مما لا شك فيه قط، أن الاحتلال، الذي هو استيلاء على أوطان الآخرين قهراً، له تأثير سلبي كبير على المنظومة الفكرية لدى المواطن الذي يقع تحت نير ذلك الاحتلال البغيض، لأنه من أولويات المحتل الغاصب، أن يكسر إرادة ذلك المواطن الذي احتل بلاده عنوة، وذلك من خلال فرض لغته وثقافته عليه بكل الوسائل المتاحة لديه، كما في حالة احتلال عموم كوردستان من قبل مربع الشر إيران، عراق، سوريا ،تركيا، حيث فرضوا على الكورد جانب كبير من ثقافتهم و لغاتهم العربية والتركية والفارسية، لكن بما أن الشعب الكوردي شعب عريق وله جذور ضاربة في عمق التاريخ لم يستطيعوا انصهاره في بوتقتهم، لكنهم استطاعوا أن يفرضوا عليه جانباً من ثقافتهم العنيفة وغير الإنسانية، فمن أجل التخلص من هذا الوباء شديد العدوى يتطلب تضافر جهود المخلصين من كافة أبناء الشعب الكوردي لكسر شوكة هذا الاحتلال الكريه واندحاره فكرياً، باستنهاض همم الشعب، وهذه مسئولية وطنية مقدسة نشرها على امتداد الوطن وخارجه يقع على عاتق الإعلام الكوردي المقروء والمسموع والمرئي.
لكن للأسف الشديد، أن الإعلام الكوردي هو الآخر كالأحزاب الكوردية ليس له خطاب قومي كوردي ووطني كوردستاني صريح وواضح المعالم، ليس هذا فقط، بل حتى أنه لا يميز بين المواطن الكوردي والمواطن العربي!!، وهكذا لا يميز بين الوطني والخائن!! كما يقول المثل: يخلط شعبان برمضان. عزيزي المتابع،يفترض على الإعلام، أن يكون مرآة ناصعة تعكس حضارياً هوية الشعب والوطن الذي ينتمي إليه، لا أن يخلط الحابل بالنابل كما هو الإعلام الكوردي المرئي، حيث نشاهد في غالب الأحيان يستضيف شخصاً من الكورد… الذين مكنوناتهم الداخلية عربية محضة؟، إلا أن ألقابهم لا زالت كوردية، كبرزنجي، أو هموندي، أو بابان،أو فيلي، وهناك من الكورد… من لم يتلقب بلقب ما، كذاك الكوردي الذي ترعرع في البصرة؟، الذي تستضيفه بين فينة وأخرى قناة زاجروس، وهناك صنف آخر من الكورد تلقب حتى بلقب عربي، كموسوي، وحمودي، وجيزاني الخ ويتحدث هو وأصحاب الألقاب الكوردية المذكورة أعلاه باسم العراق، أو باسم الحشد الشعبي، أو باسم حزب إسلامي غير كوردي، أو باسم حزب عربي علماني الخ، السؤال هنا، يا ترى كيف يسمح الإعلام الكوردي لنفسه باستضافة هؤلاء كورد الجنسية كمواطنين عرب ومناقشة أموراً جمة معهم عن الشعب الكوردي الجريح ووطنه كوردستان!!!رغم درايتنا، هنا نتساءل بتعجب شديد، كيف بإعلام كوردي يستضيف كوردياً منسلخاً عن أبناء جلدته ويتحاور معه عن الكورد وكوردستان؟؟!!. عزيزي القارئ الكريم، بما أن الإعلام الكوردي لم يقم بدوره القومي والوطني على أكمل وجه، ويفضح ويعري هؤلاء خونة الدار، الذين نشاهدهم على شاشات القنوات الكوردية يستميتون دفاعاً عن الجهات التي تحتل وتعادي الكورد وكوردستان دون أن تعرق جباههم. عزيزي القارئ، مع أن غالبية هؤلاء من الذين هجروا صفوف شعبهم الكوردي أناس إسلاميين، ويعرفون جيداً معاني آي القرآن والأحاديث النبوية التي تقول: ومن أدعى قوماً ليس له فيهم نسب فليتبوأ مقعده من النار. إن مغزى هذا الحديث النبوي، يقول: مثل هؤلاء… تلحقهم لعنة شعبهم في الدنيا ولعنة خالقهم في الآخرة. أي: خزي في الدنيا، وعذاب في الآخرة، وهذا الحديث هم يؤمنون به قبل غيرهم؟.
في نهاية هذه الوريقة نقول: يجب على الإعلام الكوردي بصورة عامة، والإعلام الكوردي الناطق بالعربية بصورة خاصة، أن يراجع نفسه بتمعن واهتمام بالغ، كي يكشف أين يقع مكمن الخطأ القاتل الذي سار عليه لعقود طوال دون أن ينتبه له ويصححه، إلا وهو نبذ وتعرية الخونة، وتعريف الشعب الكوردي ووطنه كوردستان كشعب ووطن قائم بذاتهما، وليسا جزءًا من شعب آخر أو وطن آخر. والسلام على من ناصر ويناصر الكورد وكوردستان.
قال وزير الدعاية النازي جوزيف غوبلز:” أعطيني إعلاماً بلا ضمير أعطيك شعباً بلا وعي”
11 08 2021