تحت اسم “إنهاء الإفلات من العقاب في العراق”، خرج العراقيون للتظاهر داخل العراق وخارجه، في إطار حملة حقوقية واسعة في أوروبا والولايات المتحدة وكندا، والعديد من الدول حول العالم.
فقد امتدت المظاهرات المنظمة بهذه المناسبة، من واشنطن وأوتاوا ولندن إلى باريس وفيينا وستوكهولم وبروكسل ومعظم العواصم الأوروبية، إلى العاصمة العراقية بغداد، والبصرة وأربيل والناصرية، ومختلف المدن العراقية.
وتهدف الحملة، حسب المنظمين، لوضع حد لظاهرة الإفلات من العقاب في العراق، وتغاضي القوى والمنظمات الدولية عن فساد الطبقات السياسية الحاكمة في العراق وتراخيها حيال ذلك، على مدى السنوات والعقود الماضية.
وتعليقا على هذه الحملة، يقول إحسان الشمري، مدير مركز التفكير السياسي في العاصمة بغداد، في لقاء مع “سكاي نيوز عربية”: “هي مبادرة في الاتجاه الصحيح ولا شك، فمسألة الإفلات من العقاب ليست ظاهرة جديدة في العراق، بل هي تاريخية ومرتبطة بمنهج وبعرف لطالما سارت عليه الطبقة السياسية العراقية على اختلاف تلاوينها”.
وأضاف: “كانت هناك تراكمات كثيرة واحتقانات وأزمات مر بها العراق ويمر من جراء أخطاء مختلف الحكومات المتعاقبة، والصراعات بين القوى والزعامات السياسية، من دون خوف من العقاب والمحاسبة، والأنكى أن هذه الصراعات الدموية والمديدة رغم أنها خلفت ضحايا بلا حدود ودمرت البلاد، لكن تلك الزعامات تهربت دوما من تحمل أدنى المسؤولية عن أفعالها، لكونها تعتقد نفسها فوق القانون وفوق المساءلة”.
ويردف الشمري: “لهذا كله فهذه المبادرة هي محاولة طموحة لحث المجتمع الدولي، وتحفيزه على التنديد بما يجري من انتهاكات داخل العراق ووضع حد لها، وأن يكون هناك تحرك دولي باتجاه تفعيل دور محكمة الجنايات الدولية والأمم المتحدة ومجلس الأمن، في هذا السياق”.
ويختم الأستاذ في جامعة بغداد: “إنهاء الإفلات من العقاب كحملة، هي تتوافق لحد كبير مع ما طرحه حراك تشرين الشعبي في العام 2019، من شعارات وأهداف إصلاحية وتغييرية في الواقع السياسي العراقي المأزوم”.
أما المحامية العراقية رنا شبيب، والتي كانت من المنظمين لهذه المبادرة، فتقول في حوار مع “سكاي نيوز عربية”: “حملتنا موجهة بالدرجة الأولى نحو الرأي العام العالمي، فنحن كمجموعة من كفاءات الخارج العراقية، بدأنا الإعداد لهذه الحملة منذ أكثر من شهر ونصف كأفراد غير مدعومين من أي جهة ولسنا منظمة حتى”.
وتضيف شبيب: “بداية ولادة الفكرة أتت مع المظاهرات التي خرجت في العاصمة الأميركية واشنطن من قبل العراقيين، بعد اغتيال الناشط العراقي ايهاب الوزني، وبعدها شكلنا مجموعة مظاهرات الخارج، ومن ثم أسسنا لجنة خاصة بهذه الحملة، وكنت ضمن المؤسسين لها، وذلك بالتعاون مع مجموعة من المتطوعين وأغلبهم من الشباب العراقيين المغتربين، في الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا، وباشرنا التحضيرات كل حسب إمكانياته، وذلك بهدف مخاطبة المجتمع الدولي، ولفت أنظاره لما يدور في العراق، من انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، من قتل واغتصاب وتغييب واختطاف وفساد مالي وإداري، وسط غياب للقانون والعدالة والعقاب”.
وتضيف: “العراقيون في الداخل مقيدون وعاجزون عن الحراك، خشية بطش الميليشيات المسلحة، وغالبية الناشطين بالداخل يختبئون خارج بيوتهم خوفا من التصفية والملاحقة، وعليه كان علينا كعراقيين في الخارج انطلاقا من مسؤوليتنا الأخلاقية والإنسانية والوطنية، التحرك العاجل على الصعيد الدولي لايصال صوت الداخل العراقي والتعبير عن معاناته”.
وتوضح المشرفة على الحملة الخطوط العامة لمطالبهم وأهدافهم بالقول: “مطالبنا الأساسية إصلاح منظومة القضاء وتخليصها من عناصر وممارسات الفساد، والكشف عن قتلة المتظاهرين والناشطين والصحفيين وتسليمهم للقضاء، والكشف عن مصير المخطوفين والمغيبين قسريا والقبض على الجناة، وإطلاق سراح المعتقلين بتهم كيدية نتيجة مشاركتهم في الاحتجاجات ونشاطهم المدني، وكشف السجون والمعتقلات السرية غير القانونية، وإحالة مسؤوليها للمحاكمة، ومحاسبة كل المتورطين بقضايا الفساد وفق القانون”.
يذكر أن الاحتجاج على الفساد المستشري ونهب ثروات البلاد، وتفشي الفقر والبطالة، وانتهاكات حقوق الإنسان وسوء الخدمات وترديها، كان من أهم عناوين الحراك الشعبي العراقي الواسع أواخر العام 2019، والذي خلف آلاف القتلى والجرحى، ولا يزال الناشطون في ذلك الحراك يتعرضون بحسب تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، للملاحقة والتصفية والاغتيال.