منذ أربعة أسابيع وقضية مقتل الصحفي السعودي جمال الخاشقجي في قنصلية بلاده في أسطنبول تشغل العالم بأكمله، بين التنديد وطلب كشف حقيقة مقتله وكيفيتها والأسلوب الذي أستخدم في تصفيته، حيث تعددت الرويات والنظريات في ذلك، وبين التنكر السعودي الرسمي في البداية، حيث قالت بأنه قد خرج من القنصلية ولا تعلم عنه شيئاً، وبعد الضغط الدولي واللحاح السلطات التركية أعترفت السعودية بمقتله عن طريق الخطأ أثناء المشاجرة، وبين المعلومات التي تصدرها تركيا بين حيناً وآخر، فهي تسرب المعلومات بالتقطير ولاتنشرها بشكل كامل لغاية في نفس يعقوب.
الكل بدأ يستغل مقتل الخاشقجي من أجل تحقيق مآرب ومصالح مادية، فالدولة التركية تود أن تحقق بعض مكاسب سياسية و تبين للعالم والرأي العالمي بأنها حريصة على الإنسان وتحافظ على كرامته وتصون حقوقه في الحين هي تزج بالسجون أصحاب الرأي والمعارضين، فكم صحفي معتقل ومختفي لديها، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية وسيدها ترامب والذي وصف السعودية منذ اليوم الأول لأستلامه سدة الحكم في البيت الأبيض بأنها البقرة الحلوب وسوف يقوم بحلبها حتى يجف ذلك الحليب وإذا جف الحليب فسوف تقوم برميها، وعليه فقد كانت الزيارة الأولى لسيد البيت الأبيض هي للسعودية، حيث أفرغ خزانتها بالشكل الكامل وأخذ معه قرابة 480 مليار دلار، نعم ترامب سوف يستغل هذه الحادثة ليحلب البقرة حتى النهاية، وبرأي الكثير من المحللين السياسين بأن حكام السعودية سوف يدفعون كل مايطلبه ترامب منهم حتى يحافظوا على كرسي الحكم وهم الآن في صدد البحث عن كبش الفدا.
والدول الأوربية هي تابعة للسياسة الأمريكية فهي تنتظر الموقف الرسمي للولايات المتحدة الأمريكية وعلى أساسه سوف يبنون مواقفهم من حيث بيع الأسلحة وتخفيف المستوى الدبلوسي بينها وأن صرحت بعضها كألمانيا وبريطانيا وفرنسا بأنها سوف تدرس تلك الأحتمالات.
نعم قضية الخاشقجي أخذت حيزاً كبيراً في كافة وسائل الإعلام الأقليمية والدولية أكثر مما تعرض له الإيزيديين في العراق عندما هاجمهم داعش، حيث القتل والنحر والتهجير والنهب والسرقة والسلب وسبي النساء الإيزيديات وبيعهن في الأسواق وكأننا في العصر الجاهلي والضمير العالمي لايحرك ساكناً، وليس هذا فقط فهناك الكثير من الدول تدعم هذا التنظيم الإرهابي وتمده بالسلاح والعتاد والدولة التركية على رأسها ومازالت بعض الدول الأوربية تقوم بنفس الشي، كما أن الكثير من الدواعش الذين أرتكبوا المجازر بحق الشعوب في كل من سوريا والعراق حطوا الرحال في الدول الأوربية ويعيشون فيها الآن بكل بكل أمن وطمأنينة وكأنهم لم يرتكبوا شيئاَ.
قضية الخاشقجي أصبحت الشغل الشاغل لبعض القنوات العربية وعلى رأسها قناة الجزيرة والتي مازالت تصف الجماعات الإرهابية في سوريا بالثوار، والكل يعلم بأن قضايا حقوق الإنسان وكرامته لاتحتل المراتب الأولى في قطر بل هناك الكثير من الدول تتهمها بدعم الإرهاب وهذا هو السبب الرئيسي من وراء خلافها مع السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهنا أقول لست مع قتل أية نفس بشرية بغض النظر عن الدين أو القومة أو المذهب، فالله عز وجل خلق الإنسان في أحسن قوام وليقوم بدوره في الحياة، وعليه على كل إنسان أن يعمل على تطور وتقدم مجتمعه ويساهم في نشر الأمن والسلام.
ولكن مايحز في النفس هوعدم تحرك المجتمع الدولي من أجل القضية الإيزيدية والتي تشكل جزء من القضية الكردية، فهاهي الدولة التركية تقوم بزج الكرد في السجون والمعتقلات وتحتل أرضهم وتساعد المنظمات الإرهابية في الهجوم على الكرد، هذه المنظمات التي تقوم بعمليات النهب والسرقة وتدمر البنية التحتية للمجتمعات وليس هذا فقط فهي تقوم بقلع الأشجار وتحرق البساتين وحتى الدواجن لم تسلم منهم، نعم لقد أصبح ثوار اليوم ثوار سرقة الدواجن وثوار قطع الأشجار وثوار الأغتصاب وثوار السبي وثوار النحر والقتل وثوار النكاح، فتباً لكل ثورة يكون قوامها السرقة والنهب والأغتصاب وتباً لكل ثورة يكون مفكريها لصوص وقطاع الطرق وتباً لكل ثورة تكون إيديولوجيتها تدمير مؤسسات وأجهزة دولتها، وتباً لكل ثورة تكون مرتبطة بالخارج وتنفذ أجندتها