.
ينظر المجتمع العراقي، شأنه شأن باقي المجتمعات الشرق أوسطية، إلى المرأة المطلقة نظرة «دونية قاسية ومتخلفة» بالرغم من أن المطلقة هي المتضررة من عقد شراكة فاشل مع الرجل الذي يعتبر القائم على المرأة بكل الظروف والحالات، وبحسب مراقبين فإن عدة عوامل وأسباب أدت إلى تزايد اعداد حالات الطلاق في العراق، والتي تعد من أعلى النسب عالميا.
الرجل معفي من تبعات زواج فاشل
في هذا الصدد، تقول الناشطة والمدونة فاطمة الأسدي في حديث لـ (باسنيوز): «في مجتمعاتنا يُلقى كل حمل الطلاق على ظهر المطلقة وحدها، وكأن الزوج معفًى من هذه المسؤولية تماما، فالمطلقة هي المتمردة، أو الفاشلة التي يرجع لها وعليها فشل العلاقة، والتي كان من الضروري أن تصبر أكثر، وتتحمل أكثر، وتصمت أكثر، وتُوسع مدى طاقاتها أكثر وأكثر»، متسائلة «إلى متى ستبقى المطلقة خجلة من قرارها أو مصيرها؟».
وتضيف الأسدي «للطلاق نتيجتان من الممكن أن تنعكسا سلباً على المرأة، فتصبح الأب والأم معاً، وتدخل في حالة اكتئاب وتصبح مهمشة لا قيمة لوجودها، ويمكن أن يكون إيجابياً ويشكل تحدياً لها فتصبح مكافحة وتسعى لتثبت ذاتها»، مشيرة إلى أن «قرار الطلاق خطوة ليست بالسهلة، إذ أن تفكير المرأة يصبح مشتتاً، وتروادها مخاوف كثيرة من الوحدة ومسؤولية الأولاد وتقاليد المجتمع وقيوده».
ووترى المدونة فاطمة الأسدي، أن «أسباب حالات الطلاق هي تزايد الضغوط والمسؤوليات وعدم النضج والفهم الخاطئ للرجولة وقلة الخبرة، ولا ننسى أن بعض الحالات قد تحدث نتيجة إصرار المراة على العمل خارج المنزل وتمسكها بالوظيفة، وأخيراً قد تكون إحدى أهم الأسباب هو الفشل في اختيار الشريك المناسب، وفي السنوات الأخيرة كان للإنترنت والخيانة الزوجية دور أيضا في انفصال الزوجين عن بعضهما».
ويقول باحثون، إن الزواج التعيس يدفع المرأة للتخلي عن الكثير من الأشياء التي تميل إليها أو تحس أنها تستحقها في الحياة. ولذلك فإن الطلاق قد يدفعها لتصحيح الوضع والتوقف عن إهدار طاقتها في علاقة فاشلة.
وتؤيد الأسدي، فكرة الانفصال والبدء بحياة جديدة أخرى، مبينة أن «إنهاء الزواج غير المستقر أفضل من الاستمرار».
20% من حالات الزواج تنتهي بالطلاق
وبحسب الإحصائيات الرسمية في العراق، فإن «مجموع حالات الطلاق شهرياً في العراق تُقدر بحوالي عشرة آلاف حالة في مختلف المحافظات، وهي واحدة من أعلى نسب الطلاق في العالم، بحيث أنه ثمة حالة طلاق واحدة في البلاد كل أربعة دقائق، فيما 3% بالمائة من المتزوجين يتعرضون للطلاق سنوياً، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن ما يُقدر بـ20 بالمائة من حالات الزواج في البلاد تنتهي بالطلاق خلال السنوات الثلاثة الأولى من الزواج.
من جانبها تؤكد الناشطة في مجال حقوق المرأة رفاه حسين لـ (باسنيوز)، أن «الطلاق هو الحل السليم في حال انعدام التفاهم بين الزوجين»، مستدركة «إلا أنه لو كان هناك أطفال، ففي الحالتين الطفل هو الضحية لأنه سيتعرض لكثير من الضغوط والشد والجذب من الطرفين والذي يؤدي في النهاية إلى بناء إنسان مليئى بالضغوط النفسية».
وتقول حسين، إن «هناك الكثيرات من النساء المطلقات كان لديهن إرادة قوية واستطعن اجتياز هذه المحنة وعبرن إلى بر الأمان وبمساعدة أسرهن، حيث تغلبن على المشكلة».
ورغم تطور الحياة وانفتاح ثقافات العالم بعضها على بعض، وفي ظل المطالبة المستمرة بمساواة المرأة بالرجل، إلا أن بعض السيدات المطلقات لا يزلن يعانين من نظرة سلبية للمجتمع.
ويشير باحثون في هذا المجال، إلى أن كثرة حالات الطلاق في البلاد قد تتسبب بتحولات في المجتمع العراقي، إذ كانت مجموع الحالات في البلاد تتراوح بين 45-55 ألف حالة سنوية، حسب الإحصاءات المرصودة بين الأعوام 2004-2016، لكنها قفزت فجأة بعد ذلك لتتجاوز 100 ألف حالة سنوية في الأعوام التالية، أي ما يُقارب ضعف الحالات السنوية التي كانت من قبل.
ويعود ذلك إلى الظروف السياسية والأمنية الخاصة التي مرت بها البلاد خلال تلك السنوات، إلى جانب البنية القانونية الحقوقية التي تم تكريسها من قِبل الأحزاب الدينية.