التأمل في المفترق الذي آل إليه المجتمع الدولي في مفاوضاته مع نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية بخصوص برنامجه النووي، يخرج بقناعة مبنية على مرتکزين رئيسيين، الاول هو إن التفاوض من أساسه فاشل مع هذا النظام، والثاني هو إن النظام الايراني کان على المدى الطويل والاعتباري هو المستفيد الاکبر من هذه المفاوضات، ومن دون شك فإن ماقد نجم وتداعى عن الاتفاق النووي لعام 2015، قد أثبت وعکس هذه الحقيقة بصورة جلية.
عشية الاعلان عن إبرام الاتفاق النووي لعام 2015، بادرت زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، الى إنتقاد ذلك الاتفاق وأکدت بأنه کان من الممکن إبرام إتفاق أقوى بکثير وإجبار النظام على تقديم تنازلات أکبر وضمان التأکيد على کبح جماحه والسيطرة عليه، کما طالبت في نفس الوقت بأن تکون هناك آلية تضمن مراقبة دورية لهذا الاتفاق وکذلك بأن تشرف لجنة دولية على الاموال الايرانية المجمدة لکي يتم صرفها لصالح الشعب وليس لصالح النظام، واللافت للنظر إننا نجد اليوم في کواليس مفاوضات فيينا وکذلك في مختلف الاوساط السياسية المتابعة لهذه المفاوضات يتم الترکيز والتأکيد على ماکانت مريم رجوي قد أکدت وشددت عليه.
ليست العبرة في إجراء مفاوضات مع النظام الايراني بخصوص برنامجه النووي أو أي مجال آخر، بل إن العبرة فيما قد تحقق أو سيتحقق من وراء هذه المفاوضات وهل إن المجتمع الدولي قد إستفاد منها حقا ودرأ خطر وتهديد سعي هذا النظام من أجل إنتاج الاسلحة الذرية، من الواضح إن ملاحظة ماقد جرى في مفاوضات فيينا خلال 6 جولات تفاوضية، فإن أکثر مايلفت النظر هو إن هناك إحساس بالتهديد والخطر من جانب النظام الايراني والانکى من ذلك مايدور بخصوص إن إتفاق عام 2015، ليس لم يحقق شيئا بل وحتى إنه لم يعد يجدي نفعا لأنه لم يکبح جماح النظام الايراني ويضع حدا لمساعيه المستمرة من أجل إنتاج القنبلة النووية.
في ظل ماقد أسلفنا فإنه ومع استمرار العديد من الصعوبات التي لم يجد لها المفاوضون حلا رغم مرور 6 جولات من المحادثات النووية في فيينا بين إيران ودول الغرب، وفيما لا يزال موعد الجولة السابعة غير محدد، بدأ فريق الرئيس الأميركي، جو بايدن، على ما يبدو بدراسة احتمال عدم العودة إلى الاتفاق النووي. وبالاشارة الى ماقد أفاد به مصدر مطلع لوكالة بلومبيرغ يوم الجمعة المنصرم من أن الإدارة الأميركية تنظر فعليا في فشل تلك المحادثات، وتفكر ببدائل. فإن کل ذلك يدل على حقيقة أن التفاوض الدولي مع هذا النظام هو أشبه بجدل بيزنطي لافائدة من ورائه والاجدى البحث عن بدائل منذ الان.