قبلَ عدة أيام عُرِض فيديو يتحدث فيه الرئيس الصيني – شي جيينغ – بقوله :[ إنّ بلاده لن تقبل بعد شهر بيع البضائع الصينية بغير عملتها الوطنية] ، ذلك التصريح يجعل المعنيين بالشأن الإقتصادي بأنه يؤشر إلى إنطلاق عهد جديد في مجال التعاملات لمختلف دول العالم ولا يكترث كثيراً أو عارفاً بما سيحصل لهيمنة واشنطن على السيولة النقدية العالمية وتأثيرها على التجارة وألإستثمار العالميين.
خطاب الزعيم الصيني يُشير إلى دخول عملة نقدية جديدة في مجال حركة المدفوعات الدولية إلى جانب الدولار واليورو والباون والين ولاسيما في توفير السيولة الدولية في ظل إنكماش ألإقتصاد ألأمريكي. إنّ حصة اليوان الصيني في سلة عملات صندوق النقدالدولي ضمن العملات ألأخرى يشكّل 11% حالياً وتلك النسبة تجعل اليوان أن يفرض نفسه إلى جانب ألعملات الدولية ألأخرى في المدفوعات الدولية. في الظروف الراهنة يبلغ ألإحتياطي ألنقدي ألإستراتيجي ( الذهب، الدولار، اليورو، الباون، الين) 3 تريليون دولار، والجزء ألأكبر منه هو الدولار بحصة 1 تريليون دولار أي أن الدولار يشكل ألجزء ألأكبر من ألإحتياطي ألأجنبي ألصيني,
إنّ الكثير من شعوب البلدان النامية والفقيرة لا تزال لا تُدرِك ألأسباب الحقيقية وراء إسقاط أنظمة حاكمة أو التخلص من بعض رؤوس ألحكم.. فألولايات المتحدة ألأمريكية ، في الظروف الراهنة، لا تستخدم ألإستعمار ألعسكري المباشر بَل إلى جانب إمتلاكها التكنولوجيا تمتلك ألسلاح ألإقتصادي ( الدولار) المهيمن على نظام ألمدفوعات الدولية والجهة ألتي تسيطر على ذلك هي – البنك الفدرالي ألأمريكي… ومَن يحاول المساس بتلك الهيمنة سيكون مصيره ألفناء، وإليكم أمثلة عديدة حسب تسلسلها الزمني:
1 – في عام 1969 كان الميزان التجاري بين فرنسا وأمريكا لصالح فرنسا، ارسلت أمريكا شحنات من الدولار إلى فرنسا لتسديد ديونها، لكن الرئيس ألفرنسي آنذاك – شارل ديغول- رفضَ إستلام الدولار وطلب من الرئيس ألأمريكي – نيكسون أن يكون ألتسديد بألذهب ونجحَ في ذلك، إصرار ديغول عرّضه لعدة محاولات إغتيال لكن جميعها باءت بألفشل.
2 – خلا حرب عام 1973 بين العرب وإسرائيل، نجحَت الدول العربية المنتجة للنفط بإستخدامه كسلاح ضد أمريكا ودول حلف الناتو… ومن أجل التخلّص من الهيمنة ألأمريكية/ بورصة النفط العالمية تُقاس بالدولار/، إقترحَ ملك السعودية – فيصل- إصدار الدينار العربي الموحد وتصدير النفط يكون بألدينار… بسبب ذلك التصريح تمَّ إغتيال الملك فيصل !.
3 – إعلان الرئيس ألليبي – العقيد الذافي- عزمه على إصدار ( الدينار الذهبي ألأفريقي) لعموم بلدان أفريقيا، مع العلم أن شركات النفط العاملة في ليبيا أمريكية، لكن هكذا إجراء سيقوّض من هيمنة الدولار على ألإقتصاد العالمي.
4 – قبل عدة سنوات، كان أحد المرشحين في ألإنتخابات الهولندية إسمه – فورتاون- خلال حملته ألإنتخابية ذكر بما معناهَ : أنّ على دول ألأوربية أن يكون تسليح جيوشها أوربياً ولا داعي لشراء ألأسلحة ألأمريكية… تلك الكلمات أدّت إلى إغتياله!.
لقد سبقت خطاب الرئيس الصيني حول جعِلْ اليوان عملة دولية إتفاقيات ظهور كُتل إقتصادية مِثل – بريكس( البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا)، تكون المدفوعات فيما بين تلك الدول بعملاتها الوطنية، وكذلك الحال في إتفاقية جمهوريات ألإتحاد السوفيتي السابقة/ بإستثناء أوكرانيا، جورجيا، جمهوريات بحر البلطيق : أستونيا، ليتوانيا، لاتفيا) .. إنّ الهدف من وراء تلك ألتكتلات ألإقتصادية هو التخلص من هيمنة الدولار على إقتصادياتها. لذا، فإنّ خطاب الزعيم الصيني يمثل تحجيم دور ألولايات المتحدة واللعب بمصائر شعوب العالم.