.
ظهيرة يوم من أيام يوليو 2014، كان حيدر، وهو أيزيدي من العراق، يسرع بسيارته هربا من سيارات تحمل مسلحي تنظيم داعش دخلت إلى قريته في سنجار (شنكال)، بعدما تمكن من حمل أطفاله وعائلته في مركبة يمتلكها للهروب بهم.
أطفال حيدر، ومن بينهم ابنته يوفا كانوا في حوض السيارة، بينما كان حيدر يسرع على الطريق غير المعبد، ويتطلع في مرآته الخلفية وهو يهرب من السيارات التابعة للتنظيم، التي كانت تلاحقه.
“المسافة بين حيدر ومطارديه كانت قريبة”، ينقل أحد أقارب حيدر عنه، “سقطت يوفا من السيارة أمام أعين والدها، لكنه لم يستطع أن يتوقف لالتقاطها، لأن هذا كان يعني وقوع كل عائلته بيد التنظيم.
بعد سبع سنوات من هذا الحادث، يقول سلوم مشكور، قريب حيدر لموقع “الحرة”، إن “الوالد لم يعد مثل ما كان أبدا، حتى مع أن أحدا لم يلمه، لأنه أنقذ بقية عائلته، لكن مشهد ابنته لا يفارقه، حتى أنه قال قبل سنوات، في لقاء صحفي، إنه “يشعر بالخجل”.
يوفا الطفلة الايزيدية التي سقطت من عجلة والدها أثناء مطاردته من قِبل عناصر داعش ولم يستطيع والدها التوقف لإنقاذها،، كانَ بين خيارين إما ترك يوفا أو التضحية بجميع أفراد العائلة ووقوعهم بأيادي داعش
يوفا كيف واجهتِ داعش كيف واجهتِ كل هذهِ الوحشيّة لوحدكِ؟ 💔
3.8.2014💔
#الإبادة_الايزيدية
.
لا يعرف حيدر مصير ابنته يوفا، أو إذا كانت نجت من سقطتها والتقطها مسلحو التنظيم، لكن عائلتين أيزيديتين تمكنتا بعد سبع سنوات من مفارقة ابنتيهما، أن يجتمعا معهما أخيرا، بحسب صحيفة “غارديان” البريطانية.
وقالت الصحيفة إن “سلمى” و”دارين” عادتا أخيرا إلى عائلتيهما بعد سبع سنوات من اختطاف التنظيم لهما.
ونقلت “غارديان” عن ناشطين أيزيديين قولهم إن “هناك أعدادا من الفتيات مبعثرات بين مناطق سورية مثل أدلب وغيرها”، بعد أن نقلهن التنظيم معه.
وتقول المنظمات الأيزيدية أن عدد الفتيات والأطفال مجهولي المصير يتجاوز 2700.
وبحسب الناشط الأيزيدي المهتم بالبحث عن ناجين من أبناء الطائفة، شكر دحمو، فإن الكثير من هؤلاء يخفن العودة إلى عائلاتهن بسبب الإشاعات التي يبثها المتعاطفون مع التنظيم.
ويقول دحمو لموقع “الحرة” إن “الفتيات المحتجزات اختطفن في الغالب بأعمار صغيرة، وأصبح لهن أطفال، مما يسهل على أفراد التنظيم إقناعهن بالبقاء، وتخويفهن من القتل في حال عدن لعائلاتهن”.
وقال بيان لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الثلاثاء، بمناسبة الذكرى السابعة لاجتياح تنظيم داعش لمناطق الأيزيديين، وقتل واختطاف الآلاف منهم، إن “ملف الأيزيديين يعدّ من أولويات اهتمامات الحكومة، التي لم ولن تدخر جهداً في دعم الناجيات الأيزيديات وإنصافهن وإعداد برنامج حكومي لتأهيلهن، فضلاً عن الجهد الحكومي في إعادة النازحين إلى مناطقهم”.
وتعهد الكاظمي، بحسب البيان، بـ”تقديم كلّ أشكال المساعدة من أجل استقرار وإعمار مناطقهم وفي مقدمتها سنجار”، مضيفا أن “ملف المختطفين الأيزيديين يحظى باهتمام بالغ من قبلنا، وهناك عمل كبير ومستمر من أجل تحريرهم من عصابات داعش الإرهابية”.
ومع أن اعتراف الحكومة العراقية بوجود مختطفين أيزيديين مهم لتوجيه الاهتمام إلى هذا الملف، لكن الناشطين الأيزيديين يشعرون بخيبة أمل بسبب “تناسي” الدولة العراقية لمأساة بناتهم وأطفالهم، كما يقول الناشط والصحفي، سامان داود.
ويضيف داود لموقع “الحرة” أنه “من المؤسف عدم وجود جهد حكومي عراقي بهذا الخصوص، من قبل كل الحكومات التي تعاقبت منذ عام 2014 وحتى الآن”.
ويؤكد الناشط عدم تعرض أي فتاة عادت إلى عائلتها إلى أي نوع من الإساءة، مضيفا “مئات الفتيات والأطفال عدن، والأهالي يحتضنونهن بحب، الناس تفهم أنهن ضحايا وأن ما حدث كان خارج إرادتهن، وهم يحاولون التخفيف عنهن لتجاوز المآسي التي شهدنها، لكننا بحاجة إلى جهود حكومية ودولية”.
ولا تمر ذكرى المأساة التي شهدها الأيزيديون العراقيون دون اهتمام عالمي، إذ استذكرت السفارة الأميركية في بغداد مأساة الأيزيديين، وطالبت بتوفير ظروف مناسبة لهم.
وبحسب بيان السفارة، فقد تبرعت الولايات المتحدة بأكثر من 470 مليون دولار لدعم الأيزيديين، كما أكد السفير الأميركي في العراق، ماثيو تولر، التزام بلاده بدعم المجتمع الأيزيدي وأشار إلى اعتراف الكونغرس بكون الجرائم التي تعرضوا لها “جرائم إبادة جماعية”.
ولا يزال أكثر من 120 ألف ممن عادوا إلى ديارهم من الأيزديين يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما يعيش أغلب الأفراد من دون خدمات حيوية منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سبل العيش.
ويقدر السكان المحليون أن هناك ما يصل إلى 80 مقبرة جماعية في منطقة سنجار، حيث جرى العثور على 5 منها فقط في قرية حردان الصغيرة، وضمت حوالي 150 جثة.
ومنذ بدء عمليات استخراج الجثث، تم حتى الآن التعرف على أكثر من 100 جثة ودفنها، في عملية بطيئة سببت مشاعر ألم للكثير من ذوي الضحايا.