.
يُجري العراق منذ أيام حوارا استراتيجيا، مع الولايات المتحدة، بهدف تنظيم العلاقة بين البلدين، وهو ما طرح تساؤلات عن طبيعة القرار الأميركي النهائي، بشأن وجود قواتها القتالية في العراق، واستراتيجية واشنطن المقبلة في العراق.
ويطرح الأمر ذلك تساؤلات عن طبيعة الانسحاب الأميركي، من البلاد، وفيما إذا سيكون شاملاً لجميع قواتها من البلاد، أم الإبقاء على جزء داخل القواعد العراقية، خاصة وأن جولات الحوار الاستراتيجي تؤكد على العلاقة الدائمة بين البلدين، والتعاون فيما يتعلق بمواجهة تنظيم داعش.
كما أن لدى الولايات المتحدة، مشاركة واسعة، ضمن حلف الناتو، الذي قرر في فبراير، الماضي، زيادة عديد قوّاته في البلاد إلى 4 آلاف، فيما قالت واشنطن، إنها سوف تساهم بنصيبها العادل في هذه المهمة.
وفتحت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، الباب أمام احتمال إرسال المزيد من القوات الأميركية إلى العراق كجزء من المهمة التدريبية الموسعة لحلف شمال الأطلسي ” ناتو” بهدف دعم القوات العراقية وضمان عدم عودة النشاط لتنظيم داعش.
وقالت جيسيكا ماكنولتي المتحدثة باسم الوزارة في تصريحات سابقة لها: إن “الولايات المتحدة تشارك في عمليات الناتو بالعراق وسوف تساهم بنصيبها العادل في هذه المهمة الموسعة”، مضيفة أن “الولايات المتحدة وشركاءها في التحالف الدولي لهزيمة داعش ملتزمون بضمان هزيمة هذا التنظيم”.
ولدى الولايات المتحدة، وجود على عدة مستويات في العراق، مثل الشركات العاملة في المجالات الأمنية، وكذلك ضمن قوات التحالف الدولي، وبعثة حلف الناتو، فضلاً عن الوجود الدبلوماسي الذي يعد الأكبر من نوعه، بسبب مساحة وتعدد مهام السفارة الأميركية في البلاد، فضلاً عن الوجود في الأجواء العراقية، والسيطرة عليها بشكل شبه تام.
استراتيجية جديدة
ويرى الخبير الاستراتيجي أحمد الياسري، أن “خطة الانسحاب وُضعت إبان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب، وأعتقد أنه ستحصل مقايضة بين الكاظمي، وبايدن، بإعادة العمل وفق (السماء لنا .. الأرض لكم)، بمعنى إفراغ الأرض من العناصر البشرية الأميركية، مقابل إتاحة فرصة للسيطرة الجوية، وهذا سيخفف من قوة المليشيات، ويمنح مبررات شبه قانونية، لقوات التحالف على التحرك، فيما إذا تعرضت مؤسسات الدولة العراقية، إلى الاستهداف من قبل تلك الفصائل”.
وأضاف الياسري في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية” أن “الولايات المتحدة، لو أخفضت وجودها الجوّي فإننا سنقترب كثيراً من المشهد الأفغاني، إذ سيستغل تنظيم داعش ذلك، بشكل مكثف، خاصة إذا ما علمنا بأن الولايات المتحدة نفذت 13 ألف طلعة جوية، وتمكنت من تدمير 8 آلاف مقر تابع لتنظيم داعش، ما يعطينا تصوراً عن نشاط القوة الجوية الأميركية في العراق”.
ولفت إلى أن “المسرح السياسي العراقي يختلف عن الأفغاني، فالعراق يمثل الكثير للولايات المتحدة، فيما يتعلق بأمن حلفائها في المنطقة، وكذلك صد الاندفاع التركي، وضمان أمن جنوب شرق المتوسط، فهذا جزء من أولويات الاستراتيجية الأميركية”.
وتقول الحكومة العراقية، إنها وصلت لقناعة بعدم وجود حاجة إلى القوات القتالية العسكرية الأميركية، لكنها بحاجة إلى تطوير الوضع العسكري، والتدريب، والحاجة الماسة إلى التعاون في مجال الاستخبارات العسكرية والقوة الجوية.
ولا يزال هناك حوالي 3500 جندي أجنبي على الأراضي العراقيّة؛ بينهم 2500 أميركي، لكنّ إتمام عمليّة انسحابهم قد تستغرق كثيراً.
سلاح الجو الأميركي
واستهدف حوالي خمسين هجوماً صاروخيّاً أو بطائرات مسيّرة المصالح الأميركيّة في العراق منذ بداية العام الماضي، اذ تُنسب هذه الهجمات التي لم تتبنّها أيّ جهة إلى فصائل شيعية مسلحة موالية لايران.
واستهدف أحدث هجوم كبير في السابع من الشهر الحالي قاعدة عين الأسد العسكرية التي توجد فبها قوات اميركية في غرب العراق حيث سقط 14 صاروخاً من دون تسجيل إصابات.
وتدفع المليشيات المسلحة، وهي شيعية نحو إخراج القوات الأميركية من العراق، بمساندة من كتل سياسية في البرلمان، تؤيد توجهاتها، غير أن المجتمعات السنية والكردية، لا تكترث كثيراً بالوجود الأميركي في البلاد، وتراه فيه عاملاً لردع الفصائل المسلحة.
ويرى الخبير في الشأن الأمني، ميثاق القيسي، أن “المجموعات المسلحة، والأحزاب السياسية المنادية بخروج القوات الأميركية، تفتقد إلى الحكمة والعقل والتخطيط، فهي تقول أمام جمهورها، بأنها تريد إخراج القوات الأميركية، لإنهاء ممارسات تلك القوات داخل الأراضي العراقية، مثل قصف الحشد الشعبي، لكن الحقيقة أن قصف الحشد الشعبي يتم من واشنطن، عبر سلاح الجو، وليس من خلال قوات المشاة”.
ولفت في تعليق لـ”سكاي نيوز عربية” أن “الحل في تنظيم علاقة العراق مع الوجود الأميركي، هو عبر المسار الدبلوماسي، وفهم الواقع بشكل جيد، فالولايات المتحدة، تفرض قوتها حالياً من خلال سلاح الجو، ونفذت كثيراً من عملياتها من خلال هذا السلاح، والسؤال الذي يطُرح هنا.. هل ستتوقف تلك العمليات بعد الانسحاب النهائي؟”.