بايدن يلتقي الكاظمي في البيت الأبيض
.
لم يكشف الكثير من المعلومات عن مضامين التوافقات السياسية والعسكرية والاقتصادية التي توصل إليها الوفد الحكومي العراقي خلال جولة الحوار الاستراتيجي الأخيرة التي خاضتها مع نظيراتها الأميركية، والتي توجت بالقمة التي جمعت الرئيس الأميركي جو بايدن برئيس الوزراء العراقي مُصطفى الكاظمي.
لكن أبرز ما أعلن عنه بعد القمة هو الإعلان عن إنهاء “المهمة القتالية” للجنود الأميركيين المتمركزين في العراق مع نهاية العام الجاري، واختصار عمل القوات الأميركية في العراق على مهمتي التدريب وتقديم المشورة للجيش العراقي.
غير أن المراقبين يتوقعون موقفاً سياسياً وأمنياً صعباً لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حال عودته إلى بغداد، من قِبل فصائل الحشد الشعبي والقوى السياسية العراقية المُقربة من إيران والداعمة لتلك الفصائل.
ويتوقع المراقبون أن نوعين من اللقاءات ستسبق اتخاذ أي موقف سياسي وعسكري من قِبل هذه الفصائل من الكاظمي.
فالتيارات السياسية العراقية ستحاول أن تفهم من الكاظمي مضامين وتفاصيل الاتفاق غير المُعلن الذي توصل إليه مع الولايات المُتحدة أثناء جولات المفاوضات المؤخرة. بالذات فيا خص معاني وتفسيرات المهمة الجديدة للقوات الأميركية التي تم التوافق بشأنها بينه وبين الطرف الأميركي “مهمة التدريب وتقديم المشورة”، وعما تفرق به عن المهمة الراهنة لهذه القوات الأميركية على الأرض.
الباحث السياسي العراقي مليح الياسري، شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الآلية التي سوف تنشط بها هذه الأحزاب السياسية العراقية، في حال عدم رضاها أو توصلها إلى إجابات كافية من قِبل الكاظمي على تساؤلاتها تلك “لجنة الأمن والدفاع البرلمانية هي الأداة الأقوى لهذه الأحزاب، وهي عموماً تُعتبر اللجنة الأكثر ميلاً وارتباطاً بخيارات الأحزاب السياسية العراقية القريبة من إيران.
فهذه اللجنة ستفعل كل شيء لإجبار الكاظمي للخضوع للمساءلة البرلمانية، أو للاستجواب الذي ستقدمه هذه اللجنة على الأقل. وتالياً ستعقد ما يشبه المحاكمة العلنية له، من خلال إظهاره كرئيس للوزراء لم يلتزم بقرار البرلمان العراقي الذي طالب بإخراج كل القوات الأجنبية من العراق، الذي صدر في أوائل العام 2020. بالإضافة إلى إظهار الاتفاق الجديد على أنه غير مطابق لما قاله الكاظمي نفسه قُبيل زيارته للولايات المُتحدة (العراق ليس بحاجة لأية قوات أميركية)”.
اللقاء الثاني سيكون أثناء الزيارة المُرتقبة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى طهران عقب عودته من واشنطن وتنصيب رئيس إيران الجديد إبراهيم رئيسي. إذ سبق للكاظمي أن أعلن قبل أيام قليلة من زيارته لواشنطن “إننا في حاجة إلى الاستقرار ولهذا سأزور طهران بعد تنصيب رئيسها الجديد، فلدينا ملفات كثيرة عالقة وهناك مواضيع مشتركة تحتاج إلى حوار وحلول”.
مصدر مُقرب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية مساعي لإقناع الفريق الإيراني المكلف بالشأن العراقي بثلاثة قضايا في وقت واحد “أولاً سيطلب الكاظمي من نظرائه الإيرانيين القبول بنصف انسحاب للقوات الأميركية، استطاع تحقيقه من جولة تفاوضه هناك، وهي خطوة تُحسب لصالح طهران.
من طرف آخر، فأن الكاظمي سيسعى مباشرة لإقناع الطرف الإيراني بأن التهدئة داخل العراق أنما تخدم الحوار الإقليمي الذي تخوضه إيران، والذي يُدار ويُنسق عبر العراق، على الأقل أثناء مرحلة المفاوضات بشأن ملف إيران النووي.
أما آخر مساعي الكاظمي ستكون الطلب من الطرف الإيراني الضغط على حلفائه العراقيين للتهدئة إلى حين إجراء الانتخابات البرلمانية القادمة، واستلام حكومة عراقية جديدة لمهامها في البلاد”.
لكن الأحداث الميدانية على الأرض خلال الساعات الماضية، أثبتت صعوبة إمكانية تحقيق الكاظمي لهدوء مديد مع الفصائل المُسلحة بُعيد عودته من واشطن، حيث استند المراقبون على مؤشرين دالين على ذلك.
إذ بالرغم من حرص الكاظمي بالظهور كشخص حازم في تطبيق القانون، من خِلال إلقاء القبض على بعض قتلة الناشطين السياسيين والمدنيين العراقيين، وإن دون إعلان الجهات الراعية والدافعة لهم لتنفيذ أعمالهم، إلا أن عمليات اغتيال الناشطين العراقيين قد تواصلت، حتى اثناء زيارة الكاظمي للولايات المُتحدة، حيث قُتل النجل الثاني للناشطة العراقية الشهيرة فاطمة البهادلي وسط مدينة البصرة.
كذلك تسربت أنباء إعلامية واستخباراتية عن وصول قائد فيلق القدس الإيراني الجنرال إسماعيل قاني إلى العاصمة العراقية بغداد في زيارة “سرية”، سيجتمع خلالها مع كِبار القادة السياسيين وزعماء الفصائل المُسلحة العراقية. حيث أن زيارات قاني، ومن قِبله زيارات القائد الأسبق قاسم سُليماني كانت تستبق حملات تصعيد مكثفة تقودها الفصائل العراقية ضد القوات الأميركية في العراق، وكذلك ضد القوى السياسية العراقية المحسوبة والمقربة من الولايات المُتحدة ضمن المشهد العراقي، بالذات رئيس الوزراء وحكومته وكبار قادة الجيش والأجهزة الأمنية في البلاد، إلى جانب النشطاء السياسيين والمدنيين.