.
ألقت حوادث الاغتيال التي طالت ناشطات وعائلاتهن، بظلالها على الوضع العام في البلاد، حيث عبرت ناشطات التقتهن (باسنيوز)، عن مخاوفهن من أن يتعرضن لنفس المصير نتيجة انتشار السلاح المنفلت وضعف الإجراءات القانونية والتمسك بالعادات والتقاليد العشائرية وغيرها من الأسباب التي تقيد المرأة العراقية وتمنعها من أخذ دورها في المجتمع، وفق تعبيرهن.
جميع الناشطات مستهدفات
وتقول رئيسة فريق تقييم الذات للثقافة والتنمية في البصرة، الدكتورة حوراء الموسوي، في حديث لـ (باسنيوز) حول عمليات اغتيال الناشطات المدنيات، إن «عمليات تصفية الناشطين بشكل عام يستهدف الجنسين»، مستدركة «إلا أننا لو تحدثنا عن النساء الناشطات بالعراق بشكل خاص فإن الاغتيالات تستهدف النساء البارزات بالمجتمع واللاتي لدى غالبيتهن دور قيادي وفعال بتحريك الشارع والتغيير من أفكاره ودعم وتشجيع من تعاني من التردد».
وأضافت الموسوي، أن «هكذا نوعية من النساء يسلطن الضوء على مناطق النقص والفساد والحرمان الذي عانى منه الشعب العراقي طوال الفترة السابقة والحالية»، مشيرة إلى أن «عمليات الاغتيال لا تستهدف الناشطات بما يخص المجال السياسي فقط، وإنما مختلف المجالات، ومن جانب آخر بعض النساء الناشطات يتم استهدافهن بسبب العداوات والضغائن».
وترى الموسوي، أن «أغلب النساء الآن أصبحن يعزفن عن الخروج والتحدث بشكل عام خوفاً على أنفسهن وعوائلهن من الموت».
وأشارت الموسوي إلى أن «عدد الناشطات المقتولات والمختطفات غير معلوم لأن البعض منهن تحدث عنهن الإعلام، والأخريات لم يذكرن ولم يتم تسليط الضوء عليهن».
وتقول الدكتورة حوراء الموسوي، أنها لم تتعرض لحد الآن لأي نوع من أنواع التهديد، مبينة أن مجال عملها بعيد عن مجال عمل المستهدفات، واستدركت بالقول: «إلا أن عدد من زميلاتي تعرضن للتهديد بطرق غير مباشرة، وإحدى زميلاتي تم اغتيالها .. د. رهام رحمة الله عليها».
وفيما يخص إيصال أصوات الناشطات إلى المنظمات المحلية والدولية، تقول الموسوي: «قمنا بإيصال أصواتنا للمنظمات المحلية المتخصصة في مجال الدفاع عن حقوق المراءة وحمايتهن، ولكن كيف نستطيع ايصال أصواتنا لدول الخارج؟»، مشيرة أنها وزميلاتها فقدن الثقة بالدولة والحكومة لحمايتهن، حيث ترى الموسوي أن النساء الناشطات بين ناسهن وأهلهن، وهم غير قادرين على ضمانة سلامتهن وسلامة عوائلهن.
اغتيال الناشطات مستمر
ويشهد العراق عمليات قتل وتصفية لناشطين سياسين ومدنيين من قبل مسلحين وخصوصا من النساء الناشطات المدنيات، حيث كانت آخر الاغتيالات مقتل علي كريم ابن الناشطة في مجال حقوق الإنسان فاطمة البهادلي، وقبلها كانت هناك نساء تميزن في مشاركتهن في التظاهرات كالناشطة الطبيبة ريهام يوسف التي ورد اسمها في إحدى وكالات الأخبار الإيرانية على أنها عميلة للولايات المتحدة الأمريكية، وبعد فترة اغتيلت على أيدي مسلحين، ما دفع رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى إقالة مدير شرطة البصرة آنذاك، وغيرهن من الناشطات المدنيات أمثال المدافعة عن حقوق الإنسان والمسعفة المتطوعة، جنان ماذي الشحماني.
وتقول الناشطة المدنية المتخصصة في مجال حقوق المرأة، هيمان رمزي، في حديث لـ (باسنيوز)، إن «اغتيال النساء الناشطات في العراق له عدة أسباب وهذه العمليات مستمرة حتى قبل ثورة تشرين عام 2019، والأسباب تترواح بين الفصائل التي تستهدف النساء لتكميم الأفواه وبث الرعب في قلوب باقي الناشطات المدنيات، وبين المشاكل العشائرية والأسرية»، موضحة أن «بعض العشائر ترفض انخراط بناتها في هذا الطريق لأسباب مرتبطة بالتقاليد والأعراف، والسبب الآخر هو أن هناك بعض التيارات المتشددة دينياً سواء من السنة أو من الشيعة ترفض أيضا عمل النساء كناشطات مدنيات وإبراز دورهن في المجتمع بحجة أن المرأة عورة، وأن الشرع والدين يرفض أو يمنع عملهم خارج المنزل، وهؤلاء أيضا يعطون الفرصة للجماعات المسلحة لاستهداف النساء وقتلهن».
نخاف الخروج من منازلنا
ويرى مراقبون، أن جهات محافظة توفر بيئة تشجع على هذا النوع من الممارسات التي يقوم بها متطرفون، ينتمون إلى جماعات مسلحة أو يعملون بشكل منفرد.
وتقول إحدى الناشطات في مجال حقوق الإنسان لـ (باسنيوز)، والتي رفضت الكشف عن اسمها خوفاً على حياتها، إن «المرأة العراقية الناشطة تتعرض إلى تهديدات وتصفيات»، ولفتت إلى أن «عمل المرأة الناشطة هو عمل إنساني، فيما يصفها البعض بالعميلات، وإن دور الناشطة هو تسليط الضوء على حقوق المرأة المسلوبة والدفاع عن حقوق المرأة حتى في دوائر الدولة»، مبينة أن «كثيراً من النساء الناشطات يتعرضن إلى تهديدات والقتل ظلما».
وأضافت أن «المخاوف بدأت ترافق كل ناشطة، وأتوقع أنه في أي لحظة من الممكن أن تنتهي حياتي في ظل الفوضى الأمنية».
ويشير مراقبون إلى ان 85 بالمائة من الناشطين تعرضن إلى تهديد مباشر وغير مباشر وخاصة عن طريق التواصل الاجتماعي.
من جانبها طالبت النائبة، زهرة البچاري بتوفير حماية أمنية للناشطات المدنيات خضوضا في البصرة.
وقالت البجاري في حديث صحفي، إن المجتمع العراقي وخاصة في محافظات الوسط والجنوب مجتمع عشائري لا يتقبل أن تكون النساء قياديات.
وأضافت أن هناك معاناة في الناحية الأمنية للنساء القياديات والناشطات في محافظات الوسط والجنوب وقد تطولهن يد الغدر.
كما طالبت لجنة حقوق الإنسان في محافظة البصرة خاصة الأحداث الأخيرة التي شهدتها المحافظة.
وقال مدير مفوضية حقوق الإنسان في المحافظة مهدي التميمي: «إننا وجهنا رسالة وطلبا لرئيس اللجنة الأمنية العليا محافظ البصرة لإجراء التحقيق وإنصاف الضحايا وإعطاء كل ذي حق حقه».