لازال الحوار بين المدافعين عن حقوق الانسان في جمهورية العراق تتصاعد وتيرته حول المدى القانوني الذي يمكن معه اعتبار جرائم الاغتصاب التي ارتكبها عناصر مايسمى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الارهابي المتطرف – داعش – احد افعال جريمة الابادة الجماعية وليس كما متعارف عليه انه جريمة ضد الانسانية .
لكن من خلال سابقة قانونية للمحكمة الجنائية الدولية لرواندا وتحديدا في الدعاوى المقامة ضد المتهم المدان “بول اكاييسو” فأننا نجد في الفقرة 598 من ملف دعوى المدعي العام ضده التالي
( اقتباس نصي طبق الاصل ) “الاغتصاب انتهاك بدني ذو طبيعة جنسية يرتكب بحق شخص في ظروف قهرية” انتهى
بينما نجد في الفقرة 731 من ذات الدعوى ( اقتباس نصي طبق الاصل)
“ان الاعتداء الجنسي يمثل جريمة ابادة جماعية شأنه في ذلك شأن اي فعل اخر ما دام قد ارتكب بقصد محدد للقضاء الكلي او الجزئي على جماعة معينة مستهدفاً لها بصفتها تلك” انتهى
رؤية شخصية
كما معلوم ان الاغتصاب هو احد اشكال العنف الجنسي الا انه يتطلب الايلاج بشكل اساس والايلاج متحقق بأغلب الانتهاكات ذات الطابع الجنسي المرتكبة ضد المختطفات من النساء الايزيديات بل ولمدد زمنية طويلة تتجاوز الثلاث سنوات احيانا ولازال الكثير منها مستمراً.
وبالعودة مرة اخرى الى الفقرة 731 من ملف دعوى اكاييسو اعلاه نلاحظ الشروط التي عدتها المحكمة الجنائية لرواندا لاعتبار جريمة الاعتداء الجنسي ( العنف الجنسي اذا صح المصطلح ) ومنها الاغتصاب هي
اولا ان يرتكب الاعتداء الجنسي بقصد القضاء ( التدمير ) الكلي او الجزئي للجماعة
وهنا لايتطلب الاعتداء الجنسي او العنف الجنسي انهاء الحق بالحياة او القتل او الاماتة بل يشمل التدمير حيزا اوسع فعلى سبيل المثال جريمة التعقيم القسري ( احد افعال الجريمة ضد الانسانية بنص المادة 7 من نظام المحكمة الجنائية الدولية الاساس) اصبح هنا بضوء الفقرة 731 اعلاه شكلا من اشكال افعال جريمة الابادة الجماعية لانه يحقق التدمير الكلي او الجزئي في حال ارتكب وكان القصد من ارتكابه قطع نسل الجماعة المستهدفة والذي ينطبق على الاقلية الايزيدية لكن هذا الشكل من اشكال الانتهاكات الجسيمة والخطيرة بالذات يعاني منه ملف جريمة الابادة الجماعية الايزيدية اذا لاتوجد معلومات دقيقة عبر الرصد والتوثيق وكتابة التقارير لهذا الشكل من اشكال الانتهاكات الى حد كتابة هذه السطور.
اما الاغتصاب محور الطرح الاصلي فان احداث تغيير وراثي على الجماعة يحقق شرط القصد بالتدمير الكلي او الجزئي ، فالمعلوم والثابت ان الاقلية الايزيدية في جمهورية العراق تتمتع بعرقية صافية نوعا ما لان الديانة التي يعتقد بها الايزيديون لاتسمح بالزواج للرجل او للمرأة بغير الايزيدية او الايزيدي لذلك فأن الاقلية حافظت على اصلها العرقي والديني واحيانا يرى البعض ان لهم خصوصية قومية ايضا وبما ان افراد التنظيم الارهابي ينتمون الى عرقيات وقوميات واديان اخرى فأن من شأن جريمة الاغتصاب ان تحدث حمل قسري وهذا مثبت بمئات الحالات عليه فأن من شأن هذا الانتهاك ان يعمل على تغيير وراثي وبالتالي تدمير للجماعة كليا او جزئيا وقد تحقق منه التدمير الجزئي .
ثانيا ان يستهدف الجماعة بصفتها تلك وهذا بين لان التنظيم الارهابي استهدف الايزيديون كايزيديين بصفتهم كايزيديين ولم يستهدفهم لاسباب اخرى
مما تقدم ذكره فأن الواضح ان المحكمة الجنائية الدولية لرواندا عدت جريمة الاعتداء الجنسي وخصوصا الاغتصاب كفعل من افعال جريمة الابادة الجماعية طالما كان القصد من ارتكابه هو تدمير الجماعة تدميرا كليا او جزئيا تحقيقاً لغاية انهاء وجودها .