الغنوشي: انقلاب على الثورة والدستور
قرر الرئيس التونسي تجميد سلطات البرلمان وإعفاء رئيس الحكومة من منصبه، كما قرر تولي السلطة التنفيذية وتعيين رئيس حكومة جديد، وقرر أيضا رفع الحصانة عن نواب البرلمان وتولي رئاسة النيابة العامة للتحقيق مع النواب المتورطين في الفساد.
وخلال اجتماع طارئ مساء الأحد في قصر قرطاج مع قيادات عسكرية وأمنية، أعلن الرئيس التونسي “تجميد كل اختصاصات المجلس النيابي، فالدستور لا يسمح بحله ولكنه لا يقف مانعا أمام تجميد كل أعماله”، كم قرر “رفع الحصانة عن كل أعضاء المجلس النيابي، وسأتولى رئاسة النيابة العمومية حتى تتحرك في إطار القانون لا أن تسكت عن جرائم ترتكب في حق تونس، كما سيتولى رئيس الدولة السلطة التنفيذية بمساعدة حكومة يرأسها رئيس حكومة يعينه رئيس الجمهورية”.
وقال سعيد إنه اتخذ هذه القرارات بعد التشاور مع رئيسي الحكومة والبرلمان، وعملا بأحكام الفصل 80 من الدستور، مشيرا إلى أنه اتخذ قرارات أخرى ستصدر تباعا ضمن مراسيم خاصة.
وينص الفصل 80 من الدستور على أن “لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن وأمن البلاد واستقلالها، يتعذر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية”.
كما برر سعيّد اتخاذ هذه القرارات بأن “عديد المرافق العمومية تتهاوى وهناك عمليات حرق ونهب، وهناك من يستعد لدفع الأموال في بعض الأحياء للاقتتال الداخلي”.
ورد على ذلك اتهم رئيس البرلمان راشد الغنوشي، قيس سعيد “بالانقلاب على الثورة والدستور”. وقال الغنوشي زعيم حزب النهضة الإسلامي في اتصال هاتفي مع رويترز “نحن نعتبر المؤسسات ما زالت قائمة وأنصار النهضة والشعب التونسي سيدافعون عن الثورة”.
ونظام الحكم في تونس برلماني معدل منذ صدور دستور عام 2014 وكثيرا ما لمح الرئيس وهو أستاذ القانون الدستوري متقاعد، برغبته في الانتقال إلى نظام رئاسي، وهو ما ترفضه حركة النهضة الإسلامية الحزب الأكبر في البلاد.
وتأتي هذه الخطوة عقب نزاع دستوري حول الصلاحيات امتد لأشهر بين الرئيس من جهة ورئيس الحكومة والبرلمان من جهة ثانية. ورفض سعيد تعديلا وزاريا شاملا لرئيس الحكومة في يناير/كانون الثاني الماضي كما لم يوقع على قانون يرتبط بالمحكمة الدستورية التي تأخر وضعها منذ خمس سنوات.
وأعلن سعيد في وقت سابق نفسه القائد الأعلى لقوات الجيش والأمن معا اعتمادا على تأويله للدستور. وقال الرئيس في كلمته: “نحن نمر بأدق اللحظات في تاريخ تونس بل بأخطر اللحظات لا مجال لأن نترك لأحد أن يعبث بالدولة ومقدراتها ويعبث بالأرواح والأموال”. وسيتولى الرئيس سعيد رئاسة النيابة العمومية لتحريك قضايا ضد نواب مطلوبين للعدالة وقال إن خطوته “ليست تعليقا للدستور أو خروجا عن الشرعية”.
وفي العاصمة تونس وقرب مقر البرلمان بباردو، استخدمت الشرطة رذاذ الفلفل لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة ورددوا هتافات تطالب باستقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي وحل البرلمان.
تسلسل زمني-تجميد عمل البرلمان التونسي أحدث خطوة في طريق الديمقراطية الوعر منذ الثورة
وفيما يلي جدول زمني يوضح طريق الديمقراطية الوعر على مدى عشر سنوات في تونس وما أدى إلى القرار الذي اتخذه سعيد.
* ديسمبر كانون الأول 2010 – بائع الخضر محمد بوعزيزي يشعل النار في نفسه بعد أن صادرت الشرطة عربته. وفجرت وفاته وجنازته احتجاجات على البطالة والفساد والقمع.
* يناير كانون الثاني 2011 – هروب الرئيس زين العابدين بن علي إلى السعودية مع إشعال الثورة التونسية انتفاضات في جميع أنحاء العالم العربي.
* أكتوبر تشرين الأول 2011 – حزب النهضة الإسلامي المعتدل المحظور في عهد بن علي يفوز بمعظم المقاعد ويشكل ائتلافا مع الأحزاب العلمانية لوضع دستور جديد.
* مارس آذار 2012 – تزايد الاستقطاب بين الإسلاميين والعلمانيين، لا سيما فيما يتعلق بحقوق المرأة مع تعهد حزب النهضة بإبقاء الشريعة الإسلامية خارج الدستور الجديد.
* فبراير شباط 2013 – اغتيال زعيم المعارضة العلمانية شكري بلعيد مما أثار احتجاجات في الشوارع واستقالة رئيس الوزراء والمتشددون يشنون هجمات على الشرطة.
* ديسمبر كانون الأول 2013 – النهضة يتخلى عن السلطة بعد احتجاجات حاشدة وإجراء حوار وطني كي تحل محلها حكومة من التكنوقراط.
* يناير كانون الثاني 2014 – البرلمان يوافق على دستور جديد يكفل الحريات والحقوق الشخصية للأقليات ويقسم السلطة بين الرئيس ورئيس الوزراء.
* ديسمبر كانون الأول 2014 – الباجي قائد السبسي يفوز بأول انتخابات رئاسية حرة في تونس. وحزب النهضة ينضم إلى الائتلاف الحاكم.
* مارس آذار 2015 – هجمات لتنظيم الدولة الإسلامية على متحف باردو في تونس تسفر عن سقوط 22 قتيلا. ومسلح يقتل 38 شخصا في منتجع ساحلي في سوسة في يونيو حزيران.
ودمرت الهجمات قطاع السياحة الحيوي وأعقبها تفجير انتحاري في نوفمبر أسفر عن مقتل 12 جنديا.
* مارس آذار 2016 – الجيش يحول الموقف لصالحه في المواجهة مع تهديد المتشددين بهزيمة العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين اقتحموا بلدة جنوبية عبر الحدود الليبية.
*ديسمبر كانون الأول 2017 – الاقتصاد يقترب من نقطة الأزمة مع ارتفاع العجز التجاري وهبوط قيمة العملة.
* أكتوبر تشرين الأول 2019 – الناخبون يبدون استياءهم من الأحزاب الكبرى وينتخبون في البداية برلمانا مقسما بقوة ثم ينتخبون بعد ذلك السياسي المستقل قيس سعيد رئيسا للبلاد.
* يناير كانون الثاني 2020 – بعد أشهر من المحاولات الفاشلة لتشكيل الحكومة أصبح إلياس الفخفاخ رئيسا للوزراء لكنه أُجبر على الاستقالة في غضون أشهر بسبب فضيحة فساد.
* أغسطس آب 2020 – سعيد يعين هشام المشيشي رئيسا للوزراء. وسرعان ما يختلف مع الرئيس وتواجه حكومته الهشة أزمة تلو الأخرى مع مواجهتها صعوبة في التصدي لجائحة كورونا والحاجة للقيام بإصلاحات عاجلة.
* يناير كانون الثاني 2021 – بعد عشر سنوات على الثورة، احتجاجات جديدة تجتاح المدن التونسية ردا على اتهامات بعنف الشرطة وبعد أن دمرت الجائحة اقتصادا ضعيفا بالفعل.
* يوليو تموز 2021 – سعيد يقيل الحكومة ويجمد البرلمان ويقول إنه سيحكم إلى جانب رئيس وزراء جديد مشيرا إلى المادة 80 من الدستور وهو ما رفضه حزب النهضة وأحزاب أخرى في البرلمان بوصفه انقلابا.
المصادر: (رويترز، أ ف ب، د ب