يبدو نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية کسفينة مليئة بالثقوب ويعمل سفانتها ليل نهار من أجل معالجة تلك الثقوب والحيلولة دون غرق السفينة، وحتى إن التغييرات التي قام بها المرشد الاعلى للنظام بتنصيب ثلاثة من أتباعه المخلصين له على رأس السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، لکن الذي يثير السخرية هو إن سفانة النظام وکلما يسدون ثقبا تظهر عشرات الثقوب الاخرى بما يٶکد إن المساعي والمحاولات بهذا الصدد ليست سوى عبث لاطائل من ورائه وإن السفينة تتجه لغرق لامحال منه.
النظام الايراني وهو يحاول جاهدا أن يخرج من عزلته الدولية أو يحد منها على الاقل، لکن التطور غير العادي الذي جرى عقب إعلان السلطات القضائية السويدية أنها ستحاكم في يوم 10 أغسطس القادم، مسؤولا إيرانيا سابقا بتهمة التورط في عمليات إعدام جماعية طالت معارضين، أمر بها في صيف العام 1988، المرشد الاعلى السابق للنظام، هذه التطور أشبه مايکون بفتح ثغرة کبيرة في سفينة النظام بحيث من الصعب جدا سدها أو معالجتها، خصوصا وإنها تمس بآثارها وتداعياتها المستقبلية قادة النظام نفسهم.
بحسب القرار الاتهامي السويدي، يلاحق حميد نوري البالغ 60 عاما، الذي كان يشغل آنذاك منصب نائب المدعي العام في سجن كوهردشت في مدينة كرج الإيرانية، لارتكابه جرائم حرب وقتل، بموجب الاختصاص العالمي للقضاء السويدي في هذه القضايا. حيث تم رفع عشرات الشكاوى القضائية من قبل مواطنين إيرانيين، كانوا من ضحاياه أو من ذوي الضحايا والشهود ضده، وكان قد تم توقيفه في شهر نوفمبر من العام 2019، في مطار ستوكهولم أرلاندا الدولي، خلال زيارة له للسويد، حيث يخضع من وقتها للحبس المؤقت.
أکثر شئ يلفت النظر، إن الامينة العامة لمنظمة العفو الدولية کانت قد طالبت في خضم إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية واالتي تم هندستها ليفوز بها ابراهيم رئيسي، بأن يتم محاسبة رئيسي ومحاکمته لکونه أحد أعضاء لجنة الموت التي قامت بتنفيذ أحکام الاعدام بحق أکثر من 30 ألف سجين سياسي من أعضاء وأنصار مجاهدي خلق، وإن محاکمة حميد نوري هذا يمکن إعتباره خطوة أولية بالغة الاهمية في فتح ملف هذه المجزرة وجرجرة بقية الضالعين فيها ورئيسي في مقدمتهم من أجل محاکمتهم وجعلهم ينالون جزائهم العادل.
هذه المحاکمة التي يمکن إعتبارها بمثابة الورطة القاتلة للنظام الايراني، ستکون آثارها عليه أقوى وأکثر تأثيرا من المحاکمة التي جرت للارهابي الدبلوماسي أسدالله أسدي لأنها وفي النتيجة ستثبت للعالم کله بأن من يحکم النظام الايراني ليسوا إلا ثلة من الارهابيين والقتلة!