هو ليس ببرنامج حزبي سياسي عابر، بل هو بحق وإنصاف، خطة وطنية لتعمير الوطن ولإسعاد ورفاهية الشعب.
هذا هو الانطباع الذي تراءى لي وأنا أتصفح فصول برنامج الحزب الشيوعي العراقي/ المسودة المقرر تقديمها إلى المؤتمر الوطني الحادي عشر للحزب، والمزمع عقده خلال هذا العام 2021.
وإذ يتيح الحزب الشيوعي العراقي وثائقه وبرامجه للنقاش العلني الشعبي وعبر جميع وسائل الإعلام وقبل اقرارها وتبنيها في مؤتمره الوطني، فهو يؤسس بحق لثقافة الشفافية والوضوح واحترام العقل الجمعي للشعب.
مسودة البرنامج الحالية هي الوثيقة الثانية التي ينشرها الحزب للنقاش العلني، بعد الوثيقة الأولى التي لا تقل أهمية عن هذه الوثيقة والتي تضمنت مسودة النظام الداخلي للحزب، والتي حظيت بمناقشات مستفيضة وسط منظمات الحزب وهيئاته، وأيضا من قبل المهتمين بالشأن السياسي العراقي، وقد نشرت صحيفة طريق الشعب ومواقع الحزب الاعلامية الاخرى العديد من الحوارات والنقاشات حولها.
ومن الممكن أن تشهد الفترة القادمة تقديم الحزب الشيوعي العراقي لوثيقة تقريره السياسي المقدم لاجتماع المؤتمر القادم للحزب.
وإذا كان البرنامج الحالي لا يبتعد كثيراً عن مضامين وفصول برنامج الحزب الذي أقره مؤتمر الحزب العاشر عام 2016، فأن من أسباب ذلك أن البرامج تغطي في العادة مرحلة زمنية طويلة نسبياً، وترتبط بالأحداث والتغييرات التي تصاحب أزمان تطبيقها.
والمتتبع للأحداث العراقية يراها قد راوحت طويلا ضمن أطر وخناق منظومة المحاصصة والفساد وخراب الهوية الوطنية. ورغم الملاحظة هذه فأن العديد من صفحات وفصول البرنامج قد توقفت بدقة وتفصيل وعناية وفهم واقعي، عند الكثير من الهموم والتطلعات والآمال الوطنية، راسمة سبل وطرق النهوض الوطني من كبوات التخلف والمعاناة الشعبية التي طالت الجميع.
هذا البرنامج سيكون مرشداً لعمل ونشاط منظمات الحزب ورفاقه، وهو أيضاً في نفس الشأن خطة عمل عملية صيغت بجهود حثيثة وتجارب نضالية ودراسة مستفيضة لواقع الشعب ومعاناة الناس.
وضمن هذا السياق كان من الممكن لهذه الوثيقة التوضيح أكثر في هذا الشأن، وهل أنها وثيقة تخص الشيوعيين والقريبين منهم من اجل تجسيدها خلال عملهم النضالي اليومي وأيضاً من خلال توليهم للمسؤوليات في الوظائف العامة الحكومية والمدنية، أم أنها موجهة للمعنيين في الدولة والحكومة للإستفادة من فصولها عند صياغة البرامج والخطط الوطنية.
الوضوح في خيار الحزب في اختيار الاشتراكية لبناء المجتمع مستقبلاً، يبقى أمراً مهما التأكيد عليه، وقد أصابت الوثيقة في اعتباره طريقاً خاصاً ببلادنا، ومن أجل التمييز عن فكرة استنساخ التجارب الأخرى، ليس لعدم جدوى وأهمية هذه التجارب الزاخرة بالدروس، بل لأن ظروف بلدنا والتشابكات المعقدة التي أحاطت بواقعنا الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، والتأثير المتعاظم للمحيط الاقليمي والدولي، قد تفعل فعلها في رسم ملامح مستقبل بلادنا وبناء الاشتراكية فيها..
في ديباجة البرنامج اشارة صريحة صائبة لاسترشاد الحزب بالفكر الماركسي وبدروس التجارب الاشتراكية والتراث الاشتراكي عامة، وكان من الممكن استكمال الجملة مباشرة مع جملة ( ويستوحي كل ما هو تقدمي في إرث حضارة وادي الرافدين، والحضارة العربية الإسلامية) وإلى نهاية الجملة، وإبدال كلمة ( كذلك) بالواو. كلمة وكذلك توحي بالمعنى الأقل في الصياغة.
في جملة ( ويرى الحزب في الفيدرالية، أي نظام الحكم الاتحادي، شكل الحكم المناسب للعراق، ويدعو إلى توطيدها في ٌاقليم كوردستان ) والخ الجملة…الجملة غير واضحة وتعني أن الفدرالية هي نظام الحكم الاتحادي، وأظن أن المقصود هي الفدرالية ضمن نظام الحكم الاتحادي الفدرالي.
عند الاشارة في الديباجة لاهتمام الحزب بالشبيبة، سيكون من المناسب التأكيد على ضمان حق الخريجين الشباب للحصول على فرص عمل، وضمانهم اجتماعيا في مؤسسات تأهيلية تعني بالعاطلين عن العمل.
فقرة ( وينحاز الحزب إلى عالم العمل وقيمه ) والخ الجملة، يفترض تقديمها في الديباجة، وأن تكون بعد فقرة ( ويعمل، في الوقت نفسه، على صيانة وحدة نضال الشعب العراقي ) الخ الجملة..لأهمية قضية العمال والعمل .
كلمة( قلة متضائلة )غير مناسبة لوصف تكريس وتعميق الفوارق على صعيد الثروة والدخل، ومن الممكن استبدالها ( قلة محدودة ) أو ( قلة صغيرة)، خصوصاً وأن هذه القلة لا تتضاءل بل تزيد في كل يوم..
الفقرة 5 من فصل بناء الدولة والنظام السياسي، أقترح تغييرها لتكون كالتالي :
أن يكون السلاح حصراً عند الدولة ومؤسساتها الشرعية، ونزعه من الفصائل والجهات، وكل المجموعات الأخرى الخارجة عن القانون…
من المهم الاشارة في فصل القطاعات الاقتصادية/ القطاع النفطي، الى أهمية الاسراع بتشريع قانون النفط والغاز، وحل الخلافات بين الحكومة الاتحادية وإقليم كوردستان..
وفي فصل الطاقة والكهرباء يبقى من الأهمية الإشارة الى انتهاج سياسة تجسيد استخدام الطاقة البديلة الضامنة للبيئة وإشاعة استخدام الطاقة الشمسية البديلة وغيرها.
في فصل قطاع السياحة يمكن الاشارة الى اهمية تشجيع السياحة الوطنية الداخلية، وتطوير الأماكن السياحية الطبيعية وخصوصا في مناطق الأهوار وفي جبال ومنتجعات اقليم كوردستان.
في الفصل الخاص بالمرأة تجدر الاشارة الى أهمية العمل والجهد من أجل الضغط والإسراع لتشريع قانون مكافحة العنف الأسري.
وفي مجال الشباب والثقافة يفترض الاشارة بوضوح الى أهمية اهتمام الدولة ببناء مرافق ثقافية ومنتديات للشباب، وخصوصاً المسارح والمكتبات العامة ودور الفنون التشكيلية والموسيقى.
في مجال الصحة سيكون من المفيد الاشارة الى أهمية انشاء مراكز صحية متخصصة بمعالجة مرضى الحروب والعنف، وأماكن متخصصة بمعالجة الأمراض النفسية وإدمان المخدرات، والعناية بالمتضررين من العنف وجرائم داعش.
في فصل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، أقترح اضافة الفقرة التالية :
إبلاء اهتمام خاص بالأنصار الشيوعيين الذين قاتلوا النظام الديكتاتوري، والعمل على الاعتراف بمشروعية نضالهم، وتوفير سبل الاهتمام بالشهداء والجرحى والمغيبين منهم، وتوفير سبل ضمان حمايتهم..
في فصل حقوق القوميات أرى من المهم الاشارة الى الكورد الفيلية والغبن والضيم الذي لحقهم جراء سياسة التهجير المعروفة، والدعوة لاحترام حقوقهم في الحصول على الوثائق العراقية وتخفيف معاناتهم في هذا الجانب.
في مجال العلاقات الخارجية، أرى من الصحيح التأكيد على أهمية توثيق الشيوعيين العراقيين علاقاتهم مع رفاقهم في الاحزاب الشيوعية في البلدان العربية ودول الجوار، سوية مع دوام العلاقة بكل الفصائل والقوى اليسارية والوطنية والمدنية.
في الفقرة 6 الخاصة بفلسطين في فصل العلاقات الخارجية، أرى ضرورة اضافة كلمة الشرقية الى جملة ( على أرض وطنه وعاصمتها القدس )، لكي تصبح هكذا :
على أرض وطنه وعاصمتها القدس الشرقية .