.
مع سريان مفعول الحزمة الثانية من العقوبات الامريکية على إيران في أجواء وظروف تکاد أن تميل معظمها لصالح الادارة الامريکية لازالت هناك تصريحات“متشددة“تطلق من طهران تٶکد العزم على مواجهة هذه العقوبات وإفشالها ملمحة الى التجارب السابقة بهذا المضمار، لکن هذه التصريحات لم تعد تثير إهتماما أو تلفت إنتباها لأن مختلف جوانب مشهد المواجهة الجارية بين الادارة الامريکية ونظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أکثر من واضح إذ لم يعد لطهران ماتخفيه بهذا الصدد، لکن هناك نقطة مهمة جدا وهي إن الشعب الايراني نفسه لايقتنع بالتصريحات المتشددة ويرى فيها مجرد هدر وإتلاف لوقت صعب وحساس على حسابه.
مع تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات الامريکية، فإن تصريحات الصمود والمقاومة وإفشال العقوبات لاتعني شيئا في ظل واقع إيراني مرير حيث وصلت نسبة التضخم الغذائي الى 70% وفقا لمٶشرات البنك المرکزي الايراني مٶخرا کما إنه قد تم تسريح 100 ألف عامل من قطاع تجميع السيارات في ظل تقديرات تٶکد بأن رقم العمال المسرحين سيصل الى 450 ألف إضافة الى إن إيران تشهد حاليا وجود 30ألف ممرض وممرضة عاطل عن العمل من جراء المضايقات المالية وعدم منح جواز التوظيف. ويجري هذا في وقت تٶکد فيه المصادر الطبية الايرانية بوجود نقص حاد في کادر التمريض، وإضافة الى کل ذلك، فإن حالة تأخر دفع الرواتب المستحقة للعمال والموظفين في سائر أرجاء إيران وفي مٶسسات وقطاعات مختلفة صارت هي الاخرى ظاهرة يمکن أن تصبح الشرارة التي توقد لهيب الانتفاضة من جديدخصوصا وإن الاضرابات والاحتجاجات الشعبية لاتزال مستمرة في مختلف المدن الايرانية.
الاوضاع المعيشية الصعبة التي يواجهها أغلبية الشعب الايراني الذي يرزخ 60% منه تحت خط الفقر ستزداد سوءا في ظل تطبيق الحزمة الثانية من العقوبات خصوصا وإن حکومة روحاني أعلنت بمنتهى الصراحة من إنها لن تفرط بالعملة الصعبة لدعم الاوضاع المعيشية الصعبة وتزامنا مع هذا فإن التقارير الواردة من داخل إيران تظهر أن الاقتصاد الإيراني يتهاوى بسرعة كبيرة حتى قبل بدء المرحلة الثانية من العقوبات الأميركية التي ستضرب قطاعات المال والنفط والطاقة الإيرانية، وهذا يعني بأن الارضية ستکون رخوة أکثر من اللازم ولن تتحمل أبدا ضغوطات النظام من أجل مواجهة العقوبات والصمود بوجهها لأن الشعب لم يعد يتحمل المزيد خصوصا وإن هذه العقوبات ليست کعقوبات عهد أوباما حيث کانت کل الامکانيات والمجالات متاحة أمام النظام للإلتفاف عليها بل إن حيز المناورة واللعب على عقوبات إدارة ترامب قليلة جدا ولن تنفع أبدا لتسيير الامور کما کان الحال في السابق.
المشکلة الاخرى التي تواجه طهران مع تنفيذ الحزمة الثانية من العقوبات، تتمثل في کشف مايمکن تسميته بالشبکة الارهابية لإيران وخططها في اوربا والولايات المتحدة الامريکية على مدى العامين المنصرمين، مع تزايد التصريحات الدولية والاقليمية وبصورة ملفتة للنظر والتي تشير الى أن إيران تعتبر أکبر راع للإرهاب في العالم، وهذا مايمکن أن يصبح بمثابة سکينة في خاصرة النظام، وکما إن الاوضاع الداخلية المتفجرة التي تقودها معارضة عنيدة لاتکل ولاتمل تمثل رهانا دوليا وإقليميا لممارسة ماهو أکثر من الضغط على النظام فإن ورقة النشاطات الارهابية للنظام في خارج إيران ستکون هي الاخرى أشبه بسيف ديموقليس المسلط على النظام والسٶال هو؛ مالجديد الذي يمکن أن يکون لدى النظام من أجل تغيير المعادلة لصالحه؟!