المعنيون بالأمر:
حكومة الإقليم الفيدرالي، والإدارة الذاتية، والمجلس الوطني الكوردي، وقيادة قنديل، قوى وحركات كوردية دون مستوى القضية، يقزمونها وهم حملتها. ينشرون من الثقافات ما لا يحمد عقباه. يدعون السياسة الوطنية وهم عن ضحالتها خطوة. يرسخون منطق التبعية، ويدعون السيادة. يوسعون شرخ الخلافات بين الأمة، ويفتتون المجتمع الكوردستاني وجغرافيتهم. يملكون الثروات الهائلة وينهشون من لحم الشعب. عرابو الأحزاب الأميبية، وينحبون على الكل الكوردستاني. يطالبون بالاجتماعات والحوارات، ويعدمون التفاهم لحل الخلافات. يجترون من الماضي مساوئه، ويتفقون على عدم التوافق في مواجهة القوى المتربصة بكوردستان.
لا ننكر أن نوع من العدالة والإنصاف في اتخاذ القرارات تظهر بين فينة وأخرى، رغم أن خبرتهم في الإدارة وقيادة المجتمع دون المستوى المطلوب، والأخطاء تتوالى، لكن كثيرا ما تتبعها إصدارات مثيرة وكارثية، بعضها تظهر وكأن الغاية منها توسيع الثروات من آلام المعانون وويلات الهجرة والاغتراب، وأخرى كالجريمة، نابعة من جهالة في الإدارة؛ وضحالة الإحساس بالوطنية الكوردستانية.
تعذيب بلا رتوش:
مواجهة النقاد لتقديم الأفضل سذاجة، والتي على عتباتها يتناسون جدلية ساحات الضياع، ومنها: الاعتقالات العشوائية، والسجون السياسية لأبناء الأمة ذاتها، والقرارات والمراسيم الجائرة بحق الشعب، الضرائب والرسوم الجمركية للشرائح المعانية من الفاقة والغلاء الفاحش، وحيث غياب أبسط متطلبات الحياة؛ الكهرباء والماء، ورغيف الخبز، والإتاوات؛ رغم الثروات التي بإمكانها أن تعيش أضعاف شعب المنطقتين، وابشعها ما تحصد على طرفي ممر سيمالكا، ومن الإقامات، وعن الفيزا، وخاصة تلك التي تفرض على أبناء المخيمات المعانون من الأمرين، وأخرها قرار رسوم الإقامة المنشور قبل أيام من حكومة الإقليم، وتم التراجع عن جزئية منه، وقبلها قرار الاستيلاء على أملاك المهاجرين من قبل الإدارة الذاتية.
يحلم الشعب المشتت بين طرفي كوردستان، أن تبنى بجانب جسر سيمالكا، عدة جسور دائمة، توصل الطرق السريعة بين الجزأين، وبدون المواقع الجمركية الموجودة على الطرفين، لتخفف من آلام الهجرة والتهجير، بل بالعكس أصبحت (سيمالكا) ترى لكل من زار المكان، كمعسكر للاعتقال، مهمة مسؤوليها ليست حماية المواطن، بل نهبه، وتعذيبه بعدة أساليب، من الانتظار إلى التكاليف، إلى الخوف من إعادتهم لسبب ساذج، وغيرها من المآسي التي يلاقيها المواطن العادي على الجهتين، ويتفاقم الواقع المزري عندما ترتفع وتيرة الخلافات بينهما، يدفع ثمنها العائلات البائسة، والمستثنى هنا أصحاب الجاه وتابعيهم.
أمتنا أمام شبه فساد موروث من الأنظمة الشمولية، أضافت إليها إداراتنا سمات غريبة، تتجلى مع سكنة المخيمات التائهون بين تزمر حكومة الإقليم ومواطنيها، وقساوة تعامل الإدارة الذاتية، هناك الأمان المطعون فيه، وهنا الرعب المخفي وراء الشعارات. فما أصعب مسيرة الحياة عندما تكون ضائعة بين رغبة البقاء مرغما، ورهبة تنبثق مع حلم العودة إلى الماضي الجميل.
الإشكاليات التي يواجهها أبناء المخيمات، ليست في إصدار القرارات أو التراجع عنهم، أو تعديلهم، بل في ذهنية المسؤولين، الذين تتفتق أدمغتهم عن مثل هذه المراسيم المدمرة، ومعاملتهم للمهاجرين من روج أفا، أو الهاربين من ظلم الإدارة الذاتية، والتي كان من المفروض أن يراعوهم ويعاملوهم على أنهم أبناء الأمة الكوردستانية، يقيمون على أرض كوردستان؛ بدون تمييز، ورسوم الإقامة لن تزيد أو تنقص من ثروات كوردستان لكنها تخلق المآسي. من المؤسف (عتب وليست منية) أن مسؤولي القرار الأخير يتناسون ما قدمه هؤلاء المهاجرون لهم قبل عقود من الزمن.
دهاة الأوامر:
من النادر ما يأخذون بالنصاح والانتقادات التي تنهار عليهم ليلاً نهارا، الانتهازيون يتبوؤون المناصب، بينهم دهاة احتكار القرارات والخدع الحزبية، جلها تصب في خدمة الذات والحزب، ومن النادر ما يتذكرون الشعب ومستقبل الأمة، والبعض الذين يعملون على المستويات الوطنية؛ يعزلون أو يهمشون، إلى درجة أصبح النداء الوطني انحياز وتخاذل وسذاجة.
الأمثلة التي تعكس المآسي لا حصر لها، جلها تدرج في خانة الأخطاء المصيرية، وليس التخطيط، بحث في معظمهم الحراك الثقافي للعلاج، ووقف الشارع الكوردي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي على جلهم، باستثناء ما تم السكوت عليه لئلا تتفاقم الخلافات، ومن النادر ما كانت لنداءاتهم وانتقاداتهم من تأثير.
الشعب في منهجيتهم رعية عمياء، يجب أن يسمع وينفذ، والمعترض على عمل، أو قرار، أو بيان جائر، أو مواقف خاطئة، يدرجونه في خانات الجهالة، أو الخيانة. وانتقاد مواقف أية جهة، ترد بتجنيد شرائح للرد، وليس للعمل على دراستها وتعديل الخطأ، يتعاملون مع أصحاب الانتقادات بتهم لا يحمد عقباه، وهي إشكالية تناوبية بين القوى المذكورة، النقد يخلق لديهم العداوة وليس التنوير، وغالبا ما يكون الرد عنيفا، وفي الحالتين على كل الأطراف أن تدرك، أنه هناك من يرى الحقيقة، ويتحدث عن ألم، أو عن الإحساس بألم الأهل، وآخرون يعكسون ما تؤول إليه مصير الأمة والوطن.
سياسة الضياع:
الواقع المعاش، وما يقبع فيه أمتنا، في ظل الإدارة الذاتية، ومنهجيتها القومية والوطنية، وتعامل الإقليم الفيدرالي مع المهجرين والمهاجرين من روج أفا، وواقع العامة من الشعب والثقافة التي تنتشر، ومؤامرات قنديل ومنطقهم الفكري وعبثيتهم بأجزاء كوردستان، ومواقف المجلس الوطني الكوردي الداخلية والخارجية، وحيث يتكالب الانتهازيون على قيادة الحراك الحزبي، وغيرها من المصائب، تسهل وتفاقم من ويلات الأنظمة الشمولية المحتلة لكوردستان على أمتنا.
حبذا لو يدركون، أن خدمة الشعب سمة من السمات الحضارية للحركات الوطنية، تشذ عنها أحزاب جغرافيات الأنظمة الدكتاتورية، مع ذلك يصنفون أحزابهم كقوى ديمقراطية، تحت غطاء أسمائها والتي تكاد لا تخلو معظم أحزابنا الكوردية من الكلمة، وهي تغطية على الوباء الفكري المستقاة من الأنظمة المحتلة لكوردستان، وبعض الأحزاب أو أطراف من الحراك الكوردستاني التي شاذت عن القاعدة هذه؛ أصبحت منبوذة، وحوربت من قبلهم بقدر ما حوربت من الأعداء.
رغم أنهم يعرضون ذاتهم كحركات تحررية، لكنهم يصرفون معظم طاقاتهم ليس في مجالات خدمة الشعب وتحريره، بل في الخلافات الداخلية، إلى درجة يقيمون نجاحهم في شرخ المجتمع وجذبه إلى معاركهم، وتقييمهم للذات يبنونها على مدى مساندة شرائح الشعب لهم وخدمتهم في حلبات الصراع الداخلي.
يعيشون التناقضات الداخلية، ما بين النظرية والعمل، علما أن معظم القيادات تدرك أن نجاح القوى الكوردية والكوردستانية مرهونة بمدى مصداقيتهم مع المجتمع، المنطق، الذي لا يزال غائبا عن الساحات الحزبية، وهي من الأسباب المؤدية إلى عدم القدرة على تولي زمام أمور المناطق الكوردستانية دون وصاية خارجية، والمتداول هي جملة من التناقضات، تتراكم على خلفيتها أشر السلبيات.
اعزائي:
قادة الإقليم الفيدرالي، والإدارة الذاتية، وقيادة قنديل:
ما دام ساكني المخيمات يعاملون كمهاجرون غرباء، وتفرض عليهم الضرائب، والإتاوات، ورسوم الإقامة، والفيزا، والمرور من خلال سيمالكا، وما دامت رواتبهم أدنى من رواتب مواطني الإقليم الفيدرالي.
ما دام المواطنون في الإقليم يعانون من انقطاع الكهرباء والماء، وغيرها من الخدمات، رغم الثروات الكافية، والتي لا تنيب عنه العقدين من الإعمار الذي يفتخر به.
ما دام قادة قنديل، يجدون في التخاصم الكوردي- الكوردي نجاحا، ويعدمون بيئة التفاهم والحوارات، ويرسخون المنهجية الخاطئة؛ أما معي أو ضدي، ويحاولون فرضها على الأمة الكوردستانية بدون نقاش.
ما دام جسر سيمالكا يعتبر المركز الحدودي المرعب بين الجانبين الكردستانيين.
ما دام أبناء المنطقة في غرب كوردستان؛ يعانون من أزمة وغلاء الخبز وانعدام الكهرباء والماء
وما دام هناك المئات من العائلات تحلم بسد رمق أطفالها.
والتعليم يعاني من الأخطاء، رغم جوهرية التعليم بلغة الأم، اللغة الكوردية.
وما دام تعمير البنية التحتية في تراجع، والشوارع والطرقات كارثية.
وما دام الفساد يتفاقم يوم بعد آخر، في الإقليمين، وغيابها سابقا كانت من أحد الخواص المثالية للإدارة الذاتية، واليوم لم يعد يضرب بها المثل.
وما دامت الأموال تهدر في أنفاق تفتقت بها ذهنيات صدئة.
وما دام للمربع الأمني وأدواته حضور في المنطقة.
وما دامت أراضي الكورد المغتصبة مملوكة من قبل مستعمرات الغمريين.
وغيرها.
فلا خير يرجى من قادمنا ولا من الأحلام التي تبنى عليها مستقبل كوردستان.
لن تكونوا للشعب الكوردستاني بأفضل من معاملة الأنظمة الشمولية والمعارضة الفاسدة لشعوبها.
أعلموا أنكم؛ بهذه المعاملة مع المواطنين، والذهنية العدائية للبعض، تتحولون إلى سلطات آنية، ويخسر الشعب الكوردستاني، المكتسبات التي حصل عليها بتضحياته.
أصحوا اعزائي، لنتقبل البعض على أبسط نقاط التقاطع، ونتحرر من ثقافة الأنظمة المحتلة لكوردستان، ونستسقي من الأنظمة الحضارية جميلهم لإنقاذ الشعب، قبل ان ننتهي معا وتطفأ شعلة القضية المنارة حاليا بأبهى مظاهرها، ونخسر كل ما بقي لنا.
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
29/7/2021م