حول دور ومكانة الخيانة العظمى في تفكيك الاتحاد السوفيتي. (بمناسبة الذكرى ال30 لتفكيك الاتحاد السوفيتي، 1991 –2021). الحلقة السادسة :
: ثلاثة أيام هزت العالم *
بقلم الدكتور نجم الدليمي
##اشتداد الصراع الايديولوجي واللغز المبهم؟!.
**لقد ادركت قوى الثالوث العالمي ان عدوها الاول كان وسيبقى الاتحاد السوفيتي، وان تقويضه لا يمكن ان يتحقق لا بالحرب العسكرية ولا بالحصار الاقتصادي، فوجدوا اسلوبا قذرا الا وهو اختراق قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي الحاكم،بدليل في عام 1946 اعد آلان دالاس رئيس جهاز وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خطة جاء بها((….سوف نستخدم كل ما لدينا من ذهب وثروات مادية اخرى من اجل استغفال المواطنين….. وإشاعة الفوضى…. وسنجد لنا شركاء في الرأي وحلفاء لنا في روسيا…..)). وبهذا الخصوص تشير الكاتبة والصحفية السوفيتية ناديجا غاريفولينا الى ان ((استراتيجية الغرب قد وجدت لها عددا غير قليل من المساعدين داخل البلاد قد تمثلوا بالطابور الخامس وعملاء النفوذ الذين تاجروا بالبلاد بالمفرد والجملة)). ويؤكد اوليغ شينين السكرتير العام للحزب الشيوعي السوفيتي السابق، الى ان يوري اندروبوف، كان قد مهد التربية لتحقيق هذه العمليات، فمن جهة اتخذ الأمين العام الغامض في العامين 1982–1983،تدابير واجراءات ادارية… ولكن من جهة اخرى ولعل هذا هو الاهم دفعت في عهده شخصيات معينة من امثال غورباتشوف وياكوفلييف وشيفيرنادزة ويلسين وكثير من امثالهم لاشغال مناصب ذات مسؤولية هامة، واحتكر هذا الفريق بالذات وسائل الاعلام الجماهيرية المحلية والتي لعبت دوراً قذرا في تشويه قيادة الحزب والسلطة والنظام الاشتراكي.
**ان سيناريوهات قوى الثالوث العالمي للفترة( 1918–1953)قد فشلت فشلاً ذريعا، ويعود السبب الرئيس لذلك الى وجود قيادة سياسية موحدة ومخلصة وكفؤه وامينة وحاسمة لشعبها وفكرها ولحزبها الثوري، الحزب الشيوعي السوفيتي، وكان على راس هذه القيادة لينين وستالين، ولعب ستالين الدور الرئيس والاساس في احباط جميع مخططات قوي الشر العالمية المتمثلة بالنظام الامبريالي العالمي والصهيونية والماسونية وحلفائهم في الداخل من قوى الثورة المضادة.
**منذ المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفيتي وتسلم خروشوف مقاليد الحزب والدولة، بدأ ناقوس الخطر الجدي على الحزب وبدايات الخطر على النظام في الاتحاد السوفيتي، اذ مارس خروشوف سلوكا انتهازيا وتحريفيا و مبتذلا ضد قادة ثورة اكتوبر الاشتراكية العظمى وبشكل خاص ضد ستالين؟! لمن ولمصلحة من تم ذلك؟ وقام بسياسة الانتقام من جميع الرفاق القياديين الذين عملوا مع ستالين واربك الحزب سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وايديولوجيا وجماهيريا وتم شق الحركة الشيوعية العالمية وووو،وكان الغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية وحلفائها مرتاحين لعمل وسلوك خروشوف؟!. ان تحالف قوى الشر المتمثلة بقوى الثالوث العالمي وحلفائهم في واشنطن ولندن وباريس وبون وتل أبيب….. وبعض الدول العربية المفرطة في ثرائها الدولاري، قد شكلوا حلفا وفق برنامجاً وهدفا هو العمل وبكل الوسائل المتاحة من اجل تفكيك الاتحاد السوفيتي.
**خلال الفترة (1985–1991)، تم تنفيذ مشروع هدام تخريبي و منظم وقد مثل هذا مشروع قوي الثالوث العالمي الا وهو ما يسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية السيئة الصيت في شكلها ومضمونها، ومنذ عام 1987 بدأت الانحرافات في كافة المجالات، وفي عام 1988–1989 دق ناقوس الخطر الحقيقي والجدي حول تفكيك الاتحاد السوفيتي وفي عام 1990–1991 حسم موضوع تفكيك الاتحاد السوفيتي من قبل الخائن والعميل الامبريالي غورباتشوف وفريقه المرتد. ان الشيئ المميز لقيادة الحزب منذ عام 1985-1991، انهم يتحدثون شيئ، ويفكرون بشيئ اخر وينفذون شيئاً اخرا،وهذه هي سياسة غورباتشوف المرتد.
##: ماذا قالوا خصوم الاشتراكية؟.
1– يقول بريجينسكي (( ان غورباتشوف قد تحول من التقاليد البلشفية الى التقاليد المنشفية….. وان سياسة الفوضى والبلبلة التي انتهجها غورباتشوف تؤدي الى تصورين:اولهما انه من المحتمل خلال سنتين ان لا يصبح هناك حزب شيوعي في الاتحاد السوفيتي وسوف يتفتت الحزب…..، ثانياً انه خلال سنوات سوف لن يكن هناك اتحاد سوفيتي.، هذا ما قاله في 19\2\1990.
2– اكد بعض ما يسمى بقادة الحركة الديمقراطية الروسية ومنهم غافريل بوبوف في كتيبة ( ما العمل) على ضرورة تقسيم الاتحاد السوفيتي الى ما بين 40–50 دولة؟، وكما تؤكد غاليا ستاروفيوتوفا مستشارة الرئيس الروسي بوريس يلسين،( المخمور دائماً)للشؤون القومية، بان روسيا سوف تتفكك ما بين 60–70 دولة. هؤلاء هم الطابور الخامس وعملاء النفوذ والليبراليون المتطرفون والاصلاحيون المتوحشون الذين ساهموا في تفكيك الاتحاد السوفيتي وغيرهم.
##:اللغز المبهم ::
**في اب عام 1991، عمل قادة الحزب والسلطة وبعلم وموافقة غورباتشوف على تشكيل لجنة الدولة للطوارئ من اجل الحفاظ على الاتحاد السوفيتي ونظامه الاشتراكي وابعاد خطر تفكيك الاتحاد السوفيتي، كان الاجدر ان لا يتم تشكيل لجنة الدولة للطوارئ بمثل هذه القيادات التي اتصفت بالترد والخوف وعدم اتخاذ القرار الحاسم من اجل الحفاظ على دولتهم العظمى ( تجربة قيادة الحزب الشيوعي الصيني تجربة رائدة وحاسمة ضد قوى الثورة المضادة).
** نعتقد،كان على لجنة الدولة للطوارئ، وهم قادة الحزب والدولة السوفيتية، ان يتم عقد اجتماع للمكتب السياسي للحزب لدراسة الوضع الخطير، وبعد ذلك عقد اجتماع طارئ للجنة المركزية للحزب ووضع خطة لانقاذ دولتهم من خطر التفكك، وبعد ذلك يتم دعوة البرلمان السوفيتي والذي يمثل اعلى سلطة في الدولة السوفيتية، ويتم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة والحاسمة ضد قوى الثورة المضادة بهدف ابعاد خطر تفكيك دولتهم، ويتم اعتقال الرؤوس والذي يتراوح عددهم ما بين35–40 رأس، هؤلاء هم بعض قادة الحزب وكادره ومنهم غورباتشوف ويلسين وياكوفلييف وشيفيرنادزة……، وان تتم المحاكمة علنية ووفق الدستور والقانون السوفيتي بدليل في ايار عام 1991 قدم الجنرال فلاديمير كرجيكوف وفي اجتماع مغلق للبرلمان السوفيتي تقريراً مفصلاً حول خطر تفكيك الاتحاد السوفيتي والاسماء المتعاونة مع الغرب الامبريالي بزعامة الامبريالية الاميركية ولكن لا البرلمان اتخذ قرار ولا رئيس جهاز امن الدولة السوفيتية ( كي جي بي) وكان ذلك بحضور الخائن غورباتشوف. ان احداث اب عام 1991 كانت ولا تزال غامضة، حدثاً ولغزا مبهما ولم يتم الكشف عن كل ابعاده الخفية والسرية، وافرزت احداث اب \ 1991 اغتيال الاتحاد السوفيتي وبدم بارد من قبل القيادة المتنفذة في الحزب الحاكم القيادة الخائنة لشعبها وفكرها وحزبها. وفي 21-22\اب\1991 تم اعتقال جميع اعضاء لجنة الدولة للطوارئ وبقرار من بوريس يلسين وبدعم غربي \ اميركي وبالتنسيق مع السفارة الأميركية في موسكو.
##:اخطاء غير مبررة… ونهج تخريبي منظم
** نعتقد،ان الخطأ لا يكمن في النظرية الماركسية -اللينينية، ولا في الاشتراكية كنظام سياسي واقتصادي واجتماعي، بل يكمن الخطأ في قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي وخاصة بعد المؤتمر العشرين للحزب عام 1956 وان الاخطاء تكمن بالاتي ::
*عدم الفهم السليم والعلمي للنظرية وعدم تطويرها وبما يتلائم والواقع الموضوعي الملموس.
*العمل على تقديس وتأليه النظرية العلمية وهذا مخالف لجوهر النظرية ولعبت العناصر القيادية في الحزب من غيرالقومية الروسية دوراً مهماً وكبيرا في ذلك.
*عدم تطبيق ديكتاتورية البروليتاريا، سلطة الشعب الحقيقية كشرط لبناء مرحلة الانتقال للشيوعية الا وهي الاشتراكية، وضعف تطبيق الديمقراطية الاشتراكية في الحزب والمجتمع السوفيتي.
*تحول الحزب الشيوعي السوفيتي من حزب طليعي لقيادة الطبقة العاملة وحلفائها الى جهاز بيروقراطي، اداري، اي تحولوا من شيوعيين ثوريين الى موظفين ادارين،وان الجهاز الاداري قد استحوذ،
هيمن على قسم غير قليل من بعض قادة وكوادر واعضاء الحزب وباساليب عديدة.
* تفشي فيروس البيروقراطية والروتين القاتل في الحزب والدولة السوفيتية. وان الاقتصاد الاشتراكي في الاتحاد السوفيتي لم يواجه ازمة اقتصادية واجتماعية منذ عام 1922-1984، تؤدي به الى التفكك، وان الازمة ظهرت للفترة 1985-1991 وهي مفتعلة بهدف تحقيق هدف قوي الثالوث العالمي تحت غطاء مايسمى بالبيرويسترويكا الغارباتشوفية السيئة الصيت في شكلها ومضمونها وفعلا تم تحقيق تفكيك الاتحاد السوفيتي وعبر صمت مطبق لبعض القياديين وكوادر واعضاء الحزب من الدراويش في الحزب وهذا هو الواقع من
خلال المعايشة والمتابعة المستمرة للأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والايديولوجية من قبلنا، ولا نزال متابعين لعملية التحول من الاشتراكية الى الراسمالية المتوحشة وفي كافة المجالات.
*عدم تجديد الحزب الشيوعي السوفيتي بكوادر من الشباب السوفيتي ووفق المعايير المبدئية ولخدمة عمل الحزب في كافة المجالات.
##ان هذه الاخطاء بالدرجة الأولى هي وليدة المؤتمر العشرين وتسلم قيادة الحزب الشيوعي السوفيتي والدولة السوفيتية من قبل الامي سياسياً والتحريفي \ الانتهازي خروشوف وفريقه، وبمرور الزمن تعمقت هذه الاخطاء وغيرها وبدون معالجة جذرية لها والنتيجة واضحة اليوم، اب عام \ 1991 خير دليل على ذلك، وهي تفكيك الاتحاد السوفيتي وتصفية منجزات الاشتراكية العظمى بالكامل وفي كافة المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والايديولوجية….،
##: يقول لينين العظيم عن الخيانة العظمى ((في السياسة لا يوجد فرق بين الخيانة بسبب الجهل او الغباء، او الخيانة بشكل متعمد ومحسوب لها فالنتيجة النهائية هي خيانة عظمى)).
*:انظر، د.نجم الدليمي، دور قوي الثالوث العالمي في تفكيك الاتحاد السوفيتي، وثائق…. ادلة وبراهين، الاردن، عمان، دار امجد للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، السنة 2017. ان المقالة هي جزء مختصر من المبحث الرابع من الكتاب، ص49–78.
آب /2021