باتت أفغانستان على موعد محتمل مع فصل جديد من الاضطرابات بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة كابول بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية، لتتجه الأنظار من جديد إلى بلد لم يعرف الاستقرار منذ سقوط النظام الملكي في ستينيات القرن الماضي.
خلال العقود الماضية شغلت أفغانستان العالم كثيراً، بدءاً من الاحتلال السوفييتي (1979-1989) مروراً باندلاع حرب أهلية بين الفرقاء الذين قاتلوا السوفييت، ثم سيطرة حركة طالبان على الحكم (1996-2001)، قبل أن تسقطها الولايات المتحدة عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في حرب استمرت 20 عاماً وانتهت الآن بمشهد سيطرة الحركة على البلاد مجدداً إثر انهيار الحكومة والجيش.
حروب مستمرة حالت دون استفادة هذا البلد من ثرواته، أو استغلال موقعه الاستراتيجي لتطوير اقتصاده، في وقت يرزح فيه نحو نصف السكان تحت خط الفقر.
فما قصة هذه البلاد التي يضج العالم بأخبارها منذ ما يزيد عن 40 عاماً ولا يزال؟
جغرافيا أفغانستان
تبلغ مساحة أفغانستان الإجمالية 652,864 كيلومتراً مربعاً، وهي دولة حبيسة بلا منفذ بحري، وتقع على طول طرق التجارة الهامة التي تربط جنوب وشرق آسيا بأوروبا والشرق الأوسط.
حدود مع 6 دول
تحدّ أفغانستان من الشرق باكستان على طول 2670 كيلومتراً، ومن الغرب إيران (921 كيلومتراً). وفي الشمال، تشارك أفغانستان حدودها مع تركمانستان (804 كيلومتراً) وأوزبكستان (144 كيلومتراً)، بالإضافة إلى طاجيكستان (1357 كيلومتراً).
كما تشارك حدوداً قصيرة تبلغ 91 كيلومتراً في أقصى الشمال الشرقي للبلاد مع الصين. ومكّنت هذه الحدود أفغانستان من أن تصبح مركزاً هاماً على طريق الحرير الصيني، الذي استخدمه التجار لنقل البضائع بين آسيا وأوروبا منذ أكثر من 2000 عام، وفقاً لـ”ناشيونال جيوغرافيك”.
وأقيمت الحدود الحالية لأفغانستان في أواخر القرن التاسع عشر، وذلك في أعقاب غزو أفغانستان أواخر عام 1830 من قبل الإمبراطورية البريطانية انطلاقاً من الهند البريطانية، في سياق التنافس المحموم مع الإمبراطورية الروسية على النفوذ في آسيا الوسطى، الذي اصطلح عليه بـ”اللعبة الكبرى“.
لكن بلاد أفغانستان توحدت لأول مرة في 1747، حين أسس زعماء قبائل البشتون المجلس التقليدي الكبير (اللويا جيرغا)، الذي أعلن قيام مملكة الأفغان ونصّب أحمد شاه الدراني ملكاً للبلاد.
وقبل ذلك، تعاقب على استعمار الأراضي التي تعرف الآن بأفغانستان عدد من الإمبراطوريات، إذ احتلها الإسكندر الأكبر وجيشه المقدوني في عام 330 قبل الميلاد، واستعمرها الإمبراطور المغولي جنكيز خان في القرن الثالث عشر، وحكمها أحفاد القائد المغولي المسلم تيمور لنك حتى أوائل القرن السادس عشر.
تضاريس وعرة
تهيمن على تضاريس أفغانستان سلاسل جبلية وعرة تمتد من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي للبلاد. أعلى هذه الجبال يوجد ضمن سلسلة جبال هندوكوش (7000 متر)، التي ترتبط بسلسلة جبال الهمالايا، بحسب “موسوعة بريتانيكا“.
وجبال هندوكوش هي جزء من المرتفعات الوسطى في أفغانستان، التي تبلغ مساحتها الإجمالية حوالي 414 ألف كيلومتر مربع، وتتخللها الوديان العميقة والضيقة.
وتقطع هذه المرتفعات ممرات جبلية تقع على ارتفاع يتراوح بين 3600 إلى 4600 متر عن مستوى سطح البحر. وتشمل هذه المعابر، ممر شيبار، الواقع شمال غرب كابول، وممر خيبر، الذي يؤدي إلى شبه القارة الهندية على الحدود الباكستانية جنوب شرق كابول.
وفي جنوب المرتفعات الوسطى، توجد الهضبة الجنوبية الغربية وهي مجموعة من الهضاب العالية والصحاري الرملية وشبه الصحراوية.
أما في الجهة الشمالية للمرتفعات الوسطى، فتمتد منطقة السهول الشمالية شرقاً من الحدود الإيرانية إلى سفوح نهر بامير، بالقرب من الحدود مع طاجيكستان. وهي تتألف من حوالي 103 آلاف كيلومتر مربع من السهول والتلال الخصبة المرتبطة بنهر أمو داريا. وبسبب قابلية الزراعة وتربتها الخصبة، تعد منطقة السهول الشمالية من ضمن أكثر مناطق أفغانستان كثافة سكانية.
وحتى التسعينيات كان ما يقرب من 12.1% من المساحة الإجمالية لأفغانستان، قابلة للزراعة، غير أن سنوات الجفاف التي عاشتها البلاد في بداية الألفية الثالثة قلصت المساحات المزروعة بالفعل إلى 0.2%، وفقاً لمكتبة الكونجرس الأميركي.
34 ولاية
وفقاً للتقسيم الإداري الحالي في أفغانستان، فإن البلاد تتألف من 34 إقليماً أو ولاية، هي: بدخشان، بادغيس، بغلان، بلخ، باميان، دايكوندي، فرح، فارياب، غازني، غور، هلمند، هرات، جوزجان، كابول، قندهار، كابيسا، خوست، كونار، قندوز، لاغمان، لوغار، ننكرهار، نمروز، نورستان، باكتيكا، بكتيا، بنجشير، باروان، سامانجان، سار إي بول، تخار، أوروزغان، وردك، زابول.
تريليون دولار من الثروات الطبيعية
أفغانستان غنية بالموارد الطبيعية، التي تشمل البترول والغاز الطبيعي واليورانيوم والفحم والنحاس والرصاص والكبريت والزنك وخام الحديد والملح والأحجار الكريمة، لكن ظروف انعدام الأمن وأجواء الحرب قوضت فرص استكشاف هذه الموارد واستخراجها، وفقاً لمجلة حلف الشمال الأطلسي “الناتو”، التي أشارت إلى أن قيمة هذه الموارد تقدر بنحو ” تريليون دولار أميركي”.
وأكد مسح جيولوجي قامت به الولايات المتحدة الأميركية عام 2008 أن معظم الموارد المعدنية في أفغانستان لا تزال غير مستغلة. وكشف المسح عن وجود معادن جديدة في أفغانستان، ضمنها البوكسيت (الخام الذي يصنع منه الألومنيوم) والزمرد والذهب والحديد والرصاص والزئبق والفضة والكبريت والقصدير واليورانيوم، بحسب مكتبة “الكونجرس” الأميركي.
الغاز الطبيعي هو المورد الهيدروكربوني الأكثر وفرة في أفغانستان. ويوجد أكبر احتياطي للغاز الطبيعي بالبلاد قرب مدينة شبرغان المتاخمة لحدود تركمانستان.
كما كشف المسح الجيولوجي عن كميات كبيرة من رواسب الفحم في إقليم باميان، غرب العاصمة كابول.
سكان أفغانستان
كان آخر إحصاء رسمي للسكان في أفغانستان عام 1979، لكن الأمم المتحدة قدرت في تقريرها الخاص بالإحصاءات العالمية لسنة 2018، تعداد الأفغان بـ 36 مليوناً و373 ألف نسمة، فيما يرد في موقع وزارة الخارجية الأفغانية أن عدد السكان كان يبلغ 28.6 مليون نسمة في 2016.
في المقابل، تفيد تقديرات وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) بأن العدد ارتفع حتى يوليو 2021 إلى 37 مليون و466 ألفاً و414 نسمة.
أمّة شابة
وتؤكد أرقام وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية أن 75.3% من الأفغان شباب، إذ أن 40.62% من مجموع السكان في أفغانستان هم أقل من 14 سنةً، و21.26% منهم تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنةً.
وتعني هذه الأرقام أن نحو نصف الأفغان وُلدوا خلال الحرب الأميركية في أفغانستان التي بدأت في 2001 واستمرت نحو عقدين، ولم يشهدوا مرحلة الغزو السوفييتي أو فترة حكم طالبان الأولى.
وبحسب المصدر ذاته، فإن 31.44% من الأفغان تتراوح أعمارهم بين 25 و54 عاماً، فيما لا تتجاوز نسبة الفئة العمرية بين 55 و64 عاماً 4.01%. أما الذين تفوق أعمارهم 65 عاماً، فبالكاد يشكلون 2.66% من مجموع السكان.
وتقدّر وكالة الاستخبارات الأميركية متوسط العمر في أفغانستان بـ51 سنة للذكور، و54 للإناث. غير أنها تشير إلى أن المعدل السنوي لوفيات الأطفال عند الولادة يبلغ 106 حالة من كل ألف ولادة.
وكان هذا المعدل يقدر بـ44.2 سنة بالنسبة للرجال و44.4 بالنسبة للنساء في عام 2008، وفقاً لمكتبة “الكونجرس” الأميركي، التي أرجعت ذلك إلى الصراع المسلح في البلاد.
توزيع السكان
وتتمركز التجمعات السكانية في الأقاليم الـ 34 لأفغانستان، في سفوح التلال وأطراف سلسلة جبال هندوكوش الوعرة، بينما تقيم مجموعات سكانية أصغر بالقرب من الوديان الداخلية للبلاد، بحسب موقع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية.
الجزء الأكثر اكتظاظًا بالسكان في البلاد يقع بين مدينتي كابول وشاروكار. وتوجد تجمعات سكانية أخرى في شرق مدينة كابول بالقرب من جلال آباد، وفي واحة هرات ووادي حراير في الشمال الغربي، وفي ضواحي وادي نهر قنديز في الشمال الشرقي.
في المقابل، تبقى الجبال العالية في الجزء الأوسط من البلاد والصحاري في الجنوب والجنوب الغربي قليلة السكان أو غير مأهولة.
ويعيش 73.7% من الأفغان في المناطق الريفية، بينما لا يتجاوز سكان المدن 26.3%، ومعظمهم يعيشون في العاصمة كابول (4.336 مليون نسمة)، وفقاً لتقديرات وكالة الاستخبارات الأميركية.
وأقيمت معظم التجمعات الحضرية على طول الطريق الذي يمتد من كابول جنوباً إلى قندهار، ثم هرات في الشمال الغربي ومزار الشريف في الشمال الشرقي للبلاد.
وكانت نسبة السكان في المناطق الريفية أعلى حتى عام 2000، لكنها ارتفعت بنزوح مئات الآلاف إلى المدن بسبب الجفاف وعدم الاستقرار، جراء الغزو الأميركي للبلاد عام 2001.
تنوع إثني
يعترف الدستور الأفغاني بـ14 مجموعة إثنية في البلاد، أكبرها مجموعة البشتون التي تنحدر من الشعب الفارسي، إذ تمثل 42% من مجموع السكان، وفقاً لموسوعة “بريتانيكا“. وتعيش غالبية قبائل البشتون في جنوب البلاد وفي ضواحي قندهار، أما مجموعة الطاجيك، التي تنحدر أيضاً من الشعب الفارسي وتتحدث لغة مختلفة عن البشتون تُدعى “داري”، فتشكل 27% من سكان أفغانستان.
وتشكل جماعة الهزارة، التي يُعتقد أنها تنحدر من المغول، 9% من السكان، وتستقر معظم قبائلها في المرتفعات الوسطى لأفغانستان.
مجموعة الأوزبك تشكل بدورها 9% من السكان في أفغانستان، فيما لا تتجاوز نسبة جماعة شعب إيماق 4%، وجماعة التركمان 3%.
أما الجماعات الإثنية الأخرى فتشكل 6% من السكان، وتشمل البلوش، والنورستان، وباميري، والأفغان العرب، والغوجار، والبراهي، وقيزلباش، وباشاي، والقرغيز.
الديانات
الإسلام هو الديانة السائدة في في أفغانستان، حيث يعتنقه 99.7% من السكان. ويعد 84.7% من المسلمين من السنّة ويتبعون المذهب الحنفي، في حين أن نحو 10% من الشيعة، ويتبع معظمهم المذهب الاثنا عشري.
ولا يتعدى معتنقو الديانات الأخرى في البلاد 1%، أغلبهم من أتباع السيخية والهندوسية.
ووفقاً لمكتبة الكونجرس الأميركي، فإن نحو 5 آلاف من اليهود كانوا يعيشون في أفغانستان في عام 1948، لكنهم غادرو البلاد بحلول عام 2000.
8 لغات
- الفارسية الأفغانية (داري): (رسمية) يتحدث بها 78% من السكان.
- البشتو: (رسمية) يتحدث بها 50% من السكان.
- الأوزبكية: يتحدث بها 10% من السكان.
- الإنجليزية: يتحدث بها 5% من السكان.
- التركمانية:يتحدث بها 2% من السكان.
- الأوردو: يتحدث بها 2% من السكان.
- النوريستانية: يتحدث بها 1% من السكان.
- العربية: يتحدث بها 1% من السكان.
الاقتصاد الأفغاني
تبقى أفغانستان من ضمن أفقر دول العالم، بالرغم من تمتعها بموارد طبيعية هامة، وذلك بسبب الصراعات المسلحة التي أضرت باقتصادها.
وتعتمد البلاد على المساعدات الخارجية من أجل تمويل 75% من نفقاتها العامة، وفقاً لبيانات البنك الدولي الخاصة بعام 2020.
وفي نوفمبر 2020، تعهد المانحون الدوليون بـ20 مليار دولار كمساعدات إضافية لأفغانستان في الفترة بين 2021 و2025، لكن مصير هذه المساعدات يبقى غامضاً بعد سيطرة حركة طالبان على البلاد.
الناتج المحلي
في عام 2020، بلغ الناتج المحلي الإجمالي في أفغانستان 20.5 مليار دولار أميركي، وفقاً للمعطيات الواردة في تقرير “الإحصاءات العالمية” للأمم المتحدة، وسجلت انكماشاً في معدل النمو بنسبة 1.7%، مقارنةً مع عام 2015.
وبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي 551.9 دولار أميركي في عام 2020، مقارنة بـ 619 دولاراً في 2019، بحسب الأمم المتحدة.
وساهمت الزراعة بـ 21.4% من الناتج المحلي الإجمالي، والصناعة وخصوصاً الصناعات الغذائية بـ24.5%، وقطاع الخدمات والأنشطة الاقتصادية الأخرى بـ54.1%.
وعلى الرغم من مليارات الدولارات التي تنفقها الدول المانحة في المساعدات الإنسانية وبرامج إعادة الإعمار، يعيش أكثر من نصف سكان أفغانستان تحت خط الفقر، الذي حدده البنك الدولي بـ1.90 دولار يومياً، بالإضافة إلى ملايين آخرين من السكان لا يتجاوزون هذا الحد بكثير، وتبلغ نسبة البطالة 40%.
ووفقاً للإحصائيات ذاتها، فإن 42.4% من العمال في أفغانستان يشتغلون في الزراعة، و18.3% في الصناعة، بينما يُشغل قطاع الخدمات والقطاعات الأخرى 39.4% من العمال.
عجز الميزان التجاري
بلغ العجز التجاري لأفغانستان في 2020 نحو 31% من الناتج المحلي الإجمالي البالغ 20.5 مليار دولار.
وبلغت قيمة صادرات أفغانستان العام الماضي 1.03 مليار دولار، بينما تجاوزت قيمة وارداتها 8.3 مليار دولار، مسجلة بذلك عجزاً في الميزان التجاري بقيمة 7.3 مليار دولار، بحسب الأمم المتحدة.
وتوجه أفغانستان معظم صادراتها إلى باكستان بنسبة 42.9% والهند 40.6%، بالإضافة إلى الصين 3.2%. بالمقابل، فإن البلاد أكثر تنوعاً في شركائها عندما يتعلق الأمر بالاستيراد، إذ لا تتجاوز وارداتها من الصين 15.7% و14.7% من باكستان، بينما تستورد نحو 17.1% من حاجياتها من إيران.
وتواجه أفغانستان تحديات كبيرة في التطبيق الفعال للعقود التجارية مع الدول الأخرى، وتمكين الشركات المحلية من الولوج إلى مزيد من الأسواق التجارية.
أكبر منتج للأفيون في العالم
تتربع أفغانستان على قمة الدول المنتجة للأفيون، ويزيد إنتاجها على إنتاج الدول الأخرى مجتمعة، على الرغم من إنفاق الحكومة ملايين الدولارات للقضاء على إنتاج المخدرات في البلاد.
وفي 2017، كشف تقرير أصدره مكتب الأمم المتحدة المعني بالجريمة والمخدرات، أن إنتاج الأفيون في أفغانستان ارتفع بنسبة 87% مقارنة بعام 2016، ليصل إلى رقم قياسي يبلغ 9000 طن.
وأفاد التقرير بأن مساحة زراعة الخشخاش ارتفعت لتصل إلى رقم غير مسبوق يقدر بـ328 ألف هكتار، بزيادة 63% عن عام 2016، فيما تقلص عدد الولايات الأفغانية الخالية من هذه الزراعات إلى 10 ولايات بعد أن كان 13.
وفي عام 2004، كشف تقرير لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) أن نحو 7% من العدد الإجمالي لسكان أفغانستان (سكان الريف الذين يصل عددهم إلى نحو 1.7 مليون نسمة) يعتمدون بصورة مباشرة على زراعة الأفيون.
وتفيد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بأن حركة طالبان تشارك في تجارة الأفيون، وبأن هذه التجارة تعتبر مصدراً رئيسياً لإيرادات الحركة داخل أفغانستان، وتستفيد منها.
وتؤكد الوكالة أن معظم كميات الهيروين المستهلكة في أوروبا ومنطقة يورواسيا، مشتقة من الأفيون الأفغاني.
وتظهر أحدث الأرقام المتاحة أن صناعة الأفيون في 2019 حققت مكاسب تتراوح بين 1.2 مليار دولار و2.1 مليار دولار، متجاوزة بذلك قيمة الصادرات القانونية للبلاد، وفقاً لمراقب الحكومة الأميركية لإعمار أفغانستان، جون سوبكو.
تطور النظام السياسي
حتى منتصف القرن العشرين، كانت أفغانستان تحكمها السلطة المطلقة للملك، وهي سلطات رسّخها دستوري العامين 1923و1931.
وبعد نحو ثلاثة عقود، عيّن الملك محمد ظاهر شاه لجنة لكتابة دستور جديد لأفغانستان ينص على العمل بالنظام الملكي الدستوري. وتم إقرار الدستور الجديد في 1964، ونص على الفصل بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية، بحسب موسوعة “بريتانيكا“.
وبعد أقل من عشر سنوات، أطاح انقلاب عسكري قاده الجنرال محمد داود عام 1973 بالنظام الملكي وألغى دستور عام 1964 وأسس جمهورية أفغانستان.
حكومة اشتراكية
وبينما كان محمد داود يعمل على إقرار دستور جديد في البلاد، تمت الإطاحة به عام 1978 عبر انقلاب قاده حزب الشعب الديمقراطي الموالي للاتحاد السوفيتي. وأعلن الحزب عقب الانقلاب تأسيس “جمهورية أفغانستان الديمقراطية” على أن يتولى حكمها المجلس الثوري الأفغاني.
وأثار حكم حزب الشعب الديمقراطي اضطرابات سياسية في البلاد، ومعارضة شرسة من قبل حركات “المجاهدين” التي كانت تدعمها الولايات المتحدة ودول أخرى.
وفي 1979، غزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان، دعماً للحكومة الأفغانية الاشتراكية، وسلّم حكم البلاد إلى السياسي الأفغاني الاشتراكي بابارك كارمال.
في المقابل، واصلت حركات “المجاهدين” معارضتها المسلحة ودعمتها الولايات المتحدة ودول عدة بالمال والسلاح، حتى انسحبت قوات الاتحاد السوفييتي عام 1989، فسقطت الحكومة الموالية لموسكو بعد ذلك في عام 1992.
“الإمارة الإسلامية”
في أعقاب سقوط الحكومة الموالية لموسكو، شكل تحالف من حركات “المجاهدين” المنتصرة حكومة اعترفت بها الأمم المتحدة، وأطلق على الدولة اسم دولة أفغانستان الإسلامية.
غير أن الحكومة الجديدة لم تستمر طويلاً في السلطة، إذ سرعان ما أزاحتها حركة “طالبان” عام 1996 من الحكم، وأعلنت تغيير اسم البلاد إلى “إمارة أفغانستان الإسلامية”.
وتبنت طالبان التي توجد في مناطق البشتون المنتشرة في باكستان وأفغانستان، سيادة الشريعة الإسلامية، ولم تصدر دستوراً جديداً للبلاد.
واستمرت طالبان في حكم أفغانستان حتى ديسمبر 2001، حين تدخل تحالف دولي تقوده الولايات المتحدة عسكرياً وأطاح بنظام حركة طالبان، عقب هجمات 11 سبتمبر التي نفذها تنظيم القاعدة متخذاً من أفغانستان قاعدة له.
وبعد سقوط طالبان حينها، وافقت الفصائل الأفغانية على تشكيل حكومة وحدة مؤقتة تستمر لمدة عامين، ويرأسها زعيم قبيلة لوبلزي المنتمي إلى إثنية البشتون، حامد كرزاي. وصادق على ذلك أعضاء المجلس التقليدي الكبير (اللويا جيرغا)، البالغ عددهم نحو 2500 من ممثلي المجتمع المدني وزعماء القبائل.
أول انتخابات رئاسية مباشرة
وفي يناير 2004، صادق مجلس (اللويا جيرغا) على دستور جديد، ينص على انتخاب رئيس للبلاد على أساس الاقتراع المباشر، يتولى الرئاسة لخمس سنوات، مع عدم إمكانية الحكم لأكثر من ولايتين.
الدستور الجديد، الذي يعد الدستور الحالي للبلاد، نص أيضاً على أن يختار كل مرشح للرئاسة مرشحين اثنين يخوضان معه الانتخابات لمنصبي النائبين الأول والثاني للرئيس.
ويتم انتخاب الرئيس بحصول المرشح على أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، على أن تجرى جولة إعادة في غضون أسبوعين من إعلان نتائج الانتخابات إذا لم يحصل أي من المرشحين على أكثر من 50%.
وينص الدستور أيضاً على انتخاب المجالس المحلية لأربعة سنوات. كما ينشأ “مجلس محلي” في كل إقليم، لكي يؤدي وظيفة الهيئات الاستشارية، ويقدم المشورة للإدارات المحلية بشأن القضايا المتعلقة بتحقيق الأهداف التنموية للدولة.
كذلك ينص الدستور على إنشاء جمعية وطنية (برلمان) بمجلس أدنى منتخب بشكل مباشر ومجلس أعلى يضم أعضاءً من المجالس المحلية والإقليمية، وأعضاء معينين من قبل الرئيس.
وفي 2004، جرت أول انتخابات رئاسية في أفغانستان، بحسب الأمم المتحدة، وبلغت نسبة مشاركة الناخبين فيها 70%.
وفاز حامد كرزاي بالرئاسة في الانتخابات، إثر حصوله على 55% من الأصوات، غير أنه فشل في فرض سيطرة الحكومة على المناطق غير الحضرية، التي بقيت تحكمها العشائر والحركات المسلحة، وهو الوضع الذي استغلته حركة طالبان من أجل إعادة بناء صفوفها والاستحواذ على السلطة مجدداً.
وأجريت أول انتخابات نيابية في سبتمبر 2005 بعد تأجيلها قرابة عام لأسباب أمنية. وعلى الرغم من أن اللجنة الأفغانية المستقلة للانتخابات استبعدت ظاهرياً الأفراد الذين يقودون الجماعات المسلحة من الانتخابات البرلمانية، فقد حصل العديد من أقوى أمراء الحرب الإقليميين على مقاعد في البرلمان، وفقاً لتقرير أعده الكونجرس الأميركي عام 2008.
ولأن جميع المرشحين ترشحوا كأفراد ولم يُسمح بتمثيل حزبي، نتج عن ذلك انقسام كبير في الائتلافات البرلمانية، وهو ما أضعف جهود الحكومة المركزية في إخضاع المناطق النائية لسيطرتها، بحسب التقرير.
وانعقدت آخر انتخابات رئاسية في أفغانستان يوم 28 سبتمبر 2019، فاز بها أشرف غني بنسبة 50.6% من الأصوات، فيما حل ثانياً عبد الله عبد الله بحصوله على 39.5% من الأصوات.
وكان من المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة في أفغانستان في 2024.
القوى السياسية
يوجد بأفغانستان 72 حزباً مرخصاً من قبل وزارة العدل الأفغانية، حسب بيانات الحكومة الأفغانية في أبريل 2019، فيما كان العدد يصل إلى 82 حزباً في 2007.
وتستند معظم الائتلافات السياسية على التحالفات التي تشكلت خلال الصراعات المسلحة التي شهدتها البلاد منذ الغزو الروسي في 1979، وسقوط إمارة طالبان بعد الغزو الأميركي.
وبحسب تقرير الكونجرس الأميركي لعام 2008، فإن “تحالف الشمال” يعد من ضمن أكثر القوى السياسية تأثيراً، ويضم جماعات الهزارة والطاجيك والأوزبك، وهي جماعات حاربت طالبان. وكانت ضمن القوى الرئيسية في البرلمان المنتخب عام 2005.
ومن ضمن أبرز الأحزاب السياسية “الحزب الإسلامي” ويقوده قلب الدين حكمتيار، وهو أحد زعماء الحرب السابقين، وأدرجته الولايات المتحدة عام 2003 ضمن قائمة الإرهابيين لمشاركته في هجمات للقاعدة وطالبان.
وفي 22 سبتمبر 2016، أصدرت الحكومة الأفغانية عفواً عن حكمتيار، وذلك في إطار اتفاق للسلام أبرمته مع الحزب الإسلامي. ونص الاتفاق على إطلاق سراح المعتقلين من الحزب وعودة حكمتيار إلى الحياة السياسية.
كما يبرز حزب “المؤتمر الوطني الأفغاني”، وهو من ضمن القوى السياسية القليلة في أفغانستان، التي لا ترتبط بمجموعات مسلحة. وفي عام 2004، ترشح باسمه عبد اللطيف بيدرام للانتخابات الرئاسية وحل في المركز الخامس.
ومن ضمن الأحزاب الفاعلة “الحركة الإسلامية الوطنية”، وهو حزب مرتبط بجماعة الأوزبك، بالإضافة إلى الحركة الوطنية الأفغانية، وهو ائتلاف من 11 حزباً يُعرف أيضاً باسم “الحزب القومي الأفغاني”، و”الجمعية الإسلامية الأفغانية”، وحزب “الوحدة الإسلامية”، و”الجبهة الوطنية المتحدة”.
جماعات متهمة بالإرهاب
مع سيطرة حركة طالبان على أفغانستان بالتزامن مع انسحاب القوات الأميركية، تزداد مخاوف الغرب من أن تصبح البلاد ملاذاً للجماعات الإرهابية.
وتفيد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بأن قائمة الجماعات التي تصنفها الولايات المتحدة تنظيمات إرهابية الموجودة حالياً في أفغانستان تضم:
- شبكة حقاني، المرتبطة بحركة طالبان وتنظيم القاعدة
- حركة المجاهدين
- حركة الجهاد الإسلامي
- حركة أوزبكستان الإسلامية، المرتبطة بتنظيم داعش
- فرع داعش الأفغاني أو “داعش خراسان”
- فيلق القدس، المرتبط بالحرس الثوري الإيراني
- تنظيم القاعدة
- تنظيم “قاعدة الجهاد في شبه القارة الهندية”
- جماعة “تحريك طالبان باكستان”، وهي الفصيل الأساسي لحركة طالبان في باكستان.