تشهد شركات السياحة والسفر في العراق حركة نشطة في الآونة الأخيرة من قبل الشباب والعوائل، إلا أنها حركة ليس الهدف منها الهروب من الصيف اللاهب أو الاستمتاع بالمناظر الخلابة في دولة بيلاروسيا، بل للتسلل عبر حدود هذه الدولة إلى أراضي الاتحاد الأوروبي.
وذكر موقع “مهاجر نيوز” المختص بأخبار المهاجرين في أوروبا، في تقرير اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، أن مهاجرين غير نظاميين أغلبهم من العراقيين يحاولون منذ أيام العبور من بيلاروسيا إلى ليتوانيا مشيا على الأقدام.
وأشار إلى أن هناك مجموعات مغلقة على مواقع التواصل يحاول المهاجرون من خلالها تنظيم رحلتهم المحفوفة بالمخاطر.
“كروبات” مغلقة
وبين أن هذه المجموعات المغلقة “كروبات” تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، وهي مختصة بتبادل المعلومات حول السفر إلى بيلاروسيا ودخول ليتوانيا، الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، وهي واحدة من دول البلطيق الثلاث الأعضاء في الاتحاد، بجانب لاتفيا واستونيا.
ولفت التقرير إلى أن وضع ليتوانيا المجاورة لبيلاروسيا مختلف، فالحدود بينها وبين بيلاروسيا غير مسيطر عليها بما يكفي، مما يفتح الباب أمام عبور المهاجرين القادمين من الشرق الأوسط وبالخصوص العراق إليها مرورا ببيلاروسيا. لكن الحكومة الليتوانية اتخذت إجراءات لحماية حدودها مع بيلاروسيا من خلال البدء ببناء جدار كونكريتي ومن أسلاك شائكة على طول الحدود.
واشار الى ان مكاتب السفر والسياحة في بغداد وكذلك في مدن العراق المختلفة تقدم منذ فترة طويلة عروضا سياحية للسفر إلى منسك العاصمة البيلاروسية، تتضمن تذكرة السفر والسكن والنقل والجولات السياحية وتتراوح بين 650 إلى 800 دولار، بعضها يطالب بضمانات على شكل تأمين للعودة، والبعض الآخر لا يفعل.
ونبه الى أن أغلب أعضاء المجموعات على فيسبوك، يحجزون تذكرة ذهاب فقط، ويحاولون خلق مجموعات للسفر معا. الغالبية العظمى منهم شباب يبحثون عن منفذ للهروب من الظروف الصعبة في العراق.
كما يلاحظ حضور عدد من الفتيات وكذلك الأسر التي ترغب في أخذ هذا الطريق للوصول إلى أوروبا، وهو طريق فتحه كما يبدو الرئيس البيلاروسي لوكاتشينكو بسبب خلافه المتصاعد من الاتحاد الأوروبي.
والملاحظ في هذه المجموعات (الكروبات) أن أغلب المعلومات المنشورة غير دقيقة والتي يمكن أن تتسبب في ضياع الذين يحاولون الهجرة وتعرضهم لمخاطر.
مهاجرون لم يصلوا
أغلب المعلقين لم يصلوا فعلا إلى ليتوانيا، وهناك من يسأل عن مصير شقيقه الذي غادر قبل أيام واختفت أخباره، والجواب حول هذا السؤال يأتي من – شخص آخر لا يعيش في ليتوانيا – أن السلطات الليتوانية سحبت من كل المهاجرين غير الشرعيين أجهزة الهواتف النقالة وستعيدها إليهم بعد مرور 15 يوما.
البعض يسأل عما يفعله إذا انتهى مفعول التأشيرة في بيلاروسيا بعد 8 أيام؟ فيما يسأل آخرون عن صعوبة الوضع بالنسبة للأسر. كثيرون يتكلمون عن موعد الطائرة التي ستقلهم إلى منسك، ومن بينهم أسر بكاملها. وأخرون يرسمون الطريق كاملا إلى ليتوانيا وحتى ألمانيا، بداية من نقطة الانطلاق في مطار بغداد الدولي، وهم أشخاص لم يبلغوا فعليا ليتوانيا.
والملاحظ أيضا أن بعض أعضاء هذه الكروبات من السوريين الذين يسألون عن إمكانية الحصول على تأشيرة لبيلاروسيا أيضا.
رحلات وهمية
فيما يحذر آخرون من “أكاذيب” تنشر على مواقع التواصل، بشأن سهولة الوصول إلى ليتوانيا، وكذلك العبور منها إلى ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبي الأخرى، وبالخصوص بولندا.
السلطات في ليتوانيا تحركت على الأرض وكذلك من خلال الطرق الدبلوماسية، فسارع وزير الخارجية الليتواني لزيارة بغداد. وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أعلن يوم أمس الخميس أن الحكومة ستحقق في معلومات تشير إلى عبور لاجئين عراقيين عبر أراضي ليتوانيا بطريقة غير شرعية إلى جمهورية بيلاروسيا.
وقال الوزير حسين ، في تصريح صحفي مشترك مع وزير خارجية ليتوانيا جابريليوس لاند سبيرغيس الذي وصل بغداد في الأمس :”كانت لنا اليوم جولة مباحثات جيدة لبناء علاقات مع ليتوانيا”. وذكر أن الوزير الليتواني طرح مشكلة تواجه بلاده تتعلق بوصول لاجئين عراقيين إلى ليتوانيا وصولا إلى بيلاروسيا وأن الحكومة العراقية ستحقق في هذا الموضوع لاتخاذ الإجراءات القانونية.
وأوضح الوزير حسين أن السفارات العراقية في الخارج معنية بمتابعة مثل هذه الحالات وحماية حقوق العراقيين. من جانبه، ذكر وزير خارجية ليتوانيا أن بلاده سعيدة ببناء علاقات مع العراق وزيادة التمثيل الدبلوماسي والتعاون مع السلطات العراقية لإيقاف شبكات تهريب العراقيين عبر أراضي ليتوانيا.
وقال :”لمست من خلال المباحثات أن الحكومة العراقية ستعمل على حل هذه المسألة قبل أن تنمو مما يكون لها تداعيات بين البلدين”.
يذكر أن البرلمان الليتواني أقر يوم الثلاثاء (13 يوليو/ تموز) تشريعا لتسريع ترحيل المهاجرين الذين يعبرون الحدود بشكل غير قانوني. كثير من الحقوقيين يرون أن من شأن القانون أن ينتهك حقوق هذه الفئة، لكن للحكومة والمشرع رأي آخر.
وقالت وزيرة الداخلية أغني بيلوتايت “هذا وضع بالغ الخطورة، هذه ليست هجرة عادية، إنها حرب ضدنا، لذا يجب أن يكون الرد مناسبا”.