.
سلط موقع “فورورد” الامريكي اليهودي الضوء على وجود اليهود التاريخي في شمال العراق الذي يعتقد الكثيرون ان اقليم كوردستان والمنطقة الاوسع كانت في فيما مضى موطنا لجالية يهودية يبلغ عددها عشرات الالاف، ولم يتبق منها ما يذكر.
واشار الموقع في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، الى ان هذه المنطقة هي مدفن لاثنين من انبياء اليهود ناحوم ويونا، وحيث عاشت واحدة من اوائل الشخصيات الحاخامية وتدعى أسانث، بينما كانت مدينة اربيل عاصمة لمملكة اديابين اليهودية، بعد تحول الملكة هيلين وابنها مونوباز عن معتقداتهما الدينية في القرن الأول الميلادي.
وبحسب الموقع، فانه لم يبق لليهود وجود في المنطقة، مشيرا الى انه الى جانب اليهود في مناطق العراق الاخرى، فان غالبية الكورد اليهود غادروا خلال خمسينيات القرن الماضي تحت ضغط من الحكومة فيما بعد انشاء دولة اسرائيل.
وتحدث تقرير الموقع الامريكي عن المواطن الامريكي ليفي مئير كلانسي، وهو من من لوس انجلوس، امضى سنوات في اربيل، وركز على اظهار الجانب اليهودي وابراز التنوع العرقي في المنطقة.
وامضى كلانسي سنوات في جمع القطع الاثرية اليهودية، واصبح لديه اكثر من 700 قطعة جمعها من المنطقة واماكن اخرى في العراق من اجل اقامة معرض بعنوان “متحفنا”، وهو برعاية “فاونديشين أوف آورز” التي اسسها كلانسي الذي تربى في كنيس يهودي اصلاحي، ومهمته حماية الحياة اليهودية وتعزيز التسامح. وتعمل المؤسسة ايضا كمعبد لليهود الذين يزورون المنطقة.
وبحسب موقع المؤسسة على الانترنت: فان مهمتها “تتمثل في دعم التعبير اليهودي في اقليم كوردستان، وايضا لتوفير منصات للمصالحة مع جميع مكونات المجتمع”. وبالاضافة الى استضافة المتحف، تامل المؤسسة ايضا في تقديم الدعم للحجاج اليهود الذين قد يزورون المنطقة.
واشار الموقع الامريكي الى ان كلانسي زار اقليم كوردستان للمرة الاولى وهو في عمر الـ19 وذلك في العام 2010، بعد ان فتن بالتاريخ الاثري للمنطقة عندما كان طالبا في جامعة كاليفورنيا التي درس فيها علوم البيولوجية.
وازداد شغف كلانسي بالتاريخ والثقافات القديمة ثم بعدما انهى دراسته الجامعية، انتقل الى كوردستان حيث اشترى منزلا ووجد عملا كمهندس برمجيات. وذكر التقرير ان العراق اصبح بمثابة موطنه خلال السنوات الاخيرة من الغزو الامريكي، وخلال صعود وسقوط داعش. وعلى الرغم من انه كان يسمع ويشاهد العنف عن بعد، الا انه شعر بالامان نسبيا.
ونقل التقرير عن كلانسي قوله “كنت اعرف ان اقليم كوردستان له حدود دائمة”.
وقام كلانسي بجولات في مدينة اربيل القديمة ومتحف التاريخ، وتحدث عن الجولات التي قدمها بشكل مجاني ان “الاقبال كان جنونيا، ونشرت منشورا واحدا صغيرا، وحضر العشرات من الاشخاص. وكنت تتوقع ان يكونوا جميعا اجانب، لكن عددا كبيرا منهم كانوا من الكورد”.
واعرب كلانسي عن دهشته لان العديد من السكان المحليين كانوا ياتون اليه وهو الاجنبي الغريب من اجل التعرف على تاريخهم الخاص، مشيرا الى انه اعتقد في البداية ان هذا الحماس كان مجرد صدفة، لكنه واصل تقديم الجولات للزوار مع اقبال عدد كبير من الناس. واشار الى ان احدى جولاته التعريفية في المدينة اجتذبت 60 شخصا من الكورد والعرب والعراقيين والسوريين والايزيديين والاشوريين والكلدان. وقال “كان أمرا لا يصدق.”
واشار الى ان وضعه كأجنبي غريب يبدو انه جعل متحفه المتجول في انحاء اربيل اكثر سهولة، وسمح له بسد بعض الانقسامات داخل المجتمع العراقي.
واوضح كلانسي “بصفتي كأجنبي، سيسرون لي الناس باشياء لا يشعرون بالراحة عند قولها للعراقيين الاخرين. لذا ، قد يخبرني شخص عربي بشيء لا يشعر بالراحة عند اخبار شخص كوردي، وسيخبرني شخص كوردي اشياء لا يشعرون بالراحة عند اخبار شخص عربي بذلك “.
وخلص كلانسي الى حقيقة ان مكانته الفريدة في المجتمع منحته مسؤولية الحفاظ على تاريخ المنطقة للناس الذين يعيشون هناك.
ومن خلال فكرة انشاء المتحف، يسعى كلانسي الى القول انه على الرغم من التوترات بين السكان، فان تاريخ المنطقة وتراثها كنز ينتمي الى جميع مجموعاتها العرقية والدينية، بما في ذلك الجالية اليهودية المنفية – المحور الاول لمشروعه.
وحول سبب تركيزه على المكون اليهودي، قال كلانسي “لان لا احد يفعل ذلك”، ولان ابناء الطائفة غادروا المنطقة منذ فترة طويلة.
وبدأ كلانسي بشراء قطع تتعلق بالتاريخ المحلي، من الصور الاصلية للعائلة المالكة الايزيدية والكتب اليهودية العربية المنشورة في بغداد.
وعلى الرغم من انه جمع مجموعة من الكتب والتحف اليهودية ، الا ان كلانسي يرفض شراءها من التجار في العراق نفسه خشية ان تكون قد نُهبت من الجالية اليهودية الهاربة من العراق خلال الخمسينيات من القرن الماضي. وبدلا من ذلك، يقوم كلانسي بجمع القطع الاثرية من بريطانيا واسرائيل واماكن اخرى حيث من المرجح ان يكون ابناء الجالية اليهودية قد باعوها برضاهم.
واشار التقرير الامريكي الى ان كلانسي من خلال عمله التاريخي، اثار انتباه حكومة اقليم كوردستان.
وتابع انه بعد تحرير الموصل من قبضة داعش في العام 2017 ، بدات اعمال ترميم ضريح النبي ناحوم، احد الانبياء الاثني عشر الصغار. وفي كتاب ناحوم ، يسرد النبي رواية عن دمار مدينة نينوى الاشورية والتي تقع مكان مدينة الموصل العراقية المعاصرة بحسب ما اشار التقرير.
واشار التقرير الى ان حكومة كوردستان لا تقيم علاقات رسمية مع اسرائيل، لكنها في اطار محاولة لاشراك الجالية اليهودية الكوردية التي استقرت بجزء كبير منها في اسرائيل، في مشروع الترميم، استخدمت حكومة اقليم كوردستان كلانسي كحلقة وصل غير رسمية.
وختم التقرير بالقول انه يمكن مشاهدة العديد من القطع الاثرية التي جمعها كلانسي في المعارض المؤقتة التي اقامها حول اربيل، وعبر الانترنت على “فيسبوك”، وكذلك على موقع المتحف. وقال كلانسي انه يأمل ان يحل اليوم الذي يمكن فيه جمع هذه القطع الاثرية في متحف حقيقي يزوره الناس الذين يعيشون في كوردستان العراق والسياح اليهود وغير اليهود. وقال “هذا حلمي. انا متاكد من ان ذلك سيحدث”.