بمعزل عن السياسي العربي..، الذي يحمل في داخله ثقافة وقيم الصحراء البالية، وفطرياً يعشق كورسي السلطة والتسلط، حيث أن الابن من أجل ذلك يقتل والده، وهكذا الوالد يقتل ابنه، من أجل أن يبقى احدهما حياً وينفرد بعرش السلطة خليفةً أو أميراً أو ملكاً أو رئيسا، والتاريخ العربي القديم والحديث والمعاصر مليء بمثل هذهالأحداث الإجرامية الدموية، التي تقشعر لها الأبدان. لكن الإنسان الكوردي، غير العربي،لأن سيكولوجية وثقافة إنسان الجبل غير سيكولوجية وثقافة إنسان الصحراء، الكوردي تربى في بيئة مسالمة تنتج كل ما يحتاجه لإدامة حياته، لذا يقول الكوردي: الدنيا وردة، شمها وناولها لأخيك الإنسان، بينما العربي نشأ في بيئة جرداءخالية من مفردات الحياة، ليس فيها ماء ولا كلأ، والعربي كان يقتل أخيه من أجل أن يأخذ نعاله أو دابته ولسان حاله يقول: وأحياناً على بكر أخينا إذا ما لم نجد إلا أخانا!!. أ ترى عزيزي القارئ، كيف إن البون شاسع ومتغاير بين الثقافتين فيما يخص نظرتهما للحياة وكرامة الإنسان . بناء على ما سبق، يجب على السياسيالكوردي، بما لديه من خزين معرفي ووجداني متحضر، أن لا يتأثر (بثقافة) من قال عنهم قرآنهم: لعلكم تعقلون. بسينهم وشينهم. -إن كلمة “لعل” في اللغة العربية تقال عند الشك في أمر ما؟- لذا نرجو من قياداتنا الكوردية، أن لا تسير على خطى أولئك “أشباه الرجال”، الذين شك القرآن بهم أن يعقلوا. واشتكى خليفتهم وإمامهم من خبثهم وريائهم. هذا ليس تهجماً على العرب، أن المنطق يقول لنا من عاش في مثل البيئة العربية المذكورة أعلاه لا يكون أفضل مما هو عليه الآن؟. بناءً عليه، يستحسن بقيادتنا السياسية، أن توجه أنظارها نحو الدول الغربية، التي هي مركز الديمقراطية في العالم، كي تستلهم منها دروس وعبر عن النظام الديمقراطي الحقيقي،وعن أنظمة الإدارة الخ.
عزيزي القارئ الكريم،إن بيت القصيد في موضوعنا لهذا اليوم، هو البرلمان والحكومة الجديدة في إقليم كوردستان، التي في طور الانبثاق والتشكل. ينبغي على الحزب الفائز بالمرتبة الأولى في الانتخابات التي جرت في 30 09 2018 أن يأتي إلى مؤسسات الإقليم، وعلى رأسها البرلمان والحكومة بوجوه جديدة من الجنسين،حتى لا يفقد ثقة الناخب الكوردي به في الانتخابات القادمة.
على السياسي الكوردي أن يعلم، وأني واثق أنه يعلم جيداً، أن إدارة الدولة أو الإقليم الشبيه بدولة، أن أنه دولة غير معلنة، يحتاج إلى جهد جسدي كبير ومتواصل، وهكذا إلى أمور وقضايا فكرية لا تعد ولا تحصى. لذا أن بعض البلدان الديمقراطية الحقيقية لا تسمح للسياسي أن يتبوأ المنصب الأول في الدولة لأكثر من مرتين، ليس لشيء، فقط خوفاً على صحته، وسلامة عقله، لأن إدارة الدولة ليست كإدارة محل بقاله أو مقهى شعبي.
الذي نرجوه من ذلك السياسي الذي تبوأ منصب رئيس وزراء الإقليم لأكثر أو اقل من عقدين أن يغير موقعه، ويأتي حزبه بشخص آخر كي يتبوأ المنصب، ويحمل معه برنامجاً جديداً وفعالاً للعمل، وبهذا التغيير الديمقراطي سوف يتغير النهج القديم، الذي عاش شعب الإقليم في ظله بعض الأزمات السياسية والاقتصادية. وهكذالرئيس كتلة الحزب الفائز في برلمان الإقليم، هو الآخر يجب أن يتغير، لأن بقائه على رأس الكتلة يتذكر بتلك الأزمات التي حدثت بين الكتل والأحزاب السياسية في البرلمان، ويذكر الشارع الكوردي بأن كتلة الحزب الأكبر سائر على النهج الذي كان سائداً في أعوام المواجهات العبثية بين الجميع دون استثناء. دعكم من بعضالأحزاب والمنظمات الرجعية والظلامية؟؟، التي لديها نواب تحت قبة البرلمان، إذا تريد أن تبقي على نفس الوجوه.. القديمة في الصفوف الأولى لكتلها، فهذا شأنهم، لكن ليعلموا، إنها تعكس صورة واضحة للشارع الكوردي بأن هؤلاء.. لا يريدون مغادرة الماضي الأليم ومواكبة متطلبات واستحقاقات الديمقراطية الحقيقية التيينشدها الشعب الكوردي.
من دون أدنى شك، أننا نعلم أن الديمقراطية سائدة في الإقليم الكوردي، والمواطنون العرب في العراق يحسدون المواطن الكوردي على هذه الديمقراطية التي يفتقدون إليها في مناطقهم. يعلم المتابع، أن الديمقراطية نسبية، وديمقراطية الإقليم الكوردستاني الفتي لا يقاس بديمقراطية السويد، التي مضت عليها زمن طويل وطويل جداً،لكننا بشر وطموحاتنا ليست لها حدود، فلذا نطلب من الحكومة الكوردستانية في الإقليم، أن تسمح بنشر بمساحة أوسع للديمقراطية الحقيقية في عموم الإقليم، حتى يستديم الديمقراطية الكوردية كنقطة إشعاع في المنطقة، ويشار إلى إقليمنا الكوردستاني بالبنان، بأنه أفضل نظام ديمقراطي في الشرق الأوسط بعد دولة إسرائيل.
في الحقيقة أنا لست في الموقع الذي يعطي النصائح، لكن هذه أمنيات مواطن كوردستاني عانى من الاحتلال العربي البغيض لوطنه طويلاً، لذا جاشت في داخله هذه كلمات المعبرة وضعها على الورق بوضوح، ودون مواربة، لربما تجد آذاناً صاغية تأخذ بها خدمة للكورد وكوردستان.
“لا ديمقراطية دون محاسبة، وإلا
05 11 2018