.
في اليوم العالمي لإحياء ذكرى الاتجار بالرقيق وإلغائه، يتذكر الأيزيديون معاناتهم خلال حكم تنظيم “داعش” فيما ترتفع أصوات البعض لإعادة ذويهم المختطفين، بينما تؤكد الحكومة العراقية أنها تبذل جهودا كبيرة لاستعادتهم وتحسين أوضاعهم.
كان تنظيم “داعش” قد اجتاح منطقة سنجار في شمال العراق، في أغسطس من عام 2014، وخلال ثلاث سنوات سيطر فيها على تلك المنطقة، مارس مسلحوه أبشع الجرائم بحق هذه الفئة، حيث قاموا بقتل وتعذيب واغتصاب وسبي النساء والفتيات، قبل تحرير المنطقة في عام 2017.
وبعد سبع سنوات من التحرير، لا يزال الأيزيديون يبحثون عن ذويهم المختطفين أو المفقودين، فيما يرفض عدد كبير منهم العودة إلى سنجار.
من بين هؤلاء “إيمان” التي ورد اسمها في تقرير لمراسل الحرة، والتي قالت إنها تخشى العودة لسنجار بعد رحلة سبي استمرت ثلاث سنوات في كنف التنظيم بسوريا والعراق.
إيمان، التي سطرت معاناتها في كتاب “صرخة إيمان” ليكون شاهدا على جرائم “داعش”، قالت إنها تعرضت للتعذيب والضرب عندما كانت أسيرة “داعش” في تلعفر لدرجة أنها نسيت لغتها الأم.
وبينما يتذكر العالم في الثالث والعشرين من أغسطس ضحايا تجارة الرقيق، يواصل “داعش” ممارسة هذه التجارة بحق الأيزيديين.
ويقدر ناشطون وجود حوالي 2700 شخص من هذه الفئة بين مفقود ومختطف، وغالبيتهم من النساء والأطفال، وقد تم بيع نحو ألف منهم في سوق الاتجار بالبشر بين العراق وسويا، وفق منظمات حقوقية.
ويطلب أيزيديون من الحكومة العراقية تسريع الخطى للبحث عن المختطفين والعمل على استرجاعهم مع وجود مؤشرات على استمرار تواجدهم في المناطق التي ينشط فيها التنظيم.
فهد حامد، قائمقام سنجار بالوكالة، دعا الحكومة العراقية والمجتمع الدولي “إلى التدخل السريع والفوري لتشكيل لجان والبحث عن أيزيديات في سوريا وتركيا ودول عديدة أخرى”.
وكان رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قد التقى ناجيات أيزيديات خلال زيارته الموصل، قبل أيام، ووعدهن بعدم تكرار جرائم “داعش” وضمان حقوقهن التي كفلها “قانون الناجيات” الذي وافق عليه البرلمان وصادق عليه رئيس الجمهورية، برهم صالح، في مارس الماضي.
سوزان سفر رئيسة منظمة “تاك” لتنمية المرأة الأيزيدية في محافظة دهوك في كردستان العراق، قالت في مداخلة هاتفية مع قناة الحرة: “بكل أسف لم تنته ظاهرة الرق حتى الآن. تعرضنا لأبشع أنواع الانتهاكات التي ما كنا نتصور التعرض لها في القرن الحادي والعشرين”.
وقالت إن الظاهرة لم تنته لأنه “لا توجد ضمانات لعدم تعرض الأيزيديات للرق والسبي”، مشيرة إلى أنه “حتى الآن لم تصدر أي فتوى من الجهات الرسمية في داخل العراق أو خارجه تعطي لهن ضمانات بعدم السبي”.
كان رئيس الجمهورية العراقية قد صادق على قانون “الناجيات الأيزيديات”، بعد أن أقره البرلمان، ويهدف إلى تعويض الناجيات “ماديا ومعنويا، وتأهيلهن ورعايتهن، وتأمين الحياة الكريمة لهن”، فضلا عن اتخاذ تدابير لإعادة تأهيلهن وإعادة دمجهن في المجتمع ومنع مثل هذه الجرائم في المستقبل.
ووعد صالح الأيزيديين، في أبريل الماضي، بمناسبة السنة الأيزيدية الجديدة، بـ”تأمين حقوقهم وعودة النازحين وتحرير المختطفين والمختطفات، وأن نحتفل معهم في العام المقبل وهم في منازلهم آمنين مكرمين”.
وأكد رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بهذه المناسبة “حرص الحكومة وجديتها على تأمين عودة جميع النازحين ومن ضمنهم أبناء الطائفة الأيزيدية إلى مناطقهم بعد طرد عصابات “داعش” الإرهابية وعودة الاستقرار فيها، ودعم الناجيات والناجين الأيزيديين وتحقيق مطالبهم”.
وتابع أن “الحكومة تؤكد مواصلة جهودها لإعادة المخطوفين من النساء والأطفال وأنها لن تدخر جهدا لتحقيق ذلك”.
“مجرد وعود”
لكن سفر، قالت للحرة إن “كل ما يصدر من الحكومة العراقية والجهات الأخرى مجرد وعود فهناك 70 في المئة من الأيزيديين لايزالون يعيشون في مخيمات النزوح، والحكومة غير جادة في البحث عن حوالي 2500 طفل وامرأة مصيرهم مجهول، وحتى الآن العوائل ترفض العودة لسنجار بسبب القضف التركي والوضع الأمني السيء ورداءة الخدمات”.
وفي مداخلة مع موقع الحرة، قالت أميرة عطو، سفيرة السلام في مجلس السلام الدولي، إن الأيزيديات في المخيمات يعشن وضعا نفسيا واجتماعيا “صعبا”، مشيرة إلى أنه “بعد سبع سنوات من اجتياح داعش، لا تزال العائلات تعيش في المخيمات، فهل الحكومة تهملنا عن قصد؟”.
وقالت سفر إن المنظمات المحلية والدولية بذلت جهودا كبيرا، منذ 2014 وحتى الآن، لتقديم الدعم النفسي والاجتماعي لهؤلاء، لكن هذا الدعم “لا يكفي” بالنظر إلى حجم المعاناة خاصة بالنسبة للفتيات الصغيرات.
وأشارت إلى أنه “لم يتم تنفيذ قانون الناجيات فيما يتعلق بدعمهن ماديا وتخصيص رواتب، وما رأيناه مجرد وعود لا أكثر… هناك بطء في الإجراءات “.
وأضافت أن الناجيات أيضا “بحاجة لبرامج دعم طويلة الأمد. لا يكفيهن فقط شهور قليلة”.
ولا يزال أكثر من 120 ألفاً ممن عادوا إلى ديارهم من الأيزيديين يواجهون مصاعب تحول دون إعادة بناء حياتهم، كما يعيش أغلب الأفراد من دون خدمات حيوية، منذ صيف عام 2014، بما في ذلك الرعاية الصحية والتعليم ودعم سبل العيش.
ويقدر السكان المحليون وجود ما يصل إلى 80 مقبرة جماعية في منطقة سنجار، حيث جرى العثور على خمس منها فقط في قرية حردان الصغيرة، وضمت حوالي 150 جثة.