق اقذر الوسائل العسكرية وغيرها وايضا عن طريق التغيير الديموغرافي واحلال التركمان والعرب والايغور في المدن والبلدات والجغرفية الكوردستانية وما يجري الآن هناك يدل على ذلك بكل وضوح.
الاهداف المرحلية والمستعجلة الآن لتركيا هو القضاء التام على الحركة الكوردية اعتبارا من حلب وبالتحديد من الشيخ مقصود وحتى كركوك وهولير وهلبجا والسليماني وغيرها من الاماكن، والقيام هناك بالتغيير الديموغرافي بهدف تتريك كوردستان، وئافرين الآن اوضح مثال على ذلك، وباشور كوردستان ايضا مثال واضح من حيث انشاء العشرات من القواعد والنقاط العسكرية بحجة محاربة ال ب ك ك، وتحت هذه الذريعة يقوم بافراغ عشرات بل ومائات القرى في جنوب كوردستان وربما اسكان عناصر عربية وتركمانية وايغورية فيها فيما بعد كما يفعله الآن في مدن روزئافا المحتلة وخاصة في ئافرين وكري سبي وسري كانيي ولكنني استبعد امكانية قيام تركيا بذلك في الباشور طالما يتواجد ح ع ك في جغرافية كوردستان.
لو سمحت لهم الظروف الدولية لقاموا باحتلال كامل باشور بشكل مباشر ولكنهم يتصرفوا الآن مع الباشور وكأنها ولاية تركية تابعة لهم، وهم يقومون بتحريض قادة الباشور والكورد جميعهم ضد ح ع ك ويقومون بمحاربته سرا وعلنا وعن طريق استخباراته يقومون بتصفية قادة ح ع ك بالتوازي مع زج قادة ه د ب في السجون وهم الآن بصدد اغلاق ومنع ذلك الحزب بذريعة تحالفه مع الارهاب وهم يعنون بذلك مساندتهم ل ح ع ك.
يوم الجمعة الماضية اي بتاريخ 9 / 7 / 2021 م والجمعة لها معناها الاسلامي حيث لا يزال اردوغان يخدع قسما من الكورد باسلامه المزيف الذي يستخدمه لخداع البسطاء من الكورد والعرب وبعض الشعوب المسلمة الاخرى، وزار في البداية خيمة الاعتصام التي هي منصوبة منذ اكثر من سنتين في آمد امام بناية ال ه د ب حيث ان بعض الامهات الكورد يطالبن حزب ال ه د ب باعادة ابناءهم الكريللا اليهن وهن بذلك يدخلن بشكل مباشر في خطط اردوغان واهداف اردوغان التي ذكرتها.
بكلمة ختامية أقول بأن أهداف اردوغان الحالية من تلك الزيارة هو تحقيق ما يصبو اليه بشأن الميثاق المللي قبل انتهاء مفعول اتفاقية لوزان وكسب اصوات الكورد في الانتخابات الرئاسية التي ستجري بعد مرور مائة عام على اتفاقية لوزان اي في عام 2023 م.
سيف دين عرفات – ألمانيا في 11 – 7 – 2021 م