هناك ملاحظة مهمة لابد من الانتباه لها بشأن الاسلوب الذي يتبعه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية في التعامل بشأن الملفات والمواضيع الحساسة مع المجتمع الدولي، حيث إن هذا النظام يسعى دائما للإمساك بالعصا من الوسط إذ أنه وکلما يتظاهر بالتشدد بشأن ملف أو موضوع ما وعندما يصل الامر الى حد التقاطع والمواجهة الدولية فإنه سرعان مايغير موقفه بطريقة أو أخرى ويسلك نهجا مغايرا لذلك.
منذ تأسيس هذا النظام ولحد الان، فإنه لم تجري أية مواجهة بين النظام الايراني والمجتمع الدولي بسبب من تعنت وتشدده بشأن ملف أو موضوع، بل کان الامر يجري دائما بنفس هذا السياق المتسم بالمراوغة والتلاعب والاحتيال والخداع وحتى الابتزاز، ومن دون شك فإن النظام وإن إستغل هذا الاسلوب والنمط في التعامل مع المجتمع الدولي وتمکن من تحقيق بعض الاهداف غير إنه وفي النتيجة وکما يقول المثل؛ حبل الکذب قصير، حيث صار المجتمع الدولي على دراية وإطلاع بهذا الاسلوب المشبوه خصوصا بعد أن کانت زعيمة المجلس الوطني للمقاومة الايرانية، مريم رجوي، قد حذرت المجتمع الدولي من ذلك ودعته الى التصدي بحزم له وعدم الانخداع به.
منذ إعلان فوز ابراهيم رئيسي برئاسة النظام وتنصيبه، فإن النظام الايراني يسعى بصورة وأخرى الى خلق أجواء توحي وکأنه يسير بإتجاه المواجهة مع الغرب، تماما کما فعل في عهد الرئيس الاسبق أحمدي نجاد، ولکن وکما لم تحدث أية مواجهة في عهد نجاد على الرغم من إن أوضاع النظام وقتئذ کانت أفضل کثيرا من أوضاعه في الوقت الحاضر، فإنه لن تحدث أية مواجهة بين النظام والمجتمع الدولي في عهد رئيسي أيضا لأن النظام يعلم جيدا بأن أية مواجهة دولية تعني أن يحفر قبره بيده، کما إنه يجب أن نضع ثمة حقيقة مهمة في الحسبان وهي إنه إضافة الى الاوضاع بالغة الوخامة للنظام عشية تنصيب رئيسي، فإن الاخير يواجه حملة دولية غير مسبوقة بسبب کونه أحد أبرز أعضاء لجنة الموت في مجزرة عام1988، وهذه الحملة تطالب بعزله تمهيدا لإعتقاله وتقديمه للجنائية الدولية کما حدث مع الرئيس الصربي الاسبق سلوبودان ميلوسوفيتش.
هناك هدف رئيسي يسعى النظام الايراني الى تحقيقه إضافة الى أهداف ثانوية أخرى قياسا للهدف الرئيسي الذي هو ضمان المحافظة على بقاء وإستمرار النظام وعدم العمل على تهيأة أجواء تمهد لخلاف ذلك، کما إن النظام يسعى أيضا من أجل المحافظة على برنامجه النووي بما يکفل له إنتاج الاسلحة الذرية الى جانب المحافظة على دوره ونفوذه في بلدان المنطقة وأمورا أخرى مشابهة، خصوصا وإن النظام يعلم جيدا مدى رفض وکراهية الشعب الايراني والدور والحضور والتأثير الکبير للمقاومة الايرانية في داخل وخارج إيران، وکل هذا يعني بأنه في حال دخوله مواجهة دولية فإن المائدة ستنقلب رأسا على عقب ويصبح النظام برمته في خبر کان!