.
قبل 20 عاما، وتحديدا في صباح 11 سبتمبر 2001، شهدت الولايات المتحدة أعنف هجوم إرهابي في تاريخها.
وفي تلك الهجمات اختطف 19 من أعضاء القاعدة 4 طائرات تجارية، واصطدمت اثنتان منها بأبراج مركز التجارة العالمي في مدينة نيويورك، وثالثة في مقر وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” خارج واشنطن العاصمة.
وتحطمت الطائرة الرابعة في ريف بنسلفانيا بعد أن حاول الركاب استعادة السيطرة.
وسقط 2753 شخصا في الهجمات التي غيرت مجرى التاريخ خلال العقدين الماضيين، لكن خلال الـ 20 عاما لم تشهد الولايات المتحدة والعالم تكرار لهجمات بهذا الحجم، فهل كانت نتيجة تغير في عمل الاستخبارات الأميركية والعالمية، ودخول التنظيم الإرهابي في مرحلة كمون؟
11 سبتمبر
وقال الباحث في شؤون الجماعات المتشددة، أحمد سلطان، لموقع “سكاي نيوز عربية”: “إن هجمات 11 سبتمبر، بدأت في التفكير أولا منذ 1987، ومن أجل الإعلان عن تنظيم، ويثبت أنه ليس عميلا للولايات المتحدة، ولكن في ذلك الوقت لم يكن لديهم القدرة ولا والإمكانيات لتنفيذ هذا الهجوم”.
ولكن فكرة استهداف الولايات المتحدة بطائرات، جاءت بعد تحطم طائرة الخطوط المصرية ذات الرحلة رقم 990 في مياه المحيط الأطلسي في أكتوبر من عام 1999، بعد عودتها من الولايات المتحدة.
وقال زعيم القاعدة آنذاك أسامة بن لادن “لماذا لم يحطمها على بناية ما؟” وبعد ذلك بات بن لادن، والقيادي بالتنظيم خالد شيخ محمد يفكران في هجوم إرهابي باستخدام الطائرة يستهدف الولايات المتحدة.
الحرب الأميركية على الإرهاب
وأضاف الباحث أن هجمات 11 سبتمبر فتحت أبواب جهنم على تنظيم القاعدة الارهابي والجماعات الأخرى فأعلنت واشنطن الحرب العالمية على الإرهاب، فأفقدت قدرة القاعدة على تكرار 11سبتمبر.
وفي خطاب أمام جلسة مشتركة للكونغرس الأميركي، حدد الرئيس جورج بوش الابن، في 20 سبتمبر، ما وصفه بأنه ” حرب عالمية مفتوحة على الإرهاب”.
وأعلن عن إنشاء وزارة للأمن الداخلي لحماية الولايات المتحدة من الهجمات المستقبلية، محذر العالم من “إما أن تكون معنا أو مع الإرهابيين”.
وفي نهاية أكتوبر2001 وقع بوش الإبن على قانون “باتريوت”، وهو تشريع يهدف إلى تعزيز استجابة الحكومة الفيدرالية لمكافحة الإرهاب، لتعزيز التعاون بين سلطات إنفاذ القانون ووكالات الاستخبارات؛ ووضع تعريفات وعقوبات جديدة للنشاط الإرهابي، وتوسيع المراقبة المحلية بشكل كبير.
أيضا قادت الولايات المتحدة برامج مكافحة الإرهاب العالمية من خلال تقديم التدريب ودعم الحكومات التي تحتاج إلى قدرات لمحاربة مجموعات وشبكات وخلايا التهديد المحلية والإقليمية.
وأوضح سلطان أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن لم يحسب بدقة رد الفعل الأميركي، وأقصى ما كان يتوقعه من رد أميركي هو ضرب معسكرات القاعدة، كما حدث بعد استهداف معسكرات القاعدة في السودان وأفغانستان بصواريخ كروز ردا على استهداف التنظيم الإرهابي سفارات الولايات المتحدة في كل من دار السلام (تنزانيا) ونيروبي (كينيا)، أو انسحاب نهائي من الشرق الأوسط على غرار الانسحاب الأميركي من الصومال في عام 1993.
ولكن إعلان واشنطن الحرب العالمية ضد الإرهاب من قبل إدارة بوش الابن، كانت فوق توقعات القاعدة، مما أدى إلى خلافات داخل صفوف قيادة التنظيم الإرهابي وحالة من “التملل” من قيادة التنظيم، وقضت على المعسكرات الآمنة للقاعدة في أفغانستان، وفقا للباحث في شؤون الجماعات الاسلامية.
خسارة القيادات
وتابع سلطان: “إن التنظيم فقد القدرة على التخفي والاستمرار في شن هذه الهجمات، مع حالة الاستنفار لدى أجهزة الاستخبارات العالمية في مواجهة التنظيم الإرهابين وتغير عمل هذه الاجهزة من أجل مواجهة التنظيم.
كذلك خسر التنظيم العديد من قياداته الفاعلين وعناصره في هجوم الولايات المتحدة على أفغانستان سواء بالاعتقالات أو القتل، مما أفقده القدرة على العمل ومواصلة قدراته الارهابية، وفقال لسلطان.
أيضا، قال الصحفي الأميركي، غاريت غراف، في تقرير نشره “مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي، إنه وفقا لأحد المقاييس المهمة ، نجحت الحرب الأميركية على الإرهاب، فالقاعدة أو أي منظمة إرهابية أخرى لم ينجحوا في شن هجوم عن بُعد يقترب من ما حدث في 11 سبتمبر.
ولفت إلى أن مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن والعديد من مستشاريه المقربين أو تم اعتقالهم.
وأبرز من قتل في هجمات أميركية، عمار الرقيعي، المُكنى بأبي الليث الليبي، القيادي الثالث في تنظيم القاعدة، قتل في 2008 بمنطقة مير، شمال وزيرستان، شمال غربي باكستان، وقتل شوقي مرزوق عبد العليم دباس المعروف بـ” خالد حبيب” أبرز القادة القاعدة في غارة أميركية في 2008 على الحدود الأفغانية الباكاستانية.
إضافة إلى مقتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن في 2011، ومقتل أنور العولقي الأميركي المولد في غارة في اليمن 2011، وزعيم التنظيم في اليمن ناصر الوحيشي قتل بغارة أميركية في 2015، ومقتل حمزة بن لادن نجل أسامة بن لادن المرشح لوراثة الظواهري قتل في 2019.
وفي سبتمبر اعلن مقتل أمير تنظيم القاعدة في شبه القارة الهندية ورئيس اللجنة التشريعة داخل تنظيم القاعدة “عاصم عمر”، وقتل المسؤول الثاني في تنظيم القاعدة عبد الله أحمد عبد الله المكنى “أبو محمد المصري” في إيران، أغسطس 2020، وكذلك قتل قاسم يحيى مهدي الريمي المعروف بـ”أبو هريرة الصنعاني” قائد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بغارة لطائرة بدون طيار في اليمن في يناير 2020.
كما يحاكم كلا من خالد شيخ محمد، الذي يعرف بـ “العقل المدبر” لهجمات 11 سبتمبر، وعمار البلوشي ووليد بن عطاش ورمزي بن الشيبة ومصطفى الهوساوي، امام المحاكمات العسكرية في في سجن غوانتانامو منذ عام 2006.
تآكل التمويل
وأوضح الباحث في شؤون الجماعات المتشددة أن من أبرز أسباب عدم تكرار هجمات 11 سبتمبر، هو تآكل القدرات المالية لتنظيم القاعدة،التي تراجعت مع نشاط واستنفار الاستخبارات الأميركية والعالمية لمواجهة مصادر تمويل القاعدة.
وتشير التقديرات إلى معاناة القاعدة في عمليات التمويل، وفي 3 يونيو 2009 ، أصدر بن لادن نداء من أجل “الصدقة والدعم” لمنتسبي القاعدة لدعمهم ماليا.
وفي أغسطس 2009 ، ناشد أيمن الظواهري المسلمين الباكستانيين على وجه الخصوص “لدعم الجهاد والمجاهدين بأفرادكم ، ثروتكم”.
وأدت وفاة بن لادن عام 2011 مع مقتل أو اعتقال قادة آخرين في القاعدة ، إلى تدهور اتصالات الجماعة ودعمها المالي وتسهيلها للهجمات الإرهابية، وفقًا لوزارة الخارجية الأمريكية.
ويرى مجلس العلاقات الخارجية” الأميركي أن تنظيم القاعدة اليوم ليس كما كان عليه قبل عشرون عاما، فمؤسّسه أسامة بن لادن، مات منذ زمن عشر سنوات، والوضع الصحي السيئ لخليفته أيمن الظواهري، ومقتل الرجل الثاني في التنظيم، أبو محمد المصري، تشير إلى أن تنظيم القاعدة يعاني من أزمة قيادة مع غموض موقف القيادي الأبرز لخلافة الظواهري “سيف العدل المصري”.
وشنت القاعدة بعد 2001 عدة عمليات ليست بالقوة التي شهدتها هجمات 11 سبتمبر، منها تفجير جزيرة بالي الإندونيسية 2002 ، وتفجيرات المملكة العربية السعودية 2003 ، وتفجير مدريد 2004 ، وتفجير لندن عام 2005.
كما أعلن التنظيم الإرهابي مسؤوليته أيضًا عن عدة عمليات فاشلة، بما في ذلك محاولة تفجير الطائرة التي كانت تقوم برحلة من امستردام الى ديترويت يوم عيد الميلاد 2009، ومحاولة تفجير ساحة تايمز في مدينة نيويورك 2010.