تسيطر فصائل مسلحة على 3 بلدات في نينوى وعدة أحياء داخل مركز المحافظة الموصل.
وتقوم هذه الجماعات في تلك المناطق بالسيطرة على القرار الإداري والاستحواذ على الأراضي والعقارات الحكومية والمدنية. وتنقسم أشكال الاستحواذ الى عدة طرق: وضع اليد، شراء أراضي حكومية بأسعار تصل إلى 10% من قيمتها الأساسية، وتخويف السكان لبيع منازلهم بنصف السعر الحقيقي.
وتقوم هذه الجماعات بفتح أحياء سكنية جديدة وجلب سكان من قرى متناثرة في محاولة لتغيير ديموغرافي، بحسب ما يقوله سياسيون هناك، وتنتشر في المحافظة نحو ألفي صورة لزعامات إيرانية.
وبحسب مصادر سياسية في الموصل، فان الفصائل المسلحة والتي بعضها تدعي انتماءها إلى الحشد الشعبي، موجودة في 3 بلدات كبيرة، هي سهل نينوى، سنجار، وتلعفر.
كما تنتشر هذه الجماعات في داخل الموصل (مركز محافظة نينوى) في ثلاثة أحياء هي: الرشيدية، الكبة (القبة)، وشريخان.
دولة الفصائل!
ووفق المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه فإن “هذه الجماعات تتحكم بالقرار الإداري ولا تستطيع الحكومة المحلية تحريك موظف واحد”.
وتقوم هذه الجماعات في البلدات الثلاث بالاستحواذ على أراض زراعية هائلة ومجمعات سكنية خصصت لموظفي الدولة بسندات بعضها يعود لعام 1990. ومن هذه المجمعات الموجودة في منطقة الشلالات، ونحو 2000 قطعة أرض وزعت لموظفي معمل أدوية الموصل. وتقول المصادر، إن “الجماعات المسلحة تمنع التقرب أو البناء من الأراضي التي استحوذت عليها”، مبينة أن “بعض الأراضي سيطرت عليها بـ”كتب رسمية من بغداد”.
وتصل قيمة شراء بعض العقارات الصغيرة في المناطق التجارية في باب الطوب في الموصل بنحو 100 مليون دينار، بينما سعرها الحقيقي يصل إلى مليار ونصف المليار دينار.
ووفق المصادر، فأن عملية الشراء في داخل الموصل “تتم عن طريق وسطاء وأسماء مجهولة هي واجهة لتلك الجماعات المسلحة”.
وفي 2018 كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر قد أطلق تحذيرا حول المدينة، وقال حينها إن “الموصل في خطر”، داعياً إلى إنقاذها، وشكلت حينها لجنة في البرلمان وكشفت عن نشاطات اقتصادية غير شرعية.
وبحسب معلومات وردت إلى (المدى) آنذاك، فإن مسؤولين في بعض الفصائل المسلحة التي شاركت في تحرير الموصل نهاية 2017، خلعوا البدلات العسكرية وارتدوا بدلات رجال الأعمال، وبدأوا بالسيطرة على النفط والعقارات والمزادات في المدينة.
وقالت مصادر في المدينة حينها إن هناك أراض تابعة لهيئة الآثار ووزارتي النفط والدفاع في قلب المدينة “قد تم تقسيمها تمهيدا لبيعها إلى مواطنين”.
وأكدت المصادر أن جهات مرتبطة بشخصيات متنفذة في بغداد قامت بتقسيم أراضٍ كبيرة في منطقة التل الأثري التابعة للآثار قرب النبي يونس في الموصل، إلى 500 قطعة سكنية، وأن سعر قطعة الأرض (200 متر) وصل إلى مبلغ 70 مليون دينار.
وبحسب مسؤولين في الموصل فان تلك الأراضي تضم آثاراً كثيرة مدفونة.
وفي 2017 قام أحد المتجاوزين على تلك الأراضي بحفر متر واحد في الأرض ووجد قطعاً أثرية، تم تشكيل لجنة من المحافظة في حينها وتسليمها إلى الآثار.
وتؤكد المصادر أن تلك الجماعات، قامت بعمليات تقسيم لكثير من الأراضي في المدينة، وان تلك الجماعات تتحرك بمساعدة جهات من بلدية المدينة والتسجيل العقاري.
عقارات المسيحيين
في غضون ذلك يقول فواز الطيب، عضو الهيئة السياسية في حزب للعراق متحدون، ان “بعض المكاتب الاقتصادية التابعة لأحزاب وأشخاص مجهولين يشترون عقارات من مسيحيين بنص السعر أو اقل”.
ويضيف الطيب أن “منازل مثلا لمسيحيين في برطلة، في سهل نينوى، يبلغ سعرها 100 مليون، لكن تباع إلى تلك الجماعات بـ30 و40 مليون دينار، خصوصا وان أصحابها قرروا الهجرة وعدم العودة”.
وانخفض عدد المسيحيين في العراق إلى أقل من 50% بعد عام 2003، وقُتل منذ ذلك الحين، 1200 مسيحي في عموم البلاد، بينهم “700 قُتلوا على الهوية”. بحسب جمعيات مسيحية لحقوق الإنسان. وبحسب مصادر مطلعة في نينوى قالت لـ(المدى) ان “مجاميع يعتقد أنها تابعة لجماعات مسلحة تقوم بتزوير سندات سكان الموصل”، مقدرا “تزوير أكثر من 9 آلاف مستند، نصفها تقريبا لأملاك مسيحية”.
وكان نائب المحافظ حسن العلاف، قد قال في وقت سابق، إن “فصائل وأحزاب تسببت بضياع خمسة آلاف دونم لأراضي حكومية في الموصل” بسبب التزوير.
ووفق جهات حقوقية مسيحية فإن “نحو 200 ألف مسيحي كانوا يعيشون في الموصل وسهل نينوى قبل ظهور داعش في صيف 2014″، فيما أشاروا إلى أن العدد الحالي للمسيحيين في نينوى يصل إلى “نحو 25 ألف شخص”.
وتسبب تنظيم داعش بتدمير 130 ألف منزل اغلبها للمسيحيين في سهل نينوى، ونحو 20 كنيسة من أصل 30 في نينوى، بعضها يصل عمرها الى 1500 سنة.