يقول لينين:(لا ثورة حقيقية..بدون نظرية ثورية).
وأنا أقول: (لا نجاح لأية حركة ثورية نضالية.. بدون تنظيم سياسي ثوري جماهيري).
في الربع الأخير من القرن العشرين وتحديداً ربيع عام 1975، أصدرت قيادة الحزب الشيوعي العراقي قرارها المخالف والمناقض لنهج الحزب الثوري الجماهيري، بتجميد عمل المنظمات المهنية المرتبطة بالحزب الشيوعي العراقي (أتحاد الطلبة العام، أتحاد الشبية الديمقراطي، رابطة المرأة)، بضغط وطلب مباشر من قيادة الحزب الحليف حينها(حزب البعث العربي الأشتراكي)، وبعد دراسة قرار قيادة الحزب الشيوعي من قبل قادة وكوادر المنظمات المهنية، لم يحضى ذلك القرار الحزبي بموافقة غالبية الكوادر الحزبية ومنظماتهم، ولكنها خضعت لقرار الحزب حينها، بناءاً على النظام الداخلي للحزب الشيوعي مفاده، التنفيذ اللاشرطي للقرارات المركزية.
عليه التزم الكادر الحزبي المتقدم والقاعدي والمهني بالقرار المركزي الصادر من قيادة اللجنة المركزية دون قيد أوشرط، مع مناقشة القرار والألتزام به، حتى وأن كانوا غير موافقين وغير متفقين مع القرار نفسه وهو الذي حصل تنفيذياً وعملياً. ومعناه (ناقش القرار ولكنك ملتزم بتنفيذه حتى وأن لم تتفق معه جملة وتفصيلاً). ذلك القرار خسر الحزب الكثير من كوادره الثورية المجربة في العمل الميداني السياسي الجماهيري، كما خسر كوادره المناضلة بعد تحالفه مع الحزب السلطوي، المتعطش للعنف والأرهاب الفكري والدموي بالضد من الوطنيين، بمختلف مسمياتهم ومشاربهم بما فيهم البعثيين أنفسهم، كما الشيوعيين والديمقراطيين والوطنيين المستقلين الغير المنظمين.
قاطعت قيادة الحزب الشيوعي العراقي مؤتمر لندن المنعقد في عام 2002، والمعني بالتغيير السياسي في العراق، من خلال التدخل الدولي فكان قراره صائباً، منطلقاً بعدم التغيير السياسي في العراق من الخارج، رافعاً شعاره التاريخي (لا للأحتلال.. لا للدكتاتورية) أو (لا للدكتاتورية.. لا للأحتلال). وبعد التدخل الخارجي المباشر وأحتلال العراق وتغيير السلطة، كنّا ننتظر بعدم مشاركة قيادة الحزب الشيوعي العراقي بالسلطة الجديدة، وما يؤسفنا أكثر هو قبولهم بالدخول في مجلس الحكم بصفة طائفية وليس حزبية.
بعد أنتهاء دور مجلس الحكم المنبثق ما بعد الأحتلال الأنكلوأميركي، تشكلت حكومة مؤقتة بقيادة أياد علاوي لفترة قصيرة جداً عام 2004، حتى جرت أنتخابات برلمانية أولية عام 2005، و2010، و2014، و2018، والمقترح أجرائها في 10\10\عام 2021، ليقرر مقاطعتها عبر الأستفتاء الداخلي الحزبي والجماهيري بالغالبية الكبيرة، نتيجة عبوره للواقع المشوش المتخبط المقلق المتردد، البعيد عن النهج الثوري الجماهيري القادر الوحيد للتغيير بأي ثمن كان وبأغلى ثمن، هو سيلان وسريان الدم الشبيبي رخيصاً، من أجل حرية وحقوق الوطن والشعب وأستقلالهما الداخلي والخارجي، بعد أن سأم من التغيير الحاصل للفاسدين المشاركين بالعملية السياسية المأزومة والمسلوبة الأرادة بحكم التدخل الأقليمي والدولي على حد سواء.
الواقع الحالي جماهيرياً يتكلم ضمن الواقعية مفاده، غياب الدولة كنظام قائم مؤسساتي أمني خدمي تعليمي صحي علمي تطوري، بل هناك تراجع كبير حتى في أداء السلطات المتعاقبة منذ الأحتلال ولحد اللحظة، من دون أي تقدم أو تطور للصالح العام، بل والعكس هو الصحيح وفي جميع مجالات الحياة الأجتماعية والسياسية والأقتصادية المالية. في غياب حقوق الأنسان والقانون والنظام ومفردات الدستور الدائم، بغض النظر من تحفظاتنا في الكثير من مواده الغير المكتملة ضمن القوانين المطلوبة.
العملية السياسية منذ أنبثاقها في نيسان 2003 ولحد الآن، تمر بمنعطف سياسي طائفي عنصري قومي مقيت فاسد عليل حد النخاع، كارثي مأساوي تفجيري دموي خاطفي أعتقالي كيفي غير قانوني، باتت العملية السياسية غير مجدية بعد أن فقدت أبسط قيمها الأنسانية والحياتية، عليه يتطلب حسم موقف القوى الوطنية والأنسانية وحتى المكونات القومية المتعددة، من ذوات النهج الوطني الحريص على تواجدها وبقائها في الوطن.
قرار الشيوعي العراقي الحزبي والجماهيري في 24\تموز\2021، كان صائباً ومحقاً من الوجهتين الجماهيرية الحزبية والوطنية في آن واحد، بعدم مشاركة الحزب في الأنتخابات المقترحة في ت1 من هذا العام، بالرغم من تقديري الشخصي بعدم حصولها في الموعد المحدد، ولكن للموقف الحزبي الجماهيري له حضوره المطلوب تبيانه، كون الأنتخابات في ظل الوضع القائم المنفلت أمنياً ونظامياً وقانونياً ومزري فساداً ودماراً لا يمكن تقديره ووصفه بأسوء الأحوال.
فخطوة الحزب الجماهيرية التي أقرها مؤخراً، منحت الحزب الشيوعي دوره المؤثر نحو الأفضل جماهيرياً ووطنياً، ولكننا ننتظر الدور الثوري الأكثر تأثيراً ومؤثراً هو أنسحابه الكامل من العملية السياسية الفاشلة تماماً منذ أحتلال البلد ولحد الآن، وأن يفتح جناحيه الكاملة بتقبل الحوار الفاعل والمتواصل، مع كل القوى الخارجة من صفوفه عبر تاريخه النضالي، ضمن الأخطاء والهفوات التي حصلت في مسيرته المعقدة والصعبة للغاية، والتي أعترف وأنتقد نفسه علناً، بما فيها جلد الذات، من خلال مؤتمراته المتعددة وخارجها، ليتحول حزباً جماهيرياً ثورياً قادراً، لأستقطاب رفاقه التاريخيين المناضلين المضحين بالغالي والنفيس وأستقطاب كافة الحركات والأحزاب الشيوعية العراقية من جهة، وتحالفاته العملية والعلمية لعموم اليسار العراقي وتياراته المدنية والديمقراطية والحركات التشرينية المناضلة بمنظار وطني شعبي مؤثر بترتيب أوضاعها ولمها من جهة ثانية. وهي حالة مطلوبة التنفيذ فوراً، من أجل التغيير المنشود جماهيرياً وطنياً ملحاً، للخلاص من المأزق الوطني الجماهيري، بوضع الحلول الموضوعية العملية الجادة والسريعة، كون الوضع بات لا يثقبل التأجيل ولابد من التغيير العاجل دون تلكأ وتقاعس أبداً، للخلاص من الفساد المالي والأداري القائم والمستشري في جميع مفاصل الدولة وقسم من الناس من ضعيفي النفوس المتواجدين في مواقع السلطات القائمة الفاشلة لعقدين من الزمن الدامي الغابر الدامع.
كل هذا وذات يتطلب برنامج عملي مدروس ومتفق عليه من قبل قوى التغيير التي تهمها مصلحة الوطن والبشر، وحمايته من القتلة الفاسدين المستمدين قوتهم وجبروتهم من جيرانهم الطائفيين الحاكمين، على أسس دينية راديكالية عميلة فاشلة جماهيرياً وشعبياً، حاملة السلاح بتنوعاته المؤثرة، خارجين على القانون والنظام وبالضد من قوى الأمن العراقية والحكومة القائمة.
حكمتنا:(الأنفتاح وقبول الآخر حزبياً ووطنياً وجماهيرياً، هو المفتاح الأساسي للخلاص من الوضع الدموي المتردي الفاسد القائم).
منصور عجمايا
26\07\ 2021